لقد حولت الكارثة الطبيعية المفاجئة "سونامي" أو "تسونامي" إلى أسبوع مفزع وأليم جراء ما تسببت به من آلام لايزال وقعها الثقيل مستمرا على شعوب العالم التي هي بصدد الاستعداد لاستقبال عام جديد.
طبعا ما من أحد توقع أن تحل هذه المأساة مع آخر هذه السنة التي نودعها، غير أن المتتبع لوسائل الإعلام المختلفة يجدها وحدت الشعوب التي اهتزت مشاعرها في كل أرجاء العالم بل وبدأت حصص المساعدات بأنواعها المختلفة تتوافد من كل جهة من شتى الأجناس والأعراق واللغات. فبريطانيا على سبيل المثال لايزال إعلامها بأنواعه محشدا لتغطية ونقل آخر التطورات في الدول التي ذاقت مرارة "تسونامي" من قصص النجاة إلى حملات التبرع الكبيرة والقادمة من الشارع البريطاني... قد يكون هذا نموذجا للحس الإنساني الذي يخرج من بريطانيا وهو ليس بغريب على هذا الشعب الذي لطالما قام بعمل الخير في كل مناسبة وحدث... فالكوارث الإنسانية والأزمات الطبيعية بالعادة تجمع الناس وتجعلهم يتفقون، فالإنسانية هي ما يجمعهم وليس العرق واللون والدين والمذهب، لأن تلك بالعادة تفرقهم إن اشتعلت حربا... ففي أزمات الحروب يتفرق الناس بسبب هذا وذاك... على عكس أزمات الكوارث الطبيعية، فالكل يتشبث باسم الإنسانية.
فبدلا من الانشغال بالأمور الداخلية والحديث عن أنفسنا على أننا عرب مسلمون أم مسيحيون، سنة أم شيعة، شرقيون أم غربيون، نمقت هذا الجنس ونحبذ ذاك وغيره... إلخ. فإننا في نهاية الأمر قد تحل علينا كارثة كـ "تسونامي" لتبتلعنا جميعا من دون أن تتحيز لأحد، وربما علامة من علامات الخالق للتحذير... وإذا نظرنا إلى ما تم في البحرين لمساعدة الدول جراء هذه الكارثة، فهو لا يعدو سوى جهود يتيمة من جهة واحدة متمثلة في المرسم الحسيني الذي ليس بغريب عليه أن يبادر إلى حملة التبرع لأن أحد أهدافه الأساسية "مساعدة الإنسانية" وهو من أسمى الأهداف التي نبحث عنها على الدوام في المجتمع البحريني الذي غرق في مياه الطائفية.
كل ما نرجوه هو أن يبادر الجميع بدءا من مجلس النواب الذي لم يحرك ساكنا حتى الآن من أجل المساعدة باسم البحرين لمنكوبي الدول المتضررة من تسونامي وعلى رأسها إندونيسيا وجزر المالديف وسريلانكا وجنوب الهند وتايلند، فيبدو أن أزمات الطبيعة لا تهمه كأزمات الحروب التي يسرع إلى إعلانها باسم البحرين! أيضا أين هي باقي مؤسسات المجتمع المدني؟ أين جهودها؟ هل هي في غفلة أم لم تصلها الأخبار حتى الآن؟
للأسف إنسانيتنا مازالت غائبة في ظل زحام المصالح والهموم؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 848 - الجمعة 31 ديسمبر 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1425هـ