كعادة اليهود، شعب لا يحترم المواثيق منذ صدر الإسلام وحتى يومنا الحاضر. فقد خانوا الرسول "ص" في المدينة وألبوا عليه قبائل الجزيرة العربية لتحاصره في غزوة الخندق. وبالأمس خرقت دولتهم العبرية كل تعهداتها أمام المجتمع الدولي وكل كبار الزوار الدوليين الذين جاءوا في الفترة الأخيرة للأراضي المحتلة إذ وعدتهم بتسهيل الانتخابات الفلسطينية من خلال سحب جيش الاحتلال من المدن الفلسطينية، وإزالة جميع الحواجز والسماح للمقدسيين بالتصويت بحرية.
وفي يوم عرس الفلسطينيين الديمقراطي كانت "إسرائيل" بالمرصاد. حلقت مروحياتها على ارتفاع منخفض فوق رؤوس المواطنين فروعتهم. وأطلقت الدبابات قذائفها على تجمعاتهم. والأخطر من ذلك هدد رجال الموساد كل شاب من القدس المحتلة بالتصفية الجسدية إذا قام بالإدلاء بصوته، ووضعت حواجز جديدة على الطرقات وحصر التصويت في مكاتب البريد إذ لم يجد غالبية سكان المدينة أسماءهم في السجلات ما أحبط معنوياتهم.
كل هذا من اجل أمرين: الأول، حتى لا تكون هناك شرعية فلسطينية على المدينة وتصبح عاصمة للفلسطينيين. والأمر الثاني، لكي تمكن المرشح الوحيد الذي تريده من الفوز. وفعلا حينما لم تجد الغالبية أسماءها لجأت لجنة الانتخابات إلى تمديد فترة التصويت واعتماد الهوية في الاقتراع ما أحدث فوضى.
لم يكن فوز أبو مازن مفاجئا للجميع، إذ هيأت له "اسرائيل" والقوى الإقليمية والدولية الفرصة لذلك. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سيفي اليهود بوعودهم وينفذون "خريطة الطريق" التي تنص على قيام دولة فلسطينية مستقلة. كل الدلائل تشير إلى غير ذلك. فقريبا سيقلبون لـ "أبومازن" ظهر المجن، كما قلبوه للزعيم الراحل ياسر عرفات الذي لم يكن أقل منه رغبة في السلام. فاليهود يريدون منه المساومة ومحاربة ما يسمونه الإرهاب المتمثل في المقاومة وبالتالي الوصول إلى اقتتال داخلي. وقديما صدق فيهم قوله تعالى "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه" "المائدة: 13"
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 859 - الثلثاء 11 يناير 2005م الموافق 30 ذي القعدة 1425هـ