العدد 2395 - الجمعة 27 مارس 2009م الموافق 30 ربيع الاول 1430هـ

عهد «القوة الصلبة» انتهى

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بعد خطابه المفاجئ للقيادة والشعب الإيراني قبل أسبوع، أفصح أمس الرئيس الأميركي باراك أوباما أيضا عن استراتيجية جديدة تجاه أفغانستان وباكستان تهدف إلى الانتصار على المتشددين، مؤكدا انتهاء السياسة الأميركية السابقة المعتمدة على «القوة الصلبة»، إذ سيتم توجيه الجيش الأميركي في أفغانستان للتركيز على تدريب وزيادة عدد الجيش الأفغاني والشرطة الأفغانية لكي يتمكنا من تولي القيادة في تأمين البلاد والسماح بعد ذلك للقوات الأميركية بالعودة إلى بلادها. كما ستركز الاستراتيجية الجديدة على زيادة الخبراء المدنيين على الأرض للمشاركة في وضع وتنفيذ سياسات مستديمة تصب في صالح الناس العاديين، سعيا إلى عزل وتعطيل وتفكيك وهزيمة «القاعدة» وغيرها من التنظيمات المماثلة في باكستان وأفغانستان.

إن هذا التوجه الجديد للسياسة الأميركية يؤكد فشل السياسة السابقة التي اعتمدت منطق «القوة الصلبة» فقط لحسم الأمور... أما الآن فإن إدارة أوباما تطرح مفهم «القوة الذكية» المصحوبة بالوسائل السياسية والإقناعية والمدعومة بالمساندة التدريبية والتأهيلية.

لقد كان لمفهوم «القوة الصلبة» الذي طرحه الرئيس السابق جورج بوش أثرا مدمرا على الأمن والاستقرار في كل المناطق التي نفذت فيها هذه السياسة، والانتصارات التي تحققت في العراق على المنظمات الإرهابية إنما جاءت بعد تعزيز قدرة القوات الوطنية الشرعية ومشاركة الأهالي في العملية السياسية وذلك بعد فتح قنوات الحوار والمصالحة والمشاركة السياسية الفاعلة.

أما في أفغانستان، فإن عودة حركة طالبان وتنظيم «القاعدة» ارتبطت بضعف أداء الحكومة وانعزالها عن المجتمع، ولذا فإن المواطنين لم يكن لديهم خيار سوى السكوت عن «طالبان»، ولاسيما مع ضعف الأداء الحكومي وعدم وفاء حكومة قرضاي بما وعدت. وعليه، فإن استراتيجية أوباما أعلنت التحول من لغة «الرصاص والقنابل» إلى لغة «تحقيق التنمية المستدامة» من خلال الخبراء المدنيين الذين سينفذون مشروعات على أرض الواقع يتلمس فائدتَها الناسُ العاديون، وبالتالي فإن بإمكان هؤلاء الناس أن يروا لاحقا أن الدفاع عن الحكومة هو دفاع عن مصالحهم أيضا، وليس دفاعا عن قرضاي الذي لا يسمعون إلا اسمه في الأخبار.

لعل أوباما سعى إلى أن يحقق تغييرا جوهريا عن سياسة من سبقه بالتوجه مباشرة إلى قلوب وعقول الناس العاديين، وفي الوقت ذاته يوجه رسائله إلى القيادات العسكرية والمدنية في بلاده وفي البلدان المعنية، وملخص هذه الرسائل هو أن استخدام «القوة الصلبة» لوحدها لا يمكن أن يحل أية مشكلة، صغيرة أو كبيرة، وأن هناك حاجة لتشغيل العقل وتحريك قنوات الحوار السياسية والوصول إلى قلوب الناس العاديين لكي يتمكن الجميع من الخروج من الأزمات. ولعل مثل هذه الرسالة لا تنطبق فقط على وضع مأساوي ومعقد في أفغانستان فحسب، وإنما في أي مكان آخر ولأية مشكلة تحمل في طياتها تفاصيل لا تختلف كثيرا عمّا نراه ونسمعه في هذا البلد أو ذاك... فلقد ولّى عهد «القوة الصلبة».

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2395 - الجمعة 27 مارس 2009م الموافق 30 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً