يواجه الاقتصاد البحريني الكثير من التحديات في العام 2005 أهمها الوصول إلى حل وسط فيما يخص مشروع إصلاح سوق العمل وتسجيل نمو اقتصادي معقول وحل الخلاف مع السعودية بشأن إبرام اتفاق التجارة الحرة مع أميركا. تناقش السطور الآتية جوانب من هذه التحديات، إذ لو أحسن استغلالها فإنها تساهم في وضع حد لأزمة البطالة التي تعتبر بدورها التحدي الاقتصادي الأكبر الذي تعاني منه البلاد.
أولا، مشروع إصلاح سوق العمل: لا مناص أمام مجلس التنمية الاقتصادية من الوصول إلى حل توافقي مع القطاع الخاص بشأن مرئيات إصلاح سوق العمل. يذكر أنه تم طرح الموضوع للنقاش العام ابتداء من نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي. ويعرف البرنامج بمشروع ماكينزي لإصلاح سوق العمل، لكن لابد من إعطائه تسمية جديدة وخصوصا أن ماكينزي أصبح اسما سلبيا في المناقشات الدائرة. يؤخذ على المشروع برمته تحويل قضية توظيف المواطنين على القطاع الخاص عن طريق التهديد بفرض رسوم عالية تفوق 100 دينار شهريا على كل عامل أجنبي يعمل في مؤسسة عاملة في البحرين. ونظرا إلى أهمية تعاون القطاع الخاص في حل أزمة البطالة فإن المطلوب من مجلس التنمية الاقتصادية الجلوس مع غرفة تجارة وصناعة البحرين «التي تمثل بدورها مختلف أنشطة القطاع الخاص» للتوصل إلى حل وسط حتى يتحقق الضمان المطلوب لنجاح هذا المشروع الاستراتيجي.
ثانيا، تحقيق النمو الاقتصادي: يعتبر موضوع تحقيق نمو اقتصادي أمرا حيويا لغرض إيجاد أكبر عدد ممكن من الوظائف للمواطنين. يذكر أن الاقتصاد البحريني حقق نموا فعليا قدره 6,8 في المئة في العام .2003 ويتوقع تقرير صادر من ستاندرد تشارترد بنك أن يحقق الاقتصاد نموا في حدود 6 في المئة في العام ،2004 وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. المعروف أن القطاع النفطي يساهم بنحو 70 في المئة من إيرادات الموازنة العامة ويلعب دورا محوريا في الناتج المحلي الإجمالي. بدوره يتطلب تحقيق النمو الاقتصادي قيام الحكومة بضخ المزيد من الأموال في خانة مصروفات المشروعات، لكن تشير إحصاءات موازنة العام 2005 إلى أن الحكومة خصصت 345 مليون دينار لمصروفات المشروعات بزيادة محدودة قدرها 15 مليون دينار فقط عن المبلغ المخصص للعام .2004 أقل ما يمكن أن يقال إن هذه الزيادة دون مستوى التحديات وخصوصا مع ارتفاع دخل الخزانة من الإيرادات النفطية.
ثالثا، حل الخلاف بشأن إبرام اتفاق منطقة تجارة حرة مع أميركا: المطلوب من الجهات الرسمية بذل الجهود الكفيلة بالتوصل إلى حل مع الجارة والشقيقة الكبرى المملكة لعربية السعودية بسبب توقيع البحرين اتفاق إنشاء منطقة تجارة حرة مع أميركا. ولوحظ أن الموقف السعودي ترك أثره على نتائج قمة مجلس التعاون والتي عقدت في البحرين في نهاية ديسمبر/ كانون الأول، إذ خلا البيان الختامي من إحراز تقدم في مشروعات التكامل الاقتصادي الخليجي مثل السوق المشتركة والوحدة النقدية.
ختاما، بمقدور التحديات الثلاث فيما لو أحسن الاستفادة منها أن تساهم في القضاء على أكبر أزمة اقتصادية تعيشها البحرين وهي بالتحديد البطالة. تبلغ نسبة البطالة في البحرين نحو 16 في المئة، إذ يعتبر 20 ألفا من أصل 125 ألف مواطن في القوى العاملة بلا عمل. الأمل كبير أن ينجح مشروع إصلاح سوق العمل والنمو الاقتصادي على خلفية ارتفاع أسعار النفط والانفتاح على السوق الأميركية، وذلك بعد دخول اتفاق التجارة الحرة حيز التنفيذ في وضع حد لآفة البطالة التي لو تركت من دون حل فإنها ربما تهدد وحدة كيان المجتمع البحريني
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 848 - الجمعة 31 ديسمبر 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1425هـ