العدد 854 - الخميس 06 يناير 2005م الموافق 25 ذي القعدة 1425هـ

"تسونامي" وامتحان الدين!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ليس هناك ما هو أكثر مدعاة لترقيق القلوب من وقوع الكوارث والمصائب والخطوب. وما شهدناه من كارثة حاقت بالجوار الآسيوي القريب، فاق كل تصور، مع فتح العين كل يوم على تزايد أعداد المنكوبين يوما بعد يوم. فمع كل نشرة أخبار جديدة، وعلى مدار أكثر من أسبوع، كانت العين تلاحق آخر الأرقام التي تحصي الضحايا في أسفل شريط الأخبار المتحرك ولتتعرف على جنسياتهم، ولتقارن بين الدول الأكثر تضررا في هذه الكارثة الشاملة.

"تسونامي" هذا، كشف لنا الفجوة التي تفصل بين ما نحمله من معتقدات دينية وأفكار "إنسانية" مثالية، وبين ما نعيشه في حياتنا من انغلاق. فالدين في جوهره يحاول أن يزرع في قلب الإنسان رسالة محبة للآخرين، وليس من تعاليمه أن يبيت الانسان شبعانا وجاره جائع، وليس من مناسبة إلا استغلها الإسلام بالذات للترغيب في إغاثة الملهوف ومساعدة الفقير وسد جوعة الجائع، بدءا من الصدقة المندوبة إلى تشريع الكفارات لكل خطأ يقع في مجال العبادة أو الإخلال بالقسم أو النذر مثلا، أو عدم القدرة على صيام رمضان، فضلا عما شرعه من فرائض الخمس والزكاة، حتى اعتبر بصريح العبارة القرآنية أن للسائل والمحروم حقا في أموال المسلمين.

أخلاقيات الدين تحض على الترفق والتراحم ومد يد العون في الجوائح والكوارث والنكبات، ولكن ما ران على القلوب من اعتياد الشدة، واعتبار "الآخر" المختلف عنا في الدين أو المذهب شيئا آخر لا يرقى إلى "مستوانا" كبشر من سلالة آدم، هو الذي يوقعنا في حال من اللامبالاة تجاه هذه الآلاف المؤلفة من الضحايا، قتلى وجرحى ومشردين. وحسنا فعلت بعض الجمعيات الاسلامية من الطائفتين، على قلتها، بالمبادرة إلى جمع التبرعات وإرسال المعونات الطبية والغذائية العاجلة في هذا الظرف الطارئ والعصيب.

ويحار المرء... الدين الذي جاء رحمة للعالمين، هل انتهى عند أتباعه إلى صدفة صلدة تحتمي تحتها "الذات المتدينة"، أو سور واق منيع، يقيم الحواجز بين أبناء البشر، الذين صنفهم المعلمون الأوائل إلى صنفين: "إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق"... فإذا به يتحول مع طول الأمد إلى قاعدة أخرى: "إما نحن وإلا فالجحيم". قاعدة هي أقرب في جوهرها إلى هذا الطوفان الذي يبشر به جورج بوش وغيره من العنصريين والمتزمتين والمتعصبين

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 854 - الخميس 06 يناير 2005م الموافق 25 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً