العدد 848 - الجمعة 31 ديسمبر 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1425هـ

... وعلى «العهدين الدوليين» السلام!

زينب عبدالنبي comments [at] alwasatnews.com

فوجئت كما لم أفاجأ من قبل، بما صرح به بعض أعضاء مجلس النواب لـ «الوسط» أخيرا، بشأن العهدين الدوليين «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية»؛ فبينما تهرب بعضهم، بدا البعض الآخر لا يعلم ما يدور حوله، على رغم مرور نحو عام على إلحاح الصحافة، ومطالبة الجمعيات الحقوقية للحكومة بالانضمام اليهما، ولكن يبدو أن للمجلس أولويات أخرى.

ولكن حتى وإن لم يكن العهدان من أجندتهم فهل يبرر ذلك ما قاله رئيس الشئون التشريعية والقانونية في المجلس حمد المهندي من أن «النصوص لم ترد إلى النواب بعد، لذلك لم نتابع ولم نقرأ». لا داعي إلى أن يصل العهدان في أوراق مطبوعة إلى النواب ليطلعوا عليها أو يقرأوها! فليس هناك أسهل من الحصول على المعاهدات الدولية من مواقع البحث في الانترنت! المسألة تتطلب وعيا حقيقيا بأهمية المعاهدات، والاطلاع، وثقافة حقوق الإنسان.

أما النائب علي السماهيجي فلم يتقن التهرب عندما قال «أنا لتوي عائد من السفر، ولا أعرف عن العهدين الآن»!

النائب المستقل جاسم السعيدي صاحب المقترحين الشهيرين «الفصل بين الجنسين وحصر ممارسة الشعائر الدينية داخل دور العبادة»، قال: «هناك قوانين آتية إلينا من الخارج تخالف الشريعة الإسلامية، ويحق لنا التحفظ عليها «...» القرآن والسنة كفلا الحقوق جميعها بما في ذلك حقوق البهائم، والمفارقة أن يأتي اليوم الذي نطالب فيه بحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق الإنسان وكأن الإسلام لم يكفلها»... «الحل لكل المشكلات التي نعانيها يأتي من التمسك بـ «الوحيين» وليس بالانضمام إلى العهدين». والسؤال للسعيدي: من قال إن نصوص العهدين جلها تتخالف مع الشريعة الاسلامية؟ ثم هل قرأ جملة «الحقوق الأصيلة» التي نصت عليها بنود العهدين ؟هل أن حقوق حرية التعبير والتجمع والمشاركة في الشأن العام، والانتخاب الحر والمباشر، والرقابة والتشريع تتخالف مع الشريعة؟! ثم ما المانع من أن نحتفظ بمرجعية دولية تمدنا بقوة للاحتجاج أمام كل العالم، بضمان تأييد أكبر منظمة حقوقية دولية وهي الأمم المتحدة؟!

ربما لا يكون من اللائق لوم السعيدي، فهذا في نهاية المطاف رأيه المتوافق فيما يبدو مع رأي النائب عادل المعاودة الذي بين أن «الدعوة إلى المسيرات لا تجوز شرعا»، والعهدان الدوليان بدورهما يحفظان حق التظاهر، ولكن على الضفة المقابلة، التاريخ الاسلامي مليء بمشاهد ووقائع وسيناريوهات لا تخلو من الاحتجاج وانتقاد «الولاة» في وجوههم، والتعبير السلمي.

يبدو أن النواب بحاجة إلى دورة تدريبية شاملة وليس إلى «مائدة مستديرة»، كما اقترح النائب يوسف زينل، في ثقافة حقوق الإنسان، فإن كان العهدان اللذان يمثلان مع الإعلان العالمي لحقوق الانسان، أساس القانون الدولي، فضلا عن قوتهما الإلزامية، وضرورة تغيير التشريعات الوطنية لتتلاءم مع نصوصهما، لا يعرفون عنهما شيئا، فكيف بمقدورهم حفظ/ والمطالبة بحقوق المواطنين؟! ثم كيف بإمكانهم التشريع والرقابة؟ كيف وكيف وكيف؟! إن سقط العهدان في يد النواب، فعلى العهدين السلام

العدد 848 - الجمعة 31 ديسمبر 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً