علّق السيد عبدالله الغريفي في حديث الجمعة بمسجد الإمام الصادق (ع) بالقفول مساء أمس الأول، على ما أسماها «مطالبة السلطة العلماء المؤثّرين في السَّاحة بأن يستنكروا ما يحدث في الشارع ومطالبة الشارع العلماء بأن يكون لهم موقفهم الصريح والجريء في التصدّي لظلم السلطة وتجاوزاتها»، قائلا: إن العلماء في مواقفهم لا ينطلقون من ضغطٍ هنا أو ضغطٍ هناك، إنّما ينطلقون من منطلقين أساسيين: المنطلق الأول هو التكليف الشرعيّ الذي تحدّده الرؤية الفقهيّة المدروسة بدقّة ووفق كلّ الحسابات الموضوعيّة، والمنطلق الثاني: القراءة البصيرة لكلّ المعطيات.
وعن منطلق التكليف الشرعي قال الغريفي: «في ضوء هذا التكليف يمارس العلماء مسئوليّاتهم الروحيّة والاجتماعيّة والسّياسيّة، ويحدّدون مواقفهم في الحديث أو الصمت، في المساندة أو المعارضة، في المباركة أو التنديد لا يخشون إلاّ الله تعالى». أما فيما يتعلق بما أسماه «القراءة البصيرة» فأوضح أنها قراءة «لكلّ المعطيات التي في ضوئها يتحدّد شكل الموقف، وقوّة الموقف، وخيارات الموقف. وإذا غابت هذه القراءة ارتبك الموقف، واهتزّ الموقف، وتاهت الخيارات».
واستدرك «لا يعني هذا أنّ موقف العلماء معصوم لا يخطئ، فربّما أخطأت الرؤية الفقهيّة وربّما أخطأت القراءة للمعطيات، فتكون النتيجة خطأ الموقف، إلاّ أنّ العلماء معذورون حينما يبذلون كلّ ما في وسعهم لاكتشاف التكليف الشرعيّ، ولقراءة المعطيات». وأضاف «ثمّ لا يعني هذا أن لا يوجد من العلماء من يستسلم لضعفٍ أو مصلحةٍ أو مساومةٍ أو إغراءٍ فيتخلّى عن أداء مسئوليّاته ووظائفه، ولا يعني هذا أن لا يوجد من العلماء من لا يملك الرؤية الفقهيّة الدقيقة، ولا يملك القراءة الموضوعيّة البصيرة».
وتابع «نخلص إلى القول إنّ الواجب على العلماء لكي يحدّدوا موقفهم في قضايا السّاحة أن يستنطقوا تكليفهم الشرعيّ، وقراءتهم البصيرة لكلّ المعطيات والنتائج، وبعدها لا يهمّ عندهم أن تغضب سلطة أو يغضب شارع».
ولفت الغريفي إلى أن العلماء قالوا «كلمتهم الجريئة في كلّ المطالب السياسيّة والدينيّة العادلة واستنكروا بوضوحٍ سياسات السلطة فيما فيه جور وظلم وتعدٍّ على الحقوق المشروعة. كان للعلماء موقفهم الصريح ضدّ التمييز، والتجنيس، والفساد بكلّ أشكاله، ومصادرة الحريات، والقمع الأمنيّ، وإلغاء الدستور، ومحاولات الهيمنة على المؤسّسات الدينيّة، وعدم توفير العمل للعاطلين وضدّ الكثير الكثير من تجاوزات السلطة». وأردف «وكذلك كان للعلماء موقفهم الصريح في خطاب الشارع، فالعلماء رفضوا ومازالوا يرفضون كلّ الممارسات الضّارة بأمن البلد واستقراره، والضّارة بمصالح المواطنين وكلّ الممارسات التي فيها اعتداء على الأرواح والأموال والأعراض. كما دعا العلماء إلى ممارسة كلّ الأساليب السلميّة في المطالبة بالحقوق، وفي التصدّي للظلم والعبث والفساد». وقال: «إذا كان الشارع مُطالبٌ باعتماد الأساليب السلميّة، فالسلطة بدرجة أكبر وأكبر مُطالبةٌ أن لا تمارس أساليب العنف والقمع والإفراط في استخدام القوة، مهما كانت المبرّرات. إنّ لغة الحوار هي الأقدر على معالجة الأزمات، وحلحلة الأوضاع، وتجنيب البلد المزيد من التوتّر والتصعيد والاحتقان والفوضى». إلى ذلك شدد الغريفي على أن «إصرار السلطة على عدم الاستجابة الجادّة والصادقة لنداءات الحوار المخلصة التي أطلقتها القوى الدينيّة والسّياسيّة سيعقّد الأمور في هذا البلد، وبالتالي لن يكون هناك رابح». سائلا: «من المستفيد من بقاء الأوضاع متأزّمة وبقاء الأمور متشنّجة؟ لا أحد. فلماذا لا تبادر السلطة بخطوةٍ جريئةٍ لإنقاذ الوضع في الاستجابة للنداءات العاقلة التي لا تريد إلاّ الخير لهذا البلد، ولهذا الشعب؟».
العدد 2395 - الجمعة 27 مارس 2009م الموافق 30 ربيع الاول 1430هـ