تنظر محكمة التمييز قضية معلمة متهمة بسبّ حفيدة نائب، إذ كانت محكمة الاستئناف الكبرى الجنائية أيدت حكم محكمة الدرجة الأولى ببراءة المعلمة المتهمة بسبّ حفيدة نائب مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية في قضية مرفوعة من طالبة وهي حفيدة أحد النواب ضد معلمتها.وتتمثل تفاصيل القضية في أن الطالبة قدمت دعوى ضد معلمتها لقول الأخيرة للأولى «يالوقحة»، إذ تقدم أهالي الطالبة بشكوى ضد المعلمة لدى النيابة العامة التي أحالت المعلمة إلى المحكمة مطالبة بمعاقبتها، بعد أن وجهت لها تهمة السب. وتطالب الطالبة بتعويض مادي قدره ألف دينار عن الضرر الذي لحق بها.
وتعود وقائع القضية بحسب ما أوضحها وكيل المعلمة المتهمة المحامي محمد التاجر إلى أن «موكلتي تعمل معلمة في مدرسة إعدادية للبنات واقعة في محافظة المحرق التي تدرس فيها المجني عليها. وقد حدث بتاريخ 31 يناير/ كانون الثاني 2007 أن جاءت الشاكية حفيدة أحد النواب إلى الفصل في حصة المعلمة المتهمة متأخرة عن الوقت المحدد لقبول دخول الطالبات فأرسلتها إلى المشرفة لتجلب تصريحا بالدخول، ونقلت لها إحدى الطالبات في الفصل أن المدرسة بعد أن انصرفت ذاهبة إلى المشرفة قالت عنها وقحة، لتفاجأ بعد أشهر باستدعاء النيابة العامة التي أسندت إليها تهمة السب، قولا منها إنها قالت لها «يالوقحة» ونفت المتهمة توجيهها ذلك اللفظ إلى الشاكية».
ودفع وكيل المعلمة المتهمة المحامي التاجر برفع الدعوى من غير ذي صفة، موضحاَ أن «الطعن حق للمحكوم عليه يمارسه أو لا يمارسه بحسب ما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه مباشرة في هذا الحق، طالما أن سنه تجاوز سن 15 سنة، ولم يعد حدثا»، مشيرا إلى أن «البيّن من أوراق الدعوى ومنها البلاغ المقام من والد المدعية لدى شرطة المحرق، على حين أن المجني عليها من مواليد العام 1992 أي أنها تعدت الخامسة عشرة من العمر وقت الادعاء، ولذلك إن الدعوى تكون مرفوعة من غير ذي صفة؛ مما ينبغي عدم قبولها».
ودفع التاجر بعدم توافر الركن المعنوي للجريمة وهو القصد الجنائي، إذ قال: «إذا افترضنا جدلا قيام واقعة السب فإن المتهمة لا تعلم أن لفظ (تصرفت معي بشكل وقح) التي تدعي المجني عليها أن المتهمة قالتها يجرّمها القانون، وقد قالتها واصفة أفعال المجني عليها بعد ما ردت عليها بشكل غير لائق وغير مبالية بكونها مدرستها ويناط بها تربيتها وتهذيبها، ومما لا شك فيه لو كانت المدرسات يعلمن أن لفظ مثل «وقحة» ستجلبها إلى المحكمة لما دخلت الجامعة ولما فكرت آلاف الجامعيات في الدخول في سلك التدريس».
ودفع التاجر بانتفاء الجريمة لوجود سبب من أسباب التبرير، مستندا في ذلك إلى «نصوص المادتين (15) و(16) من قانون العقوبات، التي تشير أولها إلى (... لا جريمة إذا وقع الفعل قياما بواجب يفرضه القانون)، والأخرى (لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون أو العرف)». مضيفا «ولمّا كان ذلك وإن القانون قد اعترف بحق الآباء والأساتذة في تأديب أولادهم وتلاميذهم، ثم أحال إلى العرف العام لتحديد نطاق هذا الحق ويساهم هذا العرف في بيان حق التأديب وشروطه وغايته».
ونفى التاجر أن يكون المشرّع «حدد أفعال التأديب التي يلجأ إليها الآباء والأساتذة لتأديب أبنائهم وتلاميذهم»، معتبرا ذلك «يمكن أن يكون في صورة اللوم أو التوبيخ أو التعنيف والزجر، كما قد تصل إلى الضرب الخفيف الذي لا يترك أثرا»، لافتا إلى أن «المشرّع قصد من تبرير حق التأديب تهذيب الشخص الخاضع تحت إشراف صاحب الحق ورعايته وتعليمه»، مؤكدا أن «ما صدر عن المعلمة المتهمة كان بقصد التهذيب والتأديب». وانتهى التاجر بالدفع بخلو الدعوى من أي دليل إدانة، مبيّنا أن «من مطالعة أوراق الدعوى نرى عدم وجود أي دليل إدانة للمعلمة المتهمة، وقد خلت الأوراق من شاهدة، شاهد يقول إن المعلمة قد تلفظت باللفظ المبين بأوراق الدعوى ضد المعلمة المتهمة، وعليه فإن التهمة ساقطة من أساسها لعدم وجود دليل عليها»، طالبا من المحكمة الحكم ببراءة المعلمة من التهمة الموجهة إليها، على حين أوضح التاجر أن وكيلة الطالبة المدعية تقدمت بلائحة إدعاء مدني ضد المعلمة المتهمة، مطالبة فيها بتعويض مادي للطالبة قدره ألف دينار، كما طلبت من المحكمة حضور مديرة المدرسة لإدلاء الشاهدة بحق الطالبة بحسن سيرتها وسلوكها، في مواجهة للمعلمة، وقدمت محامية الطالبة المدعية حافظة من المستندات تحتوي 11 شهادة حسن سيرة وسلوك استصدرت من المرشدة الاجتماعية وعدد من المدرّسات.
العدد 2395 - الجمعة 27 مارس 2009م الموافق 30 ربيع الاول 1430هـ