أكاد أجزم بأن جمعية «الوفاق» ستخوض مغامرة صعبة جداً حين قررت أن تدخل الانتخابات البرلمانية المقبلة بمعزل عن التفاهم مع حلفائها، وأرى ذلك يمثل خطأ كبيراً لا أعلم كيف أن «الوفاق» جرت أم انجرت إليه، وربما نجحت «المطابخ» في تحقيق مهمتها الرئيسية وهي خرق جدار التحالف السداسي.
ثمة عوامل مهمة تجعل القلق يحوم بشأن مستقبل الوفاق في علاقاتها مع الآخرين وخصوصاً شركاءها في التحالف السداسي الذين انقسموا إلى فرق ثلاث: فرقة ترمي الوفاق بالنبال، وفرقة تهاجمها على استحياء، وفرقة تبدو على الحياد السلبي من رفيقتها.
ها هي جمعية «وعد»، الصديقة الحميمة لـ «الوفاق» تبدو أمام خيارات صعبة، فـ «وعد» لن تقارع الوفاق في معاقلها، لكنها تعمد إلى كسب أصوات الوفاق في الدوائر المختلطة، والتي تتركز أساساً في الدوائر ذات التنوع المذهبي والسياسي والثقافي، ولكن في الوقت ذاته فإن «وعد» حريصة على استمالة أصوات الناخب السني في المحرق أساساً، ورهان «وعد» على هذه الأصوات كان واضحاً منذ افتتاح مقرها في المحرق، وإعلان أمينها العام إبراهيم شريف الترشح في «الكازينو».
على أن الواضح أن الحكومة قد تلجأ إلى تغيير التكتيك السابق الذي لعبته مع «وعد»، فهناك فرص لتفاهمات مسبقة بين الحكومة و«وعد» للسماح بمرور بعض مرشحي الجمعية لقبة البرلمان، وبدا ذلك واضحاً حين اختارت الحكومة رموزاً مؤثرة في جمعية العمل الوطني الديمقراطي في عضوية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ولا أتمنى أن أكون مفرطاً في التحليل إن قلت أن توزير أحد أعضاء «وعد» ليس مستبعداً.
الحليف اليساري الآخر للوفاق هو جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي. وهذه الجمعية قد شاركت في انتخابات 2002 التي قاطعها التحالف الرباعي، ولكنها اليوم تبدو في وارد دخول مواجهة مفتوحة مع «الوفاق» من خلال ترشح الأمين العام للمنبر التقدمي حسن مدن في مدينة حمد، في قبالة النائب الوفاقي المخضرم جواد فيروز، ويعد مدن من القيادات التاريخية المعتدلة لليسار البحريني، ولطالما برر دخول جمعيته على الخط في منافسة «الوفاق» برفض الأخيرة لفكرة القائمة الوطنية الواحدة.
الجمعية الرابعة هي التجمع القومي الديمقراطي، وهي تمثل المتعاطفين مع حزب البعث العربي الاشتراكي في البحرين، والمفاجأة أن الجمعية قررت النزول بكل ثقلها في مواجهة «الوفاق»، حين أعلن الأمين العام للتجمع القومي حسن العالي على حين غرة مقارعة النائب الاقتصادي الوفاقي جاسم حسين.
الشريك الأقرب مذهبياً واجتماعياً لـ «الوفاق» هي جمعية العمل الإسلامي (أمل) التي قررت أن تكون خارج المشهد الانتخابي المقبل لأسباب عديدة، فـ «أمل» تواجه جمهورها الذي لايزال يحمل روحاً حماسية لا تبدو في وقتها المناسب، وكذلك فإن «الوفاق» لم تقدم أذناً صاغية لمطالب «أمل» بالشراكة في تقاسم الكعكة، فلم تستسغ «الوفاق» منح أية مقاعد لحليفتها، كما لم تبد الوفاق أي حماسٍ يذكر لفكرة «الكتلة الرسالية».
«أمل» وجهت انتقادات لاذعة لـ «الوفاق» في مناسبات شتى، أبرزها في محطة «تقاعد النواب»، وقبلها في تزعم معارضة الاستقطاع لقانون التعطل. ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة بين «الوفاق» و»أمل» هي تلك المقولة الشهيرة للأمين العام للجمعية الشيخ محمد علي المحفوظ الذي دأب على تكرارها، وهي اتهام البرلمان بأنه «فاسد ومفسد»، وهو ما أثار قيادات وجمهور «الوفاق».
