العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ

إلا التاريخ الوطني...

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يُروى أن صياداً كان كثيراً ما يعلق السمك بصنارته، وذات يوم استشاط زملاؤه الصيادون غضباً عندما لاحظوا أن الصياد المحظوظ يحتفظ بالسمكة الصغيرة ويرجع السمكة الكبيرة إلى البحر، عندها صرخوا فيه: ماذا تفعل؟ هل أنت مجنون؟ لماذا ترمي السمكات الكبيرات؟ عندها أجابهم الصياد: «لأني أملك مقلاة صغيرة».

نحن نفعل كذلك حين نترك كتابة تاريخنا لغيرنا، بحجة أن ذلك أكبر من إمكانياتنا ويضغط على أوقاتنا، فنحن من يمتلك الحس الوطني والمسئولية لحماية تاريخنا من أي عبث، فكتابة التاريخ المغلوط مهنة قديمة، الآن مازلنا نمتلك المقدرة على إظهار الحقائق، لكن بعد حين سيصبح ما هو موجود هو السائد والثابت، وستصبح كتبهم هي من مصادر وأمهات الكتب كما فعل من سبقهم.

التاريخ بوصفه كل ما يعني بدراسة الماضي مع التركيز على الأنشطة الإنسانية، يراه المؤرخ السخاوي بأنه الوقت الذي تضبط به الأحوال، جاءت عليه دعوات ترى ضرورة إعادة كتابته، فالشاعر والفيلسوف الألماني الكبير يوهان فولفجانج جوته كان كثيراً ما يقول «علينا إعادة كتابة التاريخ بين الحين والآخر»، إن إعادة الكتابة لا تعني بالضرورة البدء من الصفر أو تفنيد ما كتبه الآخرون، إنما الإعادة تعني النظر من جديد في الروايات والأحاديث غير المتسقة والخارجة عن الصيغ المتداولة، إعادة الكتابة تعني مزيداً من التحليل والكشف عن النقاط المبهمة، وتسليط الضوء على الحوادث بجوانبها الاجتماعية والاقتصادية، التقنية الحالية طريقة جديدة لاستيضاح الحقيقة فقبل أيام نشرت صحيفة «الوسط» أن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز أمر باستخراج رفات بطل الاستقلال ومؤسس ورئيس كولومبيا الكبرى في القرن 19 سيمون بوليفار، وذلك لإجراء اختبارات لمعرفة ما إذا كان مات مسموماً في كولومبيا أو توفي نتيجة إصابته بمرض السل العام 1830م بحسب الرواية التقليدية، جرى ذلك على الرغم من تحذير المحللين من أن إعادة فتح القضية سيزيد من توتر العلاقات بين فنزويلا وكولومبيا، ربما تكون هناك دوافع سياسية، أو ربما يقصد بها معرفة الحقيقة، لكن التقنية الحديثة سترجح أي الاحتمالين أما التغيير أو الثبات وعندها سيتغير التاريخ. في الآونة الأخيرة رأينا تسابقاً وحماسة منقطعي النظير في كتابة الروايات والمسلسلات التلفزيونية العربية والتي تعنى بالتاريخ، أو تقديم دراماً وقصص في سياق تاريخي مرتبط بتحولات سياسية وفكرية عصفت بتلك الفترة التاريخية وأثرت على شخوصها، غالبية تلك الأعمال الأدبية تسيء للتاريخ، إذ ما هي سوى حكايات وأساطير يعاد نثرها وتفكيكها ومن ثم تركيبها لتقدمها بثوب جديد ومخيلة جريئة على التاريخ، فمعظمها - وليس جميعها - ظن وتخمين وبعضها تحامل وهوى، وهي محاولة للتحكم بمصير الأجيال القادمة وإخبارهم بالحقائق من وجهة نظر كتّاب تلك الروايات والدراما.

إن من يتصدى لكتابة التاريخ الوطني وإعادته ينبغي أن لا يخضع لأي إملاءات أو تحقيق غرض ذاتي، أو السعي نحو بناء هوية جديدة يقصد بها تزييف التاريخ من أجل إعادة تشكيل أيديولوجيات مغايرة، تفند ما سبق ببناء مغلوط ومقصود، في البحرين تجري محاولات لإعادة كتابة التاريخ برؤية تحمل في طياتها مخاطر كبيرة، صحيح أن التاريخ ليس ملكاً لأحد لكن من يريد إعادة تقييم الحوادث من جديد، ينبغي أن يكون برؤية موضوعية وتوجه صادق لبناء الذات البحرينية وشخصيتها التاريخية بروح وطنية خالصة.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 4:28 م

      توزيع الثروة

      خليهم يكتبون التاريخ و يقولون اللي يقولونه .. السؤال: في عدل في توزيع الثروة ام لا.

