منح المد البحري "تسونامي" كثيرا من القوى الدولية فرصة لتحسين صورتها على أنها قوى خيرة بعدما فقدت مكانتها. فالولايات المتحدة وبريطانيا واليابان والصين والهند اتخذت مواقف مختلفة تنم عن تسابق لبسط نفوذها. لم تكترث واشنطن ولندن كثيرا منذ الوهلة الأولى للكارثة ولم تعطيا تفاعلا ايجابيا، إذ تبرعتا بنحو 15 مليون دولار في البداية ولكن بعد الانتقادات التي وجهت لهما واتهامهما بالبخل زادتا المساعدة بحيث قدمت أميركا 350 مليون دولار وبريطانيا 50 مليون دولار. ولكن بعد فوات الأوان إذ أضاعتا فرصة لتحسين صورتيهما اللتين تضررتا على مستوى العالم بسبب سياساتهما عقب 11 سبتمبر/أيلول وحرب العراق. ومع ذلك ربما يحسن توفير أميركا لأموال ضخمة وتعبئة جيشها مكانتها إلى حد ما. إلا أن واشنطن ربطت المساعدات بأهداف سياسية وأنها إجراء لمكافحة الإرهاب والحيلولة دون تجنيد الإرهابيين لمزيد من الشباب، ولذلك نتوقع أن يكون التأثير عكسيا. وبدأت الشكوك إزاء النوايا الأميركية تظهر من خلال الموقف الهندي الرافض للمعونات واعتبار أن إرسال واشنطن لنحو 1500 جندي وسفن حربية لسريلانكا تدخلا في النفوذ الهندي. أما تأخر بلير وعدم قطعه لإجازته ورفض بريطانيا عقد اجتماع عاجل لمجموعة الثماني أعطت صورة قاتمة لعلاقة الأغنياء بالفقراء.

من ناحية أخرى، نرى أن هناك تنافس أيضا للهيمنة على المنطقة بين اليابان والصين. فقد أعطى "تسونامي" اليابان فرصة لكي تتفوق على الصين بتقديم 500 مليون دولار أي ربع إجمالي التعهدات الدولية البالغة ملياري دولار. وعلى رغم أن طوكيو أعطت الحصة الأكبر إلا أن بكين قد تحظى بإشادة أكبر على مساعدتها "60 مليون دولار". فقد جذبت الأخيرة أنظار العالم بامتناعها عن تعويم عملتها أثناء الأزمة المالية الآسيوية العام .1997 وعلى كل اليد العليا خير من اليد السفلى في زمن المصالح. فأين تلك المساعدات السخية عندما تحدثت التقارير الدولية عن ملايين الجوعى في كوكبنا. ولكن يذكرنا "تسونامي" بأن مصائب قوم عند قوم فوائد