بدأ أمس في أبوظبي المؤتمر السنوي العاشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت عنوان «الاعلام العربي في عصر المعلومات» هادفا إلى استخلاص نتائج مهمة لاثراء النقاش بشأن الاعلام العربي الذي حقق تطوراً كبيراً بعد انتشار نحو فضائية عربية وتوسع استخدام شبكة الانترنت ما ساهم في تعاظم تأثير وسائل الاعلام العربية على حياة الملايين من الناس، بالاضافة إلى تأثر هذه الوسائل بما تطرحه وسائل الاعلام الدولية.
تحدث ولي عهد دبي الشيخ حمد بن راشد آل مكتوم في بداية المؤتمر في كلمته عن أهم القضايا التي تهم الاعلام العربي، والأمل ان شخصاً لديه من السلطة والصلاحية الكبيرة ان تجد كلماته مجالها للتنفيذ. فقد اشار إلى انه «لا سلطان على الاعلامي إلا الضمير»، وقال إن الفكر الشمولي قد وجد في الاعلام فرصة سانحة استخدمها للتسلط على الآخرين، وحوّل الاعلام من الكشف عن الاخطاء الى التستر عليها... ولكن وبعد ان تكاثرت الهزائم القى الفاشلون اسباب هزائمهم على المؤامرات الداخلية والخارجية، وقال انه من حسن الحظ ان هذه الحقبة قد انتهت بعد ان فتحت الفضائيات العربية اعين الناس على عصر جديد. وقال إن التحديات امام الاعلام العربي هي تعزيز الصدقية والموضوعية، والصعود بالجانب التقني الى اعلى مستوياته والمنافسة على اسس عالمية والتخلص من القوانين المقيدة للرأي والحريات.
وزير الإعلام الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان واصل الحديث الذي بدأه الشيخ محمد بن راشد عن ضرورة الاصلاح وان يقوم الاعلام بدوره الرئيسي في عملية الاصلاح والتغيير مع الحفاظ على الهوية الوطنية والعربية والاسلامية.
الشيخ عبدالله بن زايد رفع المطلب نفسه الذي يرفعه العاملون في الحقل الاعلامي عندما قال «تجب إعادة النظر بصورة شاملة في قوانين الطباعة والنشر... وان إعادة النظر هذه يجب ان تتصف بإعادة تكوين كاملة وليست تعديلات هنا وترقيعات هناك وعلى الاعلام الخليجي الذي لا يختلف عن الاعلام العربي والدولي في شيء ان يضطلع بدوره في عصر المعلومات».
وقال انه يشجع الابداع حتى لو ادى ذلك إلى احراج الحكومات، لأن الاعلام اذا لم ينتقد فانه لا يستطيع ان يمثل ضمير الرأي العام... داعيا المنابر الاعلامية إلى عدم تبرير الاخطاء.
المستمع الى شخصيتين لهما في السلطة ما يكفي لاحداث التغييرات المطلوبة يزداد تنازلاً، وأملنا ان تجد هذه العبارات مجالها للتطبيق في جميع وسائل الاعلام الخليجية والعربية. فلو أخذنا الصحف الخليجية مثالاً فإنا سنجد ان الكويت والبحرين فقط لديهما تجربة أوسع من غيرهما، وأملنا في توسيع هامش الحرية الحالية في البحرين وان تلحق بقية الصحف الخليجية بهذا النهج المتحضر الذي يدعو إليه مسئولون كبار في الخليج.
وفي البحرين، قدم المفكر علي فخرو ورقة مهمة عن تأثير وسائل الاعلام العربية في التعليم، وكيف ان الوسائل الاعلامية الغربية المتطورة خلقت «دكتاتورية اللحظة»... وهي دكتاتورية «الاستعجال الدائم»، وماذا يحدث الآن وبصورة مختصرة... وهذا الاختصار في كل شيء له آثار سلبية على المشروع النهضوي، فما هو مرغوب في الاخبار هو خبر النجوم من جانب أو إذا كانت في بلداننا العربية فهي نشر الاخبار المكررة عن «حب الخشوم» والتركيز بصورة مملة على «ترسيخ الخضوع» للمسئول الرسمي بدلا عن الاستفادة من وسائل الاعلام في تنمية الحوار عن قضايا الشأن العام.
مؤتمر نوعي يحضره مئات الاعلاميين والمفكرين العرب برعاية من مسئولين في الحكومة الاماراتية يفتح الافاق وينطلق بالافكار... لعلها تجد تطبيقاً في بلداننا التي مازالت تأبى اللحاق بعصر المعلومات
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 857 - الأحد 09 يناير 2005م الموافق 28 ذي القعدة 1425هـ