العدد 2876 - الأربعاء 21 يوليو 2010م الموافق 08 شعبان 1431هـ

المالِكي والتشبث بالسلطة!

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لغاية اليوم (الخميس) يُكمِل العراقيون 138 يوماً على انتخابهم نُوّابهم. هذه الفترة المُمتدة توزّعت أيامها ما بين ادّعاءات بالتزوير، وتجيير لمؤسسات دستورية ضد خصوم وحلفاء بالسّواء (المحكمة العليا مثالاً)، وتسخير لمؤسسات أمنية واستخباراتية تُجهِزُ على ما لَمْ تستطع فِعله باقي المؤسسات (الاغتيالات في صفوف العراقية مثالاً).

وتوزّعت أيضاً على قيم أخلاقية هابِطة تمثّلت في بيع وشراء ذمم، وتكوين تحالفات سوداء ضد ومع وحول قضايا التشكيلة الحكومية التي كان يُمكن أن تتمّ دون اعتبار لأيٍّ من تلك التحالفات الغريبة ليس على الديمقراطيات (إنّ صحّ أن هناك ديمقراطية) فقط وإنما حتى على الأنظمة المترنّحة على مستوى البناء البيروقراطي، والمُعابَة في هيئتها كدول شائخة.

أسمع ما بين الفينة والأخرى همساً من هذا الفريق السياسي أو ذاك في الداخل العراقي. المجلس الأعلى يُفضّل الجعفري على المالكي، لكنه يُفضّل الجلبي على الجعفري. والصدريون يُفضّلون الأخير على المالكي وعبدالمهدي وعلاوي، لكنهم يُفضّلون أيضاً جعفر الصدر على الجعفري. والأكراد لا يرغبون بالجميع إلاّ لمن يُومّن لهم مصالحهم، ويُسوّي لهم مشكلة كركوك وقضايا التطبيع في هذه المدينة الغنية بالنفط.

لكن الغريب من بين كلّ أولئك الفرقاء هو ما تقوله وتُصرّ عليه قائمة ائتلاف دولة القانون. فهي لا ترى ولا تسمع ولا تتكلّم ولا تتحسّس ولا تشمّ ولا تؤمن إلاّ بنوري المالكي رئيساً للوزراء. بل هي مُستعدّة لتقديم أيّ تنازل في سبيل حصولها على ذلك الموقع الذهبي في قوس الدولة العراقية ما بعد الاحتلال.

وهو إنّ دلّ على شيء فإنما يدلّ على ما يتمتّع به ذلك المنصب من صلاحيات هائلة لا تُقدّر بثمن. فحين يُوافق المالكي على منح الصدريين الذين يملكون أربعين مقعداً فقط وزارتَيْن خَدَميتين (النقل والصحة) وواحدة سيادية (النفط) وواحدة بدون حقيبة (الأمانة العامة لمجلس الوزراء) مقابل زحزحتهم للفيتو المُصوّب تجاهه، فماذا بقِي للآخرين من بقيّة التشكيلة الوزارية ممن يملكون مقاعد أكثر من الصدريين، فُرادى وجماعات؟!

لا أتصوّر مذاق السلطة بالنسبة لنوري المالكي وهو يعود إليها على جوادٍ أحنف السّاق. أعور العَين. يكبو وينهض على وَقْعِ خصومٍ لا ينتهون في ذات الشمال وذات اليمين. وعلاقات مُترنّحة مع الجوار وبالتحديد مع العالم العربي الذي هو عُمق العراق الحقيقي. كيف ستبدو السلطة ومؤسساتها بالنسبة للرجل وهو على هكذا حال مع الداخل والخارج.

إذا اعتقد نوري المالكي أنه كـ «وينستون تشرشل» الذي قاد بريطانيا إلى النصر في الحرب العالمية الثانية فعليه أن يعلم أن تشرشل غادر السلطة طواعية وهو يحمل ذلك الإرث. وإذا اعتقد أنه كـ «شارل ديغول» الذي حرّر بلاده من الاحتلال النازي، فعليه أن يعلم أن ديغول لم يكن عَصَاً على الديمقراطية الفرنسية, وإذا اعتقد أنه كـ «خوريه سيمون بوليفار» مُحرّر أميركا اللاتينية ومُوحّد إرثها من الاستعمار فإن الأخير لم يكن يوماً مساوياً بينها وبين استقرار بلاده.

عليه أن يفهم أن كثيرين من الزعماء تنازلوا عن السلطة من أجل بلادهم وشعوبهم بل وحتى من أجل تاريخهم السياسي والشخصي. بل إن بعضهم كان دكتاتورياً سلطوياً في حكمه. ترك نابليون الأول وشارل العاشر ولويس فيليب عرش فرنسا، وتنازل ادوارد الثامن عن تاج بريطانيا، وإيزابيلا وشارل الخامس عن عرش إسبانيا. فهل سيُسجّل التاريخ للأجيال القادمة أن رجلاً في العراق اسمه نوري المالكي تنازل هو الآخر عن السلطة طواعية في سبيل بلاده وشعبه؟ لا أدري. ربما.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2876 - الأربعاء 21 يوليو 2010م الموافق 08 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 5:34 ص

      المالكي ولا نعم الرجل

      المالكي عبارة عن دكتاتور صغير . دمر مدينة البصرة والصدر على اصحابها وانتشر الفساد في ميسان وذي قار والنجف الاشرف فماذا بقي لكي ندافع عنه

    • زائر 7 | 5:12 ص

      Hi Abo Zinab

      Your English is getting better.
      --
      I have a little note for you:
      --
      ALMALKY IF HE GIVE SOMTHING .......
      --
      You should say:
      --
      ALMALKY; IF HE GIVES SOMTHING .......
      --
      Good luck .......... Take care .... Bye.

    • زائر 6 | 4:45 ص

      اياد علاوي يعني انقلاب ابيض

      عندما يستلم السلطة اياد علاوي يعني ان العراقيين صاروا مغفلين وهذا اقرار وتوقيع صكا على بياض للبعث لقيادة العراق البلد المسلم والموالي لأناس لايقيمون وزنا للقيم والمبادىء يعنى ارجاع الشعب العراقي للمربع الأول حمامات من الدماء واكوام من الأشلاء ومعتقلات رهيبة تحتوي على احواض الأسيد المديب هيهات لا الملكي ولاغيره يرضى بذلك الغباء السياسي

    • زائر 5 | 4:29 ص

      ABU ZINAB

      YOU ARE RIGHT ,ALMALKY IF HE GIVE SOMTHING GOOD FOR IRAQ HE MUST KNOW THERE IS BETTER THAN HIM

    • زائر 3 | 2:59 ص

      كلام غير مقنع وغير منصف في حق المالكي

      ما هذا العذر الذي تريد من المالكي من أجله التنحي عن السلطة؟ بصراحة لقد صدمت بطرح كاتب مثلك كلام غير مقنع وغير عميق بهذه الصورة أنت تشكك في نوايا هذا الرجل وفي نزاهته،العراق دولة متضعضعة بعد نظام دكتاتوري دمرها تدمير..تضم الملايين،وان كان جوع الناس هناك يقودهم الى رغبتهم في تنحي المالكي فجوعهم لن يخمد بتنحيه،وفي عهد الامام علي عليه السلام وهو أعدل الناس كان وللأسف للفقر مسكن عند الناس ولماذا من الدكتاتورية التشبث في هذا المقعد.. لم حبه لوطنه ولعدم رغبته في أن يأتي صدام آخر هو الدافع؟

    • زائر 2 | 1:41 ص

      أيه ....... والله !!

      هل يبقى المتخلف دائما متخلف؟
      --
      فبعد أن تخلص العراق من النظام الديكتاتوري .. واسس نظاما ديمقراطيا.
      --
      وسنحت الفرصة بأن تكون دولة عربية مؤسساتية ديمقراطية تحترم المواطن.
      --
      للاسف برزت لنا الثقافة العربية المتخلفة الغير ديمقراطية التي تشبع بها المواطن العربي وأصبحت جزءا من عاداته وسلوكه.
      --
      فكل ما نرجوه من العراقين هو أن يسايروا هذه الديمقراطية، لا أن يتخلفوا عنها هذا التخلف المؤسف، وأن تشكل حكومة قوية بوجود معارضة قوية.
      --
      فأنتم ياعراقيين أمل لنا جميعا.

    • زائر 1 | 12:10 ص

      مقتدى الصدر

      ما يحلها الا ابو هاشم مقتدى الصدر والباقي ما يسوون شيء

اقرأ ايضاً