    • زائر 11 | 9:42 ص

      زائر رقم ن

      زائر 4 : نسيت أهم مكونات المجموعة المشبوهة ... " التكريتيين " أمثال >>> . هناك مجموعة من الشرفاء رفضت هذا الدور المشين أمثال محمد حسن كمال الدين و عبدالله الأشعل !

    • الحقيقة المرة | 6:13 ص

      التاريخ صار تاريخ

      تاريخ الوطن اكبر من يكتب فى مكاتب او صالات مزيفه تصنعها الحكومه التى فى الاصل ليس اليها تاريخ على الارض فى الاساس . حسافه ان يكتب التاريخ من اناس ليس اليهم تاريخ لذلك طاع التاريخ والسبب ان من يريد ان يكتب تاريخ البحرين ليس اليه تاريخ فى البحرين ........ والحر بالاشاره يفهم

    • زائر 10 | 3:37 ص

      التأريخ

      للتأريخ صناعه وأهله معروفون (سيماهم...من اثر
      اصليته) ماركة أصلية لاتحتاج لتلميع أوقصص خيالية
      هناك ضحية وهناك جلاد والتاريخ لازال 1/لورنس العرب2/كتاب بل كريف الممنوع الآن منالتداول3/كتاب مبارك الخاطر(بحريني)4/رحاة بن بطوطه وكشكوكل البحراني وعلماء البحرين قديماً ولازلنا بخي يوجد شيبة البحرين اطال الله في عمرهم هذه الكتب مجرد أمثلة وربما لديكم اكثر أفيدونا رحمكم الله وزودو الناس بأسمائهم ليطلعو على التاريخ الصحيح ...والسلام.

    • زائر 9 | 3:25 ص

      كفّوا تصحّوا

      دعونا نكف عن ظلم وتسقيط وأذى بعضنا البعض
      وننتبه اما يحاك من خلفنا من دواهي تجنيس سياسي وتغيير ديمغرافي وتشويه تاريخ عريق خلاب واستبدالنا بتاريخ مستورد بغيض مزيف لغسل أدمغة أبنائنا ببطولات زائفة وسحب البساط التاريخي من تحت أرجانا(واللي ماله أول ماله تالي)
      تاريخنا لازال بخير مادمننا كما أسلفت بخير الوحده وخير الهدف والوعي وفبول بعضنا بعض وإلا المصيبة والطامة كبرى فلا نبغي بعضنا ولاالآخر يبغينا بل ولا يبقيناحتى والواقع شاهد!!!!.

    • زائر 8 | 3:19 ص

      النخلة والقبور في اماكن معينة

      كثير من زار البحرين استغرب الى هدة الطاهرة وهدا المنطر عندما شاهد النخيل وزراعة النخيل والاشجار في اماكن عن اماكن ووجود القبور والاطراحة في احياء ومناطق ولاتوجد تماما في اماكن اخرى-فااثبتت هدة الطاهرة ان هولاء هم من حرث وزرع الارض ووجود القبور هو دليا على الزمن والعمر والامتداد الدي عاشوا هولاء في هدة الارض ومعنى دلك هم اصحاب التاريخ وهم التاريخ الحقيقي وهم المفروض من يكتب ويورخ التاريخ بعدب عمر النخيل والاشجار-وليس بااقلام منزوعة من الحبر الصيني -

    • زائر 7 | 3:15 ص

      يشربون الخمور وأصلا ليس لهم دور في الفتوحات عندما تبحث في التاريخ وتكشف للناس فضاؤحهم فإن الدنيا تقوم ولا تقعد ويريدوننا أن نظهر للناس الجانب الناصع ولا نري الناس الفضائح

