العدد 849 - السبت 01 يناير 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1425هـ

الخطاب الأميركي الجديد تجاه أكراد العراق

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

بينما يتحرك الاكراد لاستثمار الوقت من كل الجهات قبيل اجراء الانتخابات، قام مسئول اميركي في العراق "قائم بأعمال السفارة الأميركية" بزيارة خاطفة لصلاح الدين "اربيل" والتقى فيها مسئولين اكراد من حكوميين وحزبيين، اذ التقى في المكتب السياسي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ورئيس حكومة الاقليم نيجرفان بارزاني. الزيارة كانت مفاجئة بكل معاييرها، وعندما نقول مفاجئة لان هناك عاملان ظهرا على السطح، الاول: لانه ما كان متوقعا من المسئول الاميركي ان يوصل الرسالة الى الاكراد بهذه العجالة، لا ندري عن قصد او غير قصد، إذ سمع الأكراد خطابا لم يعتادوه من قبل حين اكد ان الاميركان متفهمون مطالب الكردي وانهم الاستعداد لمساعد تهم في ترتيب الوضع الكردي، والعامل الثاني: يكمن في ان الأكراد تلقوا صدمة من الاميركيين قبل ايام ولعل عوامل الصدمة تكمن في ان القوات الاميركية "قوات متعددة الجنسيات" وقوات من الحرس الوطني العراقي قامتا معا بانزال العلم الكردي في كثير من الاحياء والمكاتب الكردية في كركوك.

قد لا يستغرب أحد ان هناك ثمة اشكالات وسياسة عدم الوضوح تشوب العلاقة الكردية الاميركية منذ الحرب على العراق، ولعل ملامح الاشكال تظهر في ان المسئولين الاميركيين حتى هذه اللحظة تجنبوا تكرار وترديد الخطاب الكردي المعلن والخفي، فهم منذ احتلالهم للعراق تعاطوا مع الاكراد وحقوقهم بالحذر. ومن قرأ مضمون الرسالة المشتركة للبارزاني والطالباني يعرف ان هذه العلاقة ليست على ما يرام.

في الحقيقة ان الاميركيين، حتى اليوم، لم يقولوا ان كركوك مدينة كردية، وهم على الأقل ظهروا بأنهم حياديون في مسألة التعاطي مع مستقبل الأكراد وخصوصا في مسألة النزاع الكردي مع "الجبهة التركمانية" والدولة التركية بشأن كركوك. بل قال اكثر من مسئول اميركي ان مسألة كركوك عراقية ومفتاح حلها في المركز "بغداد" وكما هي شأن الحكومة العراقية الانتقالية، هذا عدا عن أنها لم تحرك ساكنا تجاه بند "58" من قانون ادارة دولة العراق المؤقت الخاص بتطبيع الامور في كركوك.

يقع هذا الخطاب الاميركي في دائرة الشك وهو محل الاستفسار والاستفهام. فهناك من يعزو اسباب زيارة المسئول الاميركي وابداء تفهمه للمآلات الكردية الى، اولا: أن الاميركيين يريدون من وراء هذا الخطاب استغلال النفوذ الكردي في الموصل و"المثلث السني"، والثاني: أن الاميركان يريدون من وراء ذلك تنفيس الاحتقان الكردي وخصوصا ان هناك اتصلات كردية في الوسط الدولي بشأن اجراء الاستفتاء في كردستان، والثالث: هناك من يقدم احتمالا وهو ضعيف بأنهم يريدون من وراء ذلك دعم القائمة الرئيسية في كردستان في ظل التنافس إذ توجد اكثر من قائمة انتخابية في كردستان - هناك قائمتان مستقلتان غير المعروفتين وربما هما غير مهمتين بالنسبة إلى الاعلام العربي اصلا.

اسئلة واستفسارات كثيرة والكل ربما لا يعرف المقصد الرئيسي من هذا الخطاب الا انه، أي الخطاب، ليس سهلا ان يصدر من قبل الاميركيين في هذا الوقت إذ كان بعيد المنال من قبل الاكراد ان يسمعوا كلاما، ومن ارفع مسئول اميركي في بغداد، فقال: ندعم مطالب الاكراد العادلة في الفيدرالية كما أبدى تفهمه من مطالب الاكراد في تنفيذ وتطبيق البند "58" من القانون المؤقت.

اذا دعم الفيدرالية الكردية والديمقراطية في العراق سمعه الاكراد علنا هذه المرة ومن دون اي تحفظ من الاميركيين، وهو امر، سيفتح آفاقا جديدة في العلاقة بين الاميركيين والاكراد وسيطمئن الاكراد اذا كان نابعا عن قناعة. لكن السؤال هو: لماذا اراد الاميركان ان يقولوا للأكراد هذا الخطاب الآن؟ هل يشعر الاميركيون بالضغط الكردي الشعبي، وخصوصا ان هناك وفدا من حركة "الاستفتاء" "وهي حركة أهلية تأسست بعد دخول الاميركيين" يزور نيويورك وواشنطن؟ وهل يريد الاميركيون ان يطمئنوا الأكراد، بعد ان سمعت الادارة الاميركية أن الاكراد سيجرون الاستفتاء بشأن مستقبل الأكراد في اليوم الذي تجرى فيه العملية الانتخابية العراقية. من دون الرجوع والموافقة الاميركية؟

في الحقيقة ان الكرة الآن في ملعب الكرد، والسؤال الدائم ويبقى القائم هو ماذا سيفعل الاكراد، وكيف سيتعامل الاميركيون؟

بقي القول مهما كان مراد واشنطن من هذا الخطاب وتوجيهه إلى الأكراد فاننا لا نستطيع ان نبعد أمرين من وراء هذا الخطاب، الاول: حراك المجتمع الكردي المدني متمثلا بحركة الاستفتاء في الامم المتحدة وفي البيت الابيض، والامر الثاني: الاوضاع في الموصل واحتمال عدم اجراء الانتخابات هناك وبالتالي وضع الانتخابات في "المثلث السني"، وبين الامرين تشوب العلاقة الاميركية الكردية التباسات وتغيب الشفافية

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 849 - السبت 01 يناير 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً