يعزو خبراء ومحللون التوجه السائد حاليا لدى الكثير من زعماء دول أميركا اللاتينية إلى تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية مع الصين إلى خيبة أملهم من الموقف الأميركي - الأوروبي الذي تعامل مع قارتهم بنوع من الازدراء والتجاهل.

فقد شهد شهرا مايو/ أيار ويونيو/ حزيران الماضيان قيام كل من الرئيس البرازيلي لويس أناسيو داسيلفا والرئيس الأرجنتيني، بيستور كيرتشنر بزيارة منفردة للصين سعيا وراء صفقات تجارية واستثمارات. وأمضى الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز مناسبة عيد الميلاد في العام 2004 في بكين حيث دعا إلى شراكة في مجال الطاقة مع الصين، ما سيكسر اعتماد النفط الفنزويلي على الولايات المتحدة التي تستورد نحو 25 من احتياجاتها من النفط من فنزويلا.

ويسعى اهتمام أميركا اللاتينية الاقتصادي المتنامي في الصين إلى فتح أسواق جديدة لصادرات القارة واجتذاب المزيد من الاستثمار الصيني الموجه إلى الخارج إلى أميركا اللاتينية، وتأمين اتفاقات مشروعات مشتركة لتطوير بنى تحتية جديدة ومشروعات صناعية في أميركا اللاتينية بتمويل صيني ومساعدة فنية أيضا. وبالنسبة إلى زعماء مثل لولا وتشافيز فإن الشراكة الاستراتيجية مع الصين تشمل أيضا تعزيز إطار جيوبوليتيكي متعدد الأقطاب مما يتحدى الهيمنة الأميركية. وترى بكين أولوية كبيرة لتعزيز روابطها التجارية والسياسية مع الأقطار الرئيسية في أميركا اللاتينية مثل الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وفنزويلا. وتأكيدا لهذا الاهتمام قام الرئيس الصيني هو جنتاو في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بجولة استغرقت أسبوعين شملت الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وكوبا، إذ وقع 39 اتفاقا ثنائيا قيمتها 30 مليار دولار في مجالات الاستثمار والتجارة والملاحة الجوية والرحلات الفضائية والسياحة والتعليم من بينها 20 مليار دولار من الاستثمارات في الأرجنتين بما فيها خمسة مليارات في صناعة النفط و500 مليون دولار للاستثمار والتجارة في كوبا. وتعهد جنتاو بأن تستثمر بلاده أكثر من 100 مليار دولار في أميركا اللاتينية خلال العقد المقبل. وترى الصين في أميركا اللاتينية سوقا رئيسية آخذة بالظهور بوجود إمكانات كامنة لها لتزويد الصين بالمواد الخام التي تحتاج إليها بكثرة ولاستيعاب الموجة المتنامية من بعض الصادرات الصينية الرخيصة مثل الأنسجة والأحذية والإلكترونيات، وهو ما قد يعرض بعض الصناعات في دول أميركا اللاتينية إلى الخطر مثل النسيج والملابس والأحذية وغيرها من البضائع الاستهلاكية. ولاتزال التجارة بين أميركا اللاتينية والصين صغيرة بالمقاييس العالمية، إذ وصلت إلى 26,8 مليار دولار في العام 2003 و21,4 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي، وترى مصادر اقتصادية أميركية أنها قد تتضاعف بسهولة لتصل إلى أكثر من 50 مليار دولار