    • زائر 6 | 3:13 ص

      للأسف صار التاريخ العربي أشبه بحكايا الف ليلة وليلة التي تملؤها الأساطير والخرافات البعيدة عن العقل، وفوق ذلك صار التاريخ حكرا على طائفة معينة فلا يجوز أن نبحث وننقب ونتكلم عن شخصية فلان أو علان وكأننا سنتحدث عن آبائهم وليس عن شخصية تاريخية، والطامة الكبرى أن التاريخ وظف لتلميع شخصيات معينة

    • زائر 5 | 3:09 ص

      التاريخ دائما يسطر بااقلام مثل بطاقة السمسم اوفيفا

      جرت العادة يااخت رملة دائما او اكثر من يكتب التاريخ ان يكون شخص ليس لة تاريخ وليس لة بطولات او انجازات -السبب حتى يمحي من داكرة الناس ماهو التاريخ الحقيقي وماهي انجازات الاخرين-على سبيل المثال بعد النبي تم تغير حقائق وواقع معروف للجميع-ووقعنا في البحرين يحكي ويقدم عدة شواهد ودلائل واثباتات على ان التاريخ الحقيقي هي النخلة والقبور الزاخرة باالعلماء واهل الفكر من سكنوا البحرين من عشرة القرون-فعمر النخلة يمتد الى قرون-وقبور مثل صعصعة وشيخ عزيز والنبية صالح والشيخ ميثم والكثير-هولاء هم التاريخ

    • زائر 4 | 3:08 ص

      وش رايكم أن تاريخ البحرين الحديث اللي يكتبه مو بحرينيين

      تدرون في مجموعة من الاردنيين والسودانيين والمصريين شغالين على كتابة تاريخ بلدكم ، طبعا بتقولون لي ليش مو بحرينيين؟ بجاوبكم لأن ما في انسان بحريني شريف يقبل التزييف والتزوير

    • زائر 3 | 2:08 ص

      مثال على تزوير التأريخ

      درسنا في السبعينات ايام الثانوية العامه تأريخ الوهابية وكيف انهم هجمو وقتلو وسرقو في العراق في النجف وكربلاء كما يفعلون اليوم من تكفير واحزمة ناسفة ويقتلون الابرياء. واليوم انظروا الى مناهجنا لمعو صورتهم واخذو يدرسون دعوتهم لابنائنا على انهم مجددون للدين وكأن الدين المحمدي يحتاج لمجدد من أمثالهم ووضعو المناهج حسب أفكارهم زيارة القبور حرام والصلاة عند القبور حرام . وكل من يخالفهم كافر . س( أين يقع قبر الرسووول؟ +ألم يزر الرسول ص المقابر @ لعن الله كل ظالم ظلم محمد ص وال محمد ص)

    • زائر 2 | 1:49 ص

      ويش الفايدة من كتابة التاريخ

      ويش الفايدة يا رملة ادا الواحد كتب كتاب عن تاريخ بلده وتحرى الدقة والموضوعية فيه والنتيجة شخطة قلم تمنع هده الكتاب من النشر، شوفي يعني حتى فؤاد خوري الي جا من بعيد سنة 1973 والحكومة وفرت ليه كل التسهيلات عشان يكتب كتابه المشهور عن انتقال نمط الحكم في البحرين يوم شافو ان الكتاب كان موضوعي محكم منعو الكتاب من دخول البحرين من ديك السنة، والامثلة واجد ترسة كارتون، صبحش الله بالخير

    • زائر 1 | 1:40 ص

      أمينة الفردان

      اختي رملة تحية خالصة لك على هذا المقال القيم ..
      نحن في حاجة ماسة لعمل دؤوب لتوثيق ما يمكن توثيقه من تاريخ وتراث عان كثيراً من التهميش وعدم التدوين لأهداف معلونة تارة ومجهولة تارة أخرى ..
      فهل سنجد مساعي جدية من قبل مثقفينا في هذا الجانب ؟
      تحياتي ..

    • أحمد المحرقاوي | 1:14 ص

      تاريخ مزيف . .

      يوم كنا صغارا كنا ندرس تاريخ الأمة الإسلامية وقادتها الأبطال الذين فتحوا العالم ونشروا الإسلام واليوم يدرسون أطفالنا ما اسموه بالتاريخ الوطني ولكن شتان بين أولئك العظماء الأوائل وبين هؤلاء الصعاليك الذين أرادوا لهم أن يكونوا قادة دون إنجازات حقيقية ويدرسون أطفالنا أنهم فعلوا كذا وكذا وفتحوا كذا وكذا

اقرأ ايضاً