إذن كل ذلك يقود إلى نتيجة حتمية منطقية، وهي أنه كما كانت انتخابات 2006 السبب في إنهاء التحالف الرباعي فإن انتخابات 2010 ستمنح شهادة الوفاة مبكراً للتحالف السداسي الذي تحول إلى التنافر السداسي. ولا يجد قادة الجمعيات الست غضاضة في مهاجمة بعضهم البعض سراً وعلناً.
«الوفاق» اليوم أمام تحديات صعبة للغاية، وأخشى ما أخشاه على «الوفاق» هو أمران: منزلق الاستفراد بالمقاعد من جهة حتى لو كانت «الوفاق» تراها استحقاقاً طبيعياً؛ لأن ذلك يعني أن الثمن الذي يجب أن تدفعه «الوفاق» هو نهاية التحالف السداسي، ولو كنت مستشاراً لـ «الوفاق» اليوم لنصحتها بالتفاهم مع حلفائها لضمان تلافي نفق محاصرة «الوفاق» في المجلس.
الأمر الآخر الذي أخشاه على «الوفاق» هو خطورة الشعور بالثقة المفرطة، فصحيحٌ أن «الوفاق» قوة سياسية ضاربة، ولكن ذلك لا يعني مطلقاً عدم قراء التغيرات الواقعية على الأرض، ولعل سائلاً يسأل: ما الذي تغير حتى تغير «الوفاق» من تكتيكها؟
والجواب سيكون كالآتي: هناك تململ عام في الشارع البحريني عموماً وفي صفوف التيار الوفاقي خصوصاً، فلا توجد دافعية كبيرة تدفع الناس لتكرار سيناريو التدافع على صناديق الاقتراع بسبب المحبطات الأمنية والسياسية، والنقطة الأخرى أن أداء بعض نواب «الوفاق» كان محبطاً لناخبي دوائرهم على الأقل، والعامل الثالث هو دفع الحكومة لوجوه مستقلة لمقارعة «الوفاق» في دوائرها في موجة الحديث عن صفقات سرية، والسبب الرابع أن من الصعوبة بمكان أن يقدم العلماء دعماً مطلقاً لـ «الوفاق» كما حدث في الربيع الانتخابي السابق لعوامل عديدة.
ما أردت قوله ليس التقليل من شأن الثقل السياسي الكبير للوفاق، ولا التشكيك في أدائها البرلماني الذي أرى أنه كان متميزاً في ظل الضغوطات والتحديات والتجاذبات، وقد نجحت في كسر جمود المجلس المنتخب.
لا يساورني شك بأن وجود «وفاق» قوية وفاعلة وإيجابية ومؤثرة هو من أجل مصلحة التجربة السياسية للبحرين، ومن شأن ذلك أن يثري العملية السياسية وأن يحفظ التوازن في المشهد الاجتماعي، غير أن «الوفاق» عليها في المقابل أن تستعيد زمام المبادرة من خلال إعادة النظر في نمط التعاطي مع حلفائها في ملف الانتخابات المقبلة، ومن المهم أن تسترشد بالتحالفات الاستراتيجية الوثيقة بين حركة كحزب الله في تحالفه مع الجنرال ميشيل عون ولشراكتها مع حركة «أمل» رغم أن الخصومة التاريخية بينهما بلغت حد الدماء!
إن أكثر المطابخ خطورة على «الوفاق» هو تجريدها من غطاء التحالف السداسي الذي من مصلحة «الوفاق» أن يبقى صامداً حتى لو كان المهر المطلوب تقديمه التضحية بمقعدٍ هنا أو هناك...
في كل الأحوال لايزال لدى «الوفاق» قدر يسير من الوقت لأن تفكر بهدوء وواقعية أكثر في حسابات الربح والخسارة، فسقوط التحالف السداسي يعني ببساطة أن الوفاق ستكون مكشوفة الظهر!
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 2876 - الأربعاء 21 يوليو 2010م الموافق 08 شعبان 1431هـ
سوسن
اعتقد ان الجمعيات دون الوفاق ستكون مكشوفة الظهر خاصة لما تمتلكة الوفاق من جماهيرية حاشدة .
بوركت يا استاذ
كلامك جميل يا استاذ واتفق معك في بعض ماقلت ويستحق ان يكون موضوع لنقاش في كواليس الوفاق التي تصنع القرار .
زائر رقم ن
Abu Zainab
بليز اكتب عربي أحسن لك و لنا
ABU ZINAB
YOU ARE RIGHT, ALWEFAQ NEED TO ALLIANCE WITH ALL SOCITYES FOR GIT TO MUCH CHAIRS IN PARLEMNT BECAUSE THE GOVEONMENT VERY STRONG THEY ARE OLD POLITICIANS.