من أين يبدأ المرء مع الكوارث التي يخلفها مجلس النواب، وهي ليست بأقل من "زلزال تسونامي" الذي حصد 150 ألف إنسان إلى الآن؟ فالرئيس خليفة الظهراني يريد خفض رواتب الموظفين خدمة لوجه الحكومة، ولا ندري من أوحى له بهذه الفكرة التي تفتقد أبسط المعايير الموضوعية، فضلا عن معايير الناحية والإنسانية، فرواتب البحرينيين لم تشهد زيادة منذ عشر سنوات على الأقل، فيما أعباء المعيشة وفق حد الكفاف لا حد الكفاية بالنظر إلى المتطلبات المعيشية الحالية للمواطن لا يلبيها هذا الراتب الذي يحصل عليه المواطن بيد وتأخذه الحكومة باليد الأخرى. مجلس النواب، وبدل إقراره زيادة سنوية في رواتب الموظفين كما تفعل الدول الأوروبية التي يهمها وجود قوة شرائية تنعش الأسواق والمصارف والمؤسسات الاقتصادية، يعمد إلى إجراءات تعسفية غير مفهومة لشل حركة السوق والاقتصاد. ويفهم التالي من دعوة الظهراني إلى "خفض الرواتب"، وقبل ذلك مقترحه الذي أقره مجلس النواب بألا تتجاوز القروض الممنوحة إلى المواطنين 20 راتبا، في ظل ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء وكل السلع الاستهلاكية.
أولا: أن الظهراني يريد حلا إجباريا لارتفاع أسعار الأراضي، بضرب القوة الشرائية عنوة عند المواطنين، ما يعني كساد السوق وهبوط الأسعار. إلا أن هذا التوجه يناقضه منح الخليجيين القدرة على الاستثمار واستملاك الأراضي بما يملكون من قوة شرائية كبيرة.
ثانيا: إن الهدف النهائي ليس خفض أسعار الأراضي، وإنما إيصالها إلى أسعار جنونية خدمة لمصالح المتنفذين، باستغلال القوة الشرائية للمستثمرين الخليجيين، في قبال أن يعتاش المواطن على وعود الحكومة بمدن شمالية وجنوبية وغيرها من الوعود الوهمية، وأن يسلب حقه بالتملك في أرضه ليصبح ذلك من الأحلام المستحيلة، وهذا هو محور تحرك الظهراني، فهنيئا لنا بهكذا مجلس يسند الحكومة والمتنفذين فيها، ويستضعف من يمثلهم من أبناء الشعب
العدد 850 - الأحد 02 يناير 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1425هـ