العدد 861 - الخميس 13 يناير 2005م الموافق 02 ذي الحجة 1425هـ

سفراء "تسونامي"

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حسنا ما فعلته بعض فعاليات المنامة، مساء الأربعاء الماضي، بإقامة حفل تأبين لضحايا كارثة "تسونامي"، التي ذهب ضحيتها 159 ألفا بحسب آخر الاحصاءات.

بعد انفضاض الجمع دار بعض الكلام بين الحاضرين في مأتم العجم الكبير، إذ نظم حفل التأبين، بمشاركة عدد من الجمعيات الخيرية والاسلامية في العاصمة، والملاحظة التي كانت موضع اتفاق بينهم هي عدم وجود عمامة واحدة، بيضاء أو سوداء، تمثل رجل الدين الاسلامي في هذا البلد. وتمنى أحدهم لو حضرت عمامة واحدة على الأقل، لما يمثله حضورها من رسالة تعاطف إنساني، سيقرأها عدد من سفراء الدول المنكوبة، الذين حضروا وتأثروا كثيرا لهذه الفعالية "الشعبية" التي تحسب لهذا البلد العزيز قبل أن تحسب لأصحابها.

عندما سألت عن الفعالية قيل لي إنها كانت ناجحة جدا، وخصوصا من جهة إرسال رسالة انسانية لها وزنها النفسي الكبير في هذه المحنة الكبرى، لاخواننا وجيراننا الآسيويين، ممن فقدوا أحبابهم وأقاربهم وجيرانهم.

فكرت في السبب وراء غياب رجال الدين، ربما هو الانشغال بالسفر للحج، أو بأنشطة أخرى، وربما... وربما، ولكن طافت بذاكرتي تلك الأحاديث الكثيرة، المكتوبة والمنطوقة، عن عقاب الله - تعالى الله - لأولئك العصاة الآسيويين المجرمين، نظرا إلى الصورة النمطية السائدة لدينا عن السياحة "غير النظيفة" المنتشرة في تلك البقعة من العالم، كأن سياحتنا أكثر نظافة من سياحتهم، وكأن الله سبحانه لم يجد أكثر فسوقا على وجه الأرض من هؤلاء الجياع والعرايا. تعالى الله عما يتصوره مسلمو القرن الحادي والعشرين علوا كبيرا.

ولكن هل ننسى أن غالبية الضحايا كانوا من أكبر بلد اسلامي، من سكان جزيرة سومطرة الاندونيسية؟ أليس الاندونيسيون هم أكبر كتلة بشرية نشاهدها بين حجاج بيت الله الحرام كل عام؟ وحتى لو لم يكونوا مسلمين، أليسوا نظراءنا في الانسانية؟

مسألة أخرى، تطرحها هذه الكارثة علينا، وهي المقارنة بين طريقتين من طرق التفكير في التعاطي مع الكوارث الطبيعية، فبينما تتجه عقولنا نحن المسلمين إلى غضب السماء، نرى الآخرين يفكرون في البحث عن الأسباب الطبيعية، فيخططون لوضع مراصد للتنبؤ بالزلازل، ليتسنى لهم إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما يجعل ضحايا الكوارث الطبيعية في حدود العشرات في أميركا وأوروبا واليابان، بينما إذا ضرب زلزال مصر أو إيران أو الجزائر، دفن عشرات الآلاف من الضحايا تحت أنقاض المدن المتداعية تحت الركام.

هناك يفكرون في الموضوع باعتباره مشكلة علمية فيبحثون عن طرق لتلافيها ما أمكن أو التخفيف من تبعاتها، أما نحن فنفكر في أن الله "غاضب" لا محالة على هؤلاء الفقراء الذين يعيش أكثرهم تحت خط الفقر، وبالتالي هل من التقوى والورع أن نهب لإنقاذ من عاقبهم الله؟ هل عرفتم لماذا غابت العمائم عن حفل تأبين ضحايا "تسونامي"؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 861 - الخميس 13 يناير 2005م الموافق 02 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً