العدد 2884 - الخميس 29 يوليو 2010م الموافق 16 شعبان 1431هـ

الحكم الديمقراطي الصالح... المكون الرئيسي للإصلاح السياسي والاقتصادي (14)

جون سوليفان comments [at] alwasatnews.com

حقيقة الأمر أن ضعف وفساد قيادات الإكوادور جعلها في مؤخرة دول المنطقة فيما يتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية. في أواخر التسعينيات كانت الإكوادور تستعمل أكثر من 90 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي لسداد ديونها، وهي أعلى نسبة في دول أميركا اللاتينية. وكانت أعباء الديون تمثل أكثر من نصف الموازنة العام للدولة ونحو نصف إجمالي صادراتها. انخفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 7% سنة 1999 وانهارت عدة مصارف، واقتربت الظروف الاقتصادية من هاييتي التي تعتبر أفقر دولة في هذا النصف من الكرة الأرضية وواحدة من أفقر دول العالم. وفي مطلع القرن الحادي والعشرين وجدت الإكوادور نفسها في حالة طوارئ شديدة، وبدأ الناس يشككون في جدوى الديمقراطية وسيستخدمون أي وسيلة يرونها ضرورية لانتشال أنفسهم من الهوة الاقتصادية التي سقطوا فيها. الظروف السيئة لنحو 80 % من السكان الذين كانوا يعيشون بأقل من دولار واحد للفرد يوميا أجبرت المواطنين على وضع كل آمالهم في الخروج من الأزمة في أيدي أحزاب سياسية فاسدة ومضطربة.

اقترحت الجمعية الوطنية للمبادرين National Association of Entrepreneurs (ANDE) وهي منظمة تطوعية لجمعيات الأعمال الخاصة في الإكوادور التصدي لمشاكل الفساد والمطالبة بالإصلاح القانوني لتمهيد الطريق نحو إطار أكثر حرية وأكثر ديمقراطية للاقتصاد الوطني. وكانت أهداف هذه المنظمة تتلخص في تقليل فرص الفساد في النظام القانوني بتحديد وإلغاء القوانين التجارية التي تتضمن نصوصا مزدوجة ومتضاربة، والسعي إلى تكوين إجماع في الرأي بين مجموعات القطاع العام والقطاع الخاص لتحديد كيفية مراجعة هذه القوانين، وإصدار قرار تنفيذ نهائي بإعداد مجموعة جديدة من القوانين وتقديمها إلى رئيس البلاد وإلى الكونغرس الوطني لاعتمادها وإنفاذها.

ولم تركز الجمعية الوطنية للمبادرين على تحميل أي مجموعة معينة مسئولية الفساد في الماضي بل بادرت بإصلاحات من شأنها تغيير اتجاه الأعمال والالتزام بالممارسات النظيفة. ولتحديد جذور الفساد راجعت الجمعية قوانين البلاد التجارية المتعلقة بالإنتاج والتجارة الخارجية ووضع أسعار رسمية في القطاع الخاص ونقل التكنولوجيا وغيرها. ونشرت الجمعية دراسة شاملة عن ازدواجية نصوص القوانين واللوائح وعن التضارب الموجود بين بعضها، وأشارت إلى كيفية إزالة الازدواجية وتعديل النصوص القانونية. وبينت الدراسات التي أجرتها الجمعية أنه منذ تأسيس جمهورية الإكوادور قبل 167 سنة مضت تم صدور نحو 92250 نصا قانونيا منها 52774 كانت لاتزال سارية حتى سنة 1997. وأدى العدد الهائل من التضارب والتداخل والازدواجية بين هذه النصوص إلى بيئة قانونية تعمها الفوضى، كما جعل عملية تنفيذها وتطبيقها تخضع لأهواء البيروقراطيين.

وبعد الحصول على إجماع في الرأي من أبناء المجتمع المدني وزعت الجمعية الوطنية للمبادرين 350 صفحة تضمنت التعديلات القانونية المقترحة على الغرف التجارية والمنشآت الصناعية والزراعية ونقابات العمال والوزارات والجمعيات الأهلية الأخرى. وتمكنت الجمعية من الحصول على تأييد عدد من المؤسسات الكبيرة المحترمة منها الغرفة التجارية الوطنية وممثلو الجمعيات والمنظمات المختلفة كما شارك معها في دعم مشروع الإصلاح أعضاء محترمون من المجتمع القانوني الإكوادوري. وأجرت الجمعية اجتماعات مع الجماهير ومختلف أعضاء القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني لمناقشة التعديلات القانونية المقترحة، واستطلعت مختلف الآراء بشأن مسودة القرار التنفيذي Executive Decree المصمم للقضاء على القوانين المتضاربة والمزدوجة، وتأييد الدعوة إلى تحرير الاقتصاد ورفع القيود الاقتصادية.

إلا أنه نتيجة لغياب الإرادة السياسية وطبيعة التغيير التي تتسم بالتدرج في الإكوادور نفذت الحكومة 25 % فقط من المقترحات التي تقدمت بها الجمعية، وكانت هذه النتيجة إنجازا حقيقيا. أوصت الجمعية في مشروع القرار التنفيذ بتكوين لجنة قضائية سباعية للتعديل والتوفيق بين قوانين الإكوادور، وتبنت الجمعية حملة تأييد أسفرت في النهاية عن تضمين دستور الإكوادور الجديد نصا خاصا بهذه اللجنة. وتقوم الغرفة التجارية في الوقت الحالي بمواصلة السعي لدى الحكومة لتنفيذ بقية الإصلاحات (75 %) التي سبق أن تقدمت بها الجمعية الوطنية للمبادرين

إقرأ أيضا لـ "جون سوليفان "

العدد 2884 - الخميس 29 يوليو 2010م الموافق 16 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً