العدد 2395 - الجمعة 27 مارس 2009م الموافق 30 ربيع الاول 1430هـ

فنانات لا يعترفن بمرور سني العمر!

البحث عن كمال المظهر يفسد أداءهن

الفنانون العرب اليوم عالقون ما بين الحاجة إلى تميز الشكل وتفرد المظهر، كمتطلبات لسوق النجومية التنافسي الذي يعج بمن هب ودب، وحاجتهم إلى البقاء على الشاشات بأداء متمكن، لكي لا يفقدوا مهنهم هم أيضا.

فالطفرة الترفيهية التي تشهدها الشاشات العربية خلال السنوات الأخيرة، أسهمت بشكل كبير في تغير معايير النجاح والتميز في الأداء، سواء أكان في مجال الغناء أو في مجال التمثيل، فلم يعد الصوت الجميل العميق القوي، الذي يستطيع الانتقال ما بين طبقاته بسلاسة، من ضروريات التميز في الغناء، كما لا يشترط على الأغاني أن تقدم بلحن جميل، أو كلمات راقية.

وساحة التمثيل ليست بأفضل حال من الساحة الغنائية، فالأداء المتمكن للدور، والاندماج مع ملامح الشخصية، سواء على مستوى أفعال الشخصية وتصرفاتها، أو من خلال هيئتها العامة، لم يعد من أساسيات وصف العمل بالناجح.

الساحة الفنية العربية اليوم تعيش كما هائلا من الإشكالات التي لا يمكن نفي أنها تتواكب مع إنجازات ونجاحات، فالتطوير والتقدم طاول الكثير من جوانبها، من الناحية المادية، حيث بدأ المنتجون يتفهمون حاجة هذا المجال سواء في الفنون الموسيقية، أو التمثيلية، للسخاء في موازنات إنتاجها. موضوعات الأعمال أصبحت أكثر تنوعا ومقاربة للواقع المعاش، وعدد المنتمين للمجالات الفنية يزداد، مما يعطي مجالا أوسع من الخيارات عند اختيار شخصية مناسبة لأداء الأدوار.

إلا أن هذه الإنجازات وغيرها، لم تستطع أن تحاكي الإبداع المتكامل في إنتاج الأعمال، أو حتى أن تقترب منه، لأسباب كثيرة، لعل من أبرزها، الدور الذي يلعبه الفنانون العرب، الذين يرغبون في مواكبة كل جديد حتى لو لم يكن بمقدورهم مواكبته، سواء في الأداء أو المظهر.

من أبرز الانتقادات التي توجه إلى بعض الفنانات، أنهن غير قادرات على الاعتراف بحقيقة مرور الزمن والتقدم بالعمر، فكثيرات هن النجمات الكبيرات في السن وخصوصا في مجال التمثيل ممن أجرين عمليات تجميل لتصنع الشباب بأي شكل كان، ولم تقف المسألة عند هذا الحد، فإصرارهن على أداء أدوار لا تتناسب مع أعمارهن وأشكالهن، أضعفت الكثير من الأعمال، وحولت الشخصية التي تؤديها الممثلة إلى محط سخرية وانتقاد، لا لشيء سوى لأنها تبدو متصابية تتصنع الشباب وصغر السن. ومن أبرز الأسماء في ساحة التمثيل ممن حاولن تأدية دور الشابة على رغم تقدم العمر بهن، النجمات المصريات يسرا، نبيلة عبيد، وإلهام شاهين، في حين لم تخل ساحة الغناء من الساعيات للشباب، وتتصدر قائمتهن المطربة الشهيرة صباح التي يضرب بها المثل في مقاومة الزمن والتقدم بالعمر.

في مقابل النقد الذي تناله هذه الأنواع من عمليات التجميل، الجراحية منها، أو التي تعتمد على وسائل أقل تعقيد من الجراحة، كالمكياج مثلا، نجد أن نسبة لا بأس بها من المشاهدين والنقاد تقبلوا الفكرة، وخصوصا أنه بات يندر وجود وجه على شاشات التلفزة، في أي مجال كان، تظهر على خلقتها الأولى، أي من دون تدخل وسيلة للتحسين والتعديل والتجميل.

كما أنه بهذه الطريقة ستستفيد الكثير من الأعمال بفضل تقنيات تحسين الصورة النهائية التي ستعرض، من خبرات الفنانات القديرات اللاتي واكبن أكثر من مرحلة من طور الفنون في الوطن العربي.

سواء أكان الثمن الذي سيدفع الفنان ببحثه عن الكمال في الشكل، الذي لا صورة حقيقية له حتى الآن بين البشر، ثمنا يضر بأهم ما لديه، مقدرته على إظهار الانفعالات، والتفاعل مع الأحداث من خلال ملامحه ومظهره، فإن مشارط الجراحين، وإبر «الكولاجين»، والشد والشفط... سلبت الكثير من الوجوه أقوى وأجمل ما لديها من عيوب.

العدد 2395 - الجمعة 27 مارس 2009م الموافق 30 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً