الدعوة التي وجهها المعارض السعودي المقيم في لندن سعد الفقيه للتظاهر ضد المملكة العربية السعودية انطلاقا من البحرين عمل غير حكيم، وليس مقبولا لعدة أسباب، منها أن البحرين حجمها صغير وشأنها الداخلي يجب أن يبقى داخليا وخصوصا إذا كان الأمر يخص السعودية التي تعاني من أعمال إرهابية، ويبدو أن مثل هذه الأعمال ستستمر لفترة قد تطول وقد تقصر.
سعد الفقيه كان موضوعا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي بعد أن تقدمت وزارة الخزانة الأميركية إلى مجلس الأمن بطلب اعتبار الفقيه "إرهابيا دوليا"، ولكن الإجراء الأميركي أثار أسئلة أكثر من إجابته على أي سؤال سابق، ما حدا بالبعض إلى اتهامها "بالمكارثية"، وهي تعني أن الإدارة الأميركية تلصق بكل شخص لا تحبه تهمة "الإرهاب"، كما كانت تتهم كل من لم تكن تحبه أيام الحرب الباردة "بالشيوعية".
على أن إدراج اسم الفقيه في لائحة الإرهاب الدولي ليس هو الموضوع الأهم، فأميركا تستطيع أن تدرج اسم أي شخص عبر تقديم وثائق من وزارة خزانتها إلى مجلس الأمن، وإذا لم يحصل أي اعتراض من عضو آخر في مجلس الأمن خلال يومين، فإن الاسم يتم اعتماده من دون مناقشة. ولعل الموقف البريطاني هو الأكثر غرابة، فلو كانت بريطانيا مقتنعة بأنه "إرهابي" فلماذا لم تعتقله أو تسلمه إلى أميركا، كما حصل مع أبوحمزة المصري قبلا؟
التقيت الفقيه في لندن قبل عشر سنوات، عندما ارتحل من السعودية مع رفيقه آنذاك محمد المسعري إلى لندن وعندما كان الاثنان يديران "لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية". وأثناء اللقاء في فندق بشمال لندن تطرق الحوار إلى المطالب التي ترفعها اللجنة آنذاك، وهل هي من النوع "الخفيف" أو النوع "الثقيل"؟ ولماذا القول بـ "الحقوق الشرعية" وليس حقوق الإنسان؟
أجوبة الفقيه لم تكن واضحة آنذاك كما أن أهداف دعوته حاليا غير واضحة، وقد كانت اللجنة تحظى بدعم الحقوقيين؛ لأن اللغة السائدة في العالم هي لغة حقوق الإنسان، ولكن بعد ذلك اختلف الفقيه مع المسعري وبدلا من أن تتسلم المنظمات الحقوقية والسياسية منشورات عن الوضع في السعودية كانت تتسلم منشورات التهم المتبادلة بين الطرفين، انتهت إلى تأسيس "حركة الإصلاح" برئاسة الفقيه وخروج المسعري من التحالف.
بعد فترة من ذلك بدأ نجم تنظيم "القاعدة" يصعد ويغطي على الحركة التي يقودها الفقيه، على رغم أن الأخير يدير مشروعه من أهم عاصمة عالمية للعمل السياسي على مستوى أي بلد، ولاسيما في الشرق الأوسط.
الأميركان والبريطانيون على علم بكل ما يقوم به الفقيه ولم يعتبروا ما يقوم به خروجا على القانون المعمول به في لندن؛ لأن الكثير من الحركات تتخذ من تلك المدينة مقرا لها. ومادام التحرك يقتصر على الجوانب السياسية والإعلامية "من دون العمل العسكري"، فإن القانون البريطاني لا يقف أمامه.
لقد كان أملنا أن تنتعش أجواء الحوار في جميع الدول الخليجية من دون الحاجة إلى إثارة الأوضاع وتوفير غطاء لأعمال العنف والدمار التي تهدد مجتمعاتنا. وكان أملنا أيضا أن يتم حصر الأمور في نطاقها، فكما أننا في البحرين لا ندعو أحدا في الدول الأخرى إلى التظاهر فإننا لا نتوقع أن توجه دعوة إلى تحريك ساحة البحرين من أجل شأن خارج البحرين. فالمنامة ليست لندن، ولا يمكنها أن تحتمل أي توسيع لنشاطها السياسي... فرفقا بالخليج وأبنائه
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 849 - السبت 01 يناير 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1425هـ