العدد 851 - الإثنين 03 يناير 2005م الموافق 22 ذي القعدة 1425هـ

دعوة مفتوحة إلى سرقة المال العام

ستالين وضفادع بنك الإسكان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لو كان الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين مسلما لترحمنا عليه! فقد سن سنة حازمة في محاربة الفساد! إذ لما جاء إلى الحكم ورأى الفساد معششا في أرجاء الدولة الشيوعية الأولى، فرض حكم الإعدام على كل من يسرق من أموال الشعب، وما هي إلا فترة وجيزة حتى تم تبييض الاتحاد السوفياتي من السراق والنهابين! ولم نكن بحاجة إلى الاستشهاد بالرفيق ستالين لولا أن زاد الماء على الطحين، فقد بح صوتنا عن ضرورة محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، لكيلا يفقد الناس ما بقي لهم من ثقة بكلمة "الإصلاح". وكلت أقلامنا من الكتابة عن سيرة النبي الأكرم والخلفاء الصالحين، والكل في هذا البلد يعرف أن محمدا "ص" أطلق قولته الخالدة عندما جاءه من يشفع في سارق من إحدى القبائل المحترمة بقوله: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".

لسنا في وارد المقارنة، وانما في مجال الاستشهاد فقط. ولا يمكن المطالبة بقطع أيدي السراق دفعة واحدة وإلا لامتلأت الشوارع اليوم بأيدي المئات من مقطوعي الأيدي من مختلف المستويات والطبقات والفئات. ولسنا نطالب بإعدام السراق، لكننا على الأقل نطالب، ومن حقنا أن نطالب، بعدم مكافأة السراق في هذا البلد والتستر عليهم، والقبول بالتلاعب بالقانون من أجل عيون أحد المتورطين بالتلاعب بالمال العام.

إن ما نشرته "الوسط" من تصريح عن صفقة مشبوهة يتم طبخها تحت الطاولة بين وزارة الاسكان والمدير السابق لبنك الاسكان لا ينم إلا عن تلاعب خطير بمقدرات هذا الشعب، أو ما بقي له من مال عام. فضلا عن انه يفتح الباب على مصراعيه لتشجيع السرقة وتوسيع شريحة "السراق" لتصبح الطبقة الأعلى صوتا والأكبر حجما في هذا البلد، وتصبح لها اليد الطولى على مستقبل هذا البلد من دون منافس.

في بداية صدور "الوسط"، كانت غالبية رسائل القراء شكاوى مواطنين تقطعت بهم السبل ووصلوا إلى طريق مسدود في حل مشكلاتهم اليومية مع وزارات الدولة، وكانت على رأس الوزارات التي نالت الحظ الأكبر من الشكوى هي وزارة الاسكان، تليها التربية والعمل والصحة. واليوم إذ نراجع قراءة مدلول تلك الرسائل، فإننا نضعها في سياقها المنطقي: ما من نعمة موفورة، أو سرقة كبيرة، إلا ووراءها حق مضيع لهذا الشعب، فـ 44 ألف مواطن من ذوي الدخل المحدود، ينتظرون سنوات بعد سنوات حتى ينقضي العمر دون الحصول على مأوى يضمهم. وإذا تمت هذه الصفقة فإن معناها الاستهانة التامة بمعاناة هؤلاء.

وفي الوقت الذي "نحلم" بالتأسيس لـ "دولة القانون"، وندعو إلى "احترام القانون" و"سيادة القانون"، وعدم التمييز بين كبير وصغير في تطبيقه، تأتي هذه الصفقة المدانة لتضطرنا للتذكير ببعض المفارقات المحزنة: أحد المتهمين بالسرقة نشرت الصحافة في فترة سابقة صورته أمام عدد من الأجهزة الالكترونية التي سرقها من بعض المحلات التجارية، وبعد أشهر صدر الحكم عليه بالسجن أربعة عشر عاما! وسارق "فقير"، لم يكن له طموح أصلا بأن يصبح سارقا محترفا، مد يده مرة ليأخذ من شركته "تيوبا" لسيارته، ولما كشف أمره أقيل من عمله وقدم إلى المحاكمة التي قضت عليه بالسجن ثلاثة أشهر! بينما يتم لفلفة قضية سرقة 1,5 مليون بإعادتها و"يادار ما دخلك شر"، فأين نحن من "دولة القانون"؟

هل تتذكرون نفحة أخرى من نفحات محمد "ص"، ربما سمتعتموها في مسجد أو مأتم أو محاضرة دينية؟ "إن ما أهلك الأمم من قبلكم انه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الفقير أقاموا عليه الحد". اللهم فاحفظ البحرين من الجراد والقمل والضفادع... والهلاك القادم لا محالة

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 851 - الإثنين 03 يناير 2005م الموافق 22 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً