العدد 851 - الإثنين 03 يناير 2005م الموافق 22 ذي القعدة 1425هـ

موت "دريدا" وأيام "أصيلة" الأبرز في2004

"العشق والكتابة"و"مدخل إلى علم الجمال"... الأهم

حتى الوصول الى هذا العام الجديد 2005 كان هناك اثنا عشر شهرا، اثنا عشر شهرا حبلى بكل جميل وتعيس وبكل رائع وحقير وبكل عظيم وتافه، عام كان مختلف الملامح والتصورات والأفكار حتى فيما يتعلق بالجانب الثقافي. فقد شهد العام الماضي الكثير من الحوادث السعيدة والكثير من الحوادث المحزنة التي تركت بصماتها قوية على الحياة الثقافية هنا في البحرين وخارجها. فكيف يرى المثقفون في البحرين العام الماضي؟! ما الذي استفادوه وما الذي خسروه؟! ما هي قراءاتهم التي خرجوا بها وما مشاهداتهم؟! ما هي الحوادث الثقافية التي أثرت فيهم؟! هناك جملة من التساؤلات والاشكالات نطرحها على مجموعة مختارة من الكتاب والنقاد والفنانين والمثقفين فماذا كانت أجاباتهم؟! في التحقيق الآتي نقرأ الإجابات...

يقول الناقد البحريني محمد البنكي بداية: "من الكتب المهمة التي تسنى لي الاطلاع عليها والتي تخدم المجال الذي أعمل عليه كتاب "العشق والكتابة" وهو من منشورات دار الجمل وهو عبارة عن رسالة دكتوراه للكاتبة المغربية رجاء بنت سلامة. اذ حاولت بنت سلامة التي تعمل على التفكيك أن تحلل خطاب العشق من الدواوين الشعرية الجاهلية. اذ مرت فترة طويلة كان الكتاب العرب فيها يتكلمون عن التفكيك ولكن ما يرد عربيا إما مترجم عن دريدا وإما عن مدرسة التفكيك الأميركية أو ترجمة لدراسات تطبيقية ليست نابعة من البيئة العربية. ولكن بنت سلامة كانت مختلفة في طرحها. ومن الكتب المهمة أيضا كتاب لكاتب مغربي هو "محمد كنيب" وهو عبارة عن رسالة دكتوراه عن اليهود في المغرب في الفترة الممتدة من مطلع العام 1910 وحتى العام 1948 وهي فترة سياسية مهمة بالنسبة الى الوطن العربي، وأهمية الكتاب تكمن في كونه يدرس الأقليات في المجتمعات العربية على اعتبار أن اليهود أقلية، فالكتاب يتابع تأثير الحوادث على اليهود في المغرب سواء أولئك الذين يعيشون في الداخل أو في منطقة الشمال والحوض الأبيض المتوسط. من الكتب المهمة أيضا رواية "شلوما الكردي وأنا والزمن" لكاتب يهودي عراقي هو سمير نقاش. وهو كاتب يهودي كان يعيش في العراق واضطر الى الذهاب الى "اسرائيل" ولكن ظل يكتب بالعربية في "اسرائيل" وكانت أمنيته الرجوع الى العراق، وأهمية الكتاب تكمن في وصف حياة هؤلاء اليهود العراقيين وتأثير الحوادث عليهم كأقلية. أما عن الفيلم السينمائي فأنا من المتابعين لأفلام يوسف شاهين لأنه يعمل في اطار سيرته الذاتية التي تكسب أفلامه الكثير الى جانب الجمال الفني لأفلامه أما الحدث الثقافي المهم في الماضي فأتصوره كان في موت جاك دريدا إذ إن التفكيكية العالمية فقدت ركنا من أهم أركانها ولكني أتوقع ان تتحول التفكيكية بعد دريدا الى القوة أكثر وليس الى الضعف، ذلك أن نص دريدا نفسه قد تحرر من سلطة جاك دريدا وبالتالي أصبح عرضة للتفكيك".

الاختيار صعب

وعلى رغم الكتب والأفلام السينمائية والحوادث الثقافية الكبيرة فإن القاص والمترجم المعروف أمين صالح كان له رأي آخر فهو يقول "انه لمن الصعب أن يختار الانسان كتابا معينا من ضمن مجموعة كثيرة من الكتب قرأها في مجال السينما والمسرح والفكر وخصوصا بالنسبة الينا نحن الذين نرى في القراءة والكتابة حاجة ضرورية كالماء والهواء وليست حاجة استثنائية، ولكني أقول إن في كل كتاب جيد أقرأ اضافة واضاءة للكثير من جوانب الحياة وللكثير من زوايا النفس الانسانية وأعتقد أن كل كتاب قادر على اضاءة بقعة معينة في مسيرة الانسان وعلى افادة الفرد منا من ناحية كونه كاتبا أو من كونه انسانا. فأنا عندما أقرأ مثلا للروائية "كونديرا" رواية من رواياتها أقرأها ليس من أجل المتعة وانما أقرأها لأن فيها معرفة بالحياة البشرية وللعالم فهي تثري تجربتي الكتابية. وحتى فيما يتعلق بالقراءات الأولى في فترة الشباب بعد المراهقة حين يكون هناك اهتمام بكم الكتب المقروءة دون اهتمام حقيقي بالقراءة المنتقاة فليس هناك مشكلة لأن الذاكرة تكون وقتها طرية وحب المعرفة في أوجها ولكنه بعد أعوام يبدأ الشاب بالانتقاء النوعي فالوعي لديه يتسامى. واختيار فيلم سينمائي وحدث ثقافي أمر صعب أيضا وأن بدا في غاية السهولة".

