يتوقع المراقبون أن تتنازل مؤسسة نقد البحرين عن التوصية التي رفعها لها مجلس النواب لتقييد المصارف بعدم منح الموظفين قروضا تتجاوز 20 راتبا، ويعزون ذلك إلى تضرر هذه المصارف وضرب القوة الشرائية لدى المواطنين. وهناك سيناريو آخر يتعلق بتصريح رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني الداعي إلى خفض رواتب الموظفين، ومقترحه بخفض القروض الممنوحة للموظفين إلى 20 راتبا، والذي على أساسه صدرت هذه التوصية، وطبقت مطلع هذا العام.
السيناريو يتلخص في ضرب القوة الشرائية عند المواطن على شراء العقار عبر خفض القروض إلى 20 راتبا، وسيطرة المستثمرين الخليجيين على سوق العقار لقدرتهم الشرائية العالية، بمعية المتنفذين المسيطرين على معظم الأراضي، والمتحكمين في ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، ما يعني لجوء المواطن في النهاية إلى السياسة الإسكانية الجديدة للحكومة، وهي تملك الشقق السكنية، بعد أن تصبح المشروعات الإسكانية "الأبراج السكنية" بيد المستثمرين الخليجيين والمتنفذين في الدولة، وعندها تحديدا ستتخلى مؤسسة النقد عن توصية مجلس النواب بخفض القروض إلى عشرين راتبا، حين يكون شراء الأرض بالنسبة إلى المواطن مستحيلا، ويكون خيار المواطن الأوحد هو الإيجار أو تملك الشقق السكنية، وبشروط تعجيزية أيضا. هذه السياسة ستجعل حال المواطن البحريني شبيها بالمواطن المصري الذي نشاهد معاناته في الأفلام وهو يبحث عن السكن، وأخطر ما فيها قدرتها على إلهائه بلقمة عيشه عن المطالبة بحقوقه، وتفتيت البنية التحتية للمعارضة، وهو ما راهن عليه أحد المتنفذين الكبار حين أكد أن الناس ستتخلى عن المعارضة، والسؤال: من يجيز للدولة منح بعض المتنفذين أراض شاسعة من دون أن يدفع فلسا واحدا، ليعيش المواطن محروما من التملك بجده وعرقه؟ وماذا وراء "التطويق الجغرافي" للقرى لمنع امتدادها السكاني والعمراني من تداعيات سياسية مستقبلية؟ وهل هي محسوبة بشكل صحيح في حسابات المتنفذين؟
العدد 853 - الأربعاء 05 يناير 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1425هـ