يعد الاتفاق الرئيسي للسلام الذي وقعته الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق في نيفاشا الكينية أمس مقدمة لعهد جديد في السودان الذي يحتفل اليوم بذكرى الاستقلال المجيد وهو يلبس حلة زاهية يزينها وضع حد لحرب امتدت زهاء 21 عاما بين الجنوب والشمال.
الوصول إلى سلام نتج عن مفاوضات شاقة بين الطرفين يعد إنجازا تاريخيا لحكومة البشير ولكنه لا يعد هدفا في حد ذاته بل مقدمة لعهد جديد تزول فيه الخلافات بين أبناء الوطن الواحد في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وتنتفي أسباب سيطرة حزب واحد على السلطة وتغييب الآخرين.
وعليه لضمان نجاح هذا الاتفاق وتحقيق الاستمرارية والوحدة الوطنية والوفاق السياسي لابد من تأكيد زوال التمييز بين الناس لأسباب سياسية عند تقسيم الوظائف القيادية والعادية بين مستحقيها، ويجب أن يكون المعيار هو الكفاءة وليس غير ذلك. كما يجب أن تعاد الحياة السياسية إلى سابق عهدها حرية متاحة للجميع، والتنافس يجب أن ينحصر في نطاق القاعدة وليس القمة ما يعيدنا إلى حلبة الانقلابات العسكرية.
ومن الأمور المهمة التي يجب الالتفات إليها العمل بنزاهة وشفافية لتطبيق الاتفاقات الموقعة بين الخرطوم وقرنق، وان يبتعد الجميع عن المناورات السياسية التي تدفع أبناء الجنوب إلى اختيار الانفصال عن ربوع الوطن. ويجب ألا ننسى أزمة دارفور التي لاتزال غصة تنغص على الجميع فرحة العيد والسلام الذي لن يكتمل إلا بإسكات كل فوهات البنادق.
وعند الحديث عن دارفور لابد أن ننتبه إلى كل ولايات السودان التي هجرها الشباب بسبب قلة سبل العيش فلابد من توسيع رقعة التنمية في كل الولايات المهمشة وهي كثيرة حتى ننعم بالاستقرار ونلتفت إلى التقدم والرقي في كل مجالات الحياة
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 848 - الجمعة 31 ديسمبر 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1425هـ