"مهرجان أصيلة"... ولكن

ويرى الفنان التشكيلي الشاب جعفر العريبي أن اطلاعه على كتب العام الماضي جاء مرتبطا بتخصصه الفني، اذ يوضح العريبي: "بحكم اشتغالي على الجانب التشكيلي انصب اطلاعي في العام الماضي على الكتب التي تبحث في الجانب التشكيلي ومن الكتب المهمة هنا كتاب كان بعنوان "مدخل الى علم الجمال" لشارل لالوا، وهو كتاب يبحث عن ماهية الجمال وكيفية الوصول الى الجمال ويتكلم عن الجمال كمنتج في قصيدة أو لوحة أو شيء من الفنون، فهو محاولة للوصول الى الجمال بصورة أفضل بما في ذلك القبح، اذ يطرح المؤلف فكرته بشأن رؤية القبح بشكل جميل حين يصبح من الممكن رؤية الشيء القبيح بشكل جميل. فالكتاب محاولة لتقبل فكرة معينة قبيحة ورؤيتها بصورة جميلة. ولاشك أن اضافة هذا الكتاب تتمثل في الاطلاع على مجموعة من الأفكار المهمة بشأن الفن عموما ما يترك أثره قويا على مقاربة أفكار الآخرين. أما عن الفيلم السينمائي الذي استحوذ على اهتمامي فهو فيلم "تروي" وهو الفيلم الذي عرض في دور السينما قبل فترة اذ كانت الزاوية التي صور الفيلم منها زاوية موفقة، هذا الى جانب المؤثرات. ولكني لا أشعر حقيقة بأن هناك حدثا ثقافيا مهما قد اسـتأثر باهتمامي وكانت له نتائجه الكبيرة اذ لا أجد في العام الماضي أي حدث ثقافي مختلف وكان من المفترض أن يكون مهرجان أصيلة البحرين على قدر الحدث فيخرج بصورة أكثر نصاعة وجمالا ولكن للأسف لم يحقق كل ما كنا نصبو اليه اذ كنت أتمنى أن يحظى هذا المهرجان باهتمام أكبر من قبل المسئولين وهو ما لم يحدث كما أن المهرجان لم يرض جميع الفنانين ولكنه كتجربة أولى لا بأس بها ومن الأشياء الجميلة التي خرج بها مثلا ورشة الحفر".

"جوليا دومينا"

الفنان والمخرج المسرحي ياسر سيف كان موفقا حين أشار: "لقد اطلعت في الفترة السابقة على مجموعة من الكتب للكاتب والمسرحي العراقي قاسم محمد منها كتابه القيم "تجارب مسرحية عربية في المسرح البصري" اذ يستعرض مجموعة من النصوص والمسرحيات التي قدمت في الوطن العربي، كما أنه تسنى لي مشاهدة عدة مسرحيات منها "التراب الأحمر" وهو عمل مسرحي من تأليف مرعي الجليان واخراج حسن رجب وقد عرض في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، كذلك المسرحية التي قدمها رفيق أحمد علي عن رواية ممدوح عدوان والتي عرضت في المهرجان نفسه. أما المسرحية التي استأثرت باهتمامي فكانت "جوليا دومينا" لفرقة أنانا السورية وكان عملا استعراضيا راقصا ويحكي عن ملكة سورية تبرز صورة المرأة، وما لفت انتباهي في المسرحية هو امكانات الممثلين الكبيرة والاضاءة وطاقم العمل ككل والذي كان يضم 100 ممثل وأكثر، كذلك ديكور المسرحية والأزياء ولا يمكن التغافل عن التكنيك والكلفة الانتاجية في عمل الديكورات التي أضفت إبهارا بصريا رائعا".

"مهرجان الاذاعة والتلفزيون"

ويضيف الفنان المسرحي ابراهيم بحر موضحا أهمية العام 2004 بالنسبة إليه بقوله: "كان العام 2004 موسما حافلا بالنسبة إلي اذ تسنى لي فيه الرجوع الى الكتب القديمة ولكن المهمة مثل "مروج الذهب" للمسعودي الذي أضاف إلي الكثير من المعلومات والاطلاع على تاريخ الخليقة منذ أيام آدم "ع" وكذلك كتاب "اعداد الممثل" وهو من الكتب المهمة التي حاول فيه مؤلفه طرح شيء مغاير اذ إنه كان من معلمي المسرح الروسي فكان يدرب مجموعة من الممثلين على بعض التدريبات المعاشة، ومن الحكايات التي ذكرها في الكتاب مثلا: ان احدى الطالبات فقدت مشبك شعر من الذهب فجعلت تبحث عنه في كل مكان فلم تجده فهو يطلب منها تمثيل هذه الحالة ولكنها لم تستطع تمثيل المشهد والحالة لأنها وجدت المشبك. وأمثلة مهمة كثيرة. وقد شاهدت في العام 2004 جملة من الأفلام المهمة ولكن أعجبت بشكل خاص بعمل الجرافيك بالكمبيوتر في الجزء الثالث من "سيد الخواتيم". أما الحدث الثقافي الأبرز بالنسبة إلي فكان مهرجان الاذاعة والتلفزيون حين حصلت على الجائزة الثانية في مسابقة التأليف الاذاعي"





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً