على رغم أن المستوى الفني الهابط للبطولة عموماً وللمنتخبات العالمية المشاركة خصوصاً هو محور حديث جميع الرياضيين والمتابعين لمونديال 2010 الذي اختتم في جنوب إفريقيا، إلا أن الأخطاء التحكيمية جاءت لتلقي بظلالها على هذه البطولة الأكثر شعبيةً، إذ يبدو أن الحجم التنظيمي الذي تتمتع به أكبر بطولة رياضية لم يعفِها من الشكوك والمخاوف التي صاحبت إقامتها والمتعلقة بأمور التحكيم ومدى ملاءمة الحكام لحجم هذه البطولة العريقة.
ومع الاعتقاد السائد لدى جميع اللاعبين العالميين على أن التحكيم جزء من كرة القدم وأخطائه واردة بغض النظر عن تأثيرها على المباريات والنتائج، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لردع أصوات المنتقدين وهم يرون أخطاء تحكيمية كثيرة وقعت في الأدوار الأولى من المونديال، وجاء اعتراف الفيفا خلال البطولة بأن التحكيم ليس على ما يرام ليُصب الزيت على النار، مثيرًا حفيظة الجماهير والمنتخبات المشاركة.
أخطاء تحكيمة كثيرة لا تُغتفر ارتكبها حكام عالميون لهم صولات وجولات في المستطيل الأخضر، وكان منها لمسة يد البرازيلي فابيانو قبل تسجيله لهدف ضد ساحل العاج، وعدم احتساب هدف صحيح للمنتخب الأميركي أمام سلوفينيا، كما أسرف الحكّام في منح البطاقات الصفراء للاعبين حيث بلغ عددها بعد جولتين 140 بطاقة، فضلاً عن البطاقات الحمراء البالغ عددها 17، وبين كل هذا وذاك... جاء الخطأ الفادح للحكم خورخي لاريوندا ليكون القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ لم يحتسب الحكم هدفا صحيحا للاعب الإنجليزي فرانك لامبارد حين تجاوزت كرته خط المرمى بنحو نصف متر بعد اصطدامها بباطن العارضة ليستمر اللعب وسط حالة من الذهول، ليجني الحكم الأوروغوياني على نفسه ويتم استبعاده فوراً من المونديال الإفريقي لأن خطأه جاء في وقتٍ أحوج ما يكون فيه المنتخب الإنجليزي لهدفٍ كان من الممكن أن يغيّر مساره في البطولة.
وربما أن هذا الهدف الملغى كان السبب في إثارة الجدل مجددًا حول إمكانية استخدام التكنولوجيا للمساعدة في حسم القرارات التحكيمية في مباريات كرة القدم، وفي الوقت الذي أقدر فيه أهمية هذا القرار ونتائجه الإيجابية على اللعبة، إلا أن وجهة نظري القاصرة تبدي رفضها لذلك، لأن أي عاقل لا يمكنه تصوّر أن مباراة كرة قدم ستتوقف لبضع دقائق للتأكد من صحة قرار تحكيمي!
وفضلاً عن ذلك، فإن استخدام التكنولوجيا سيفقد اللعبة تأثيرها البشري المباشر والمتعلق بدور الحكّام في المستطيل الأخضر، كما سيؤثر ذلك سلباً على إثارة الكرة وطبيعتها الجماهيرية التي تتمتع بالحركة السريعة، ثم إن استخدام التكنولوجيا يُحتِّم التغلب على الكثير من الصعاب ومنها ضعف الإمكانات المادية لدى بعض دول العالم إذا ما أرادت الفيفا تطبيق ذلك.
وبالعودة إلى أسباب ضعف التحكيم في المونديال، لابد أن نذكّر أن حكّام البطولة تم تأهيلهم نفسياً وعملياً من قبل الفيفا منذ فترة طويلة، ولكن كانت هناك أسباب غير إرادية إن صح التعبير مثل سوء التمركز من قبل بعض الحكام وضعف اللياقة البدنية، فضلاً عن الضغط النفسي من قبل الصحافة، كما أن أخطاء مساعِدَي الحكم أثرت سلباً وبشكل مباشر على أفضل الحكّام العالميين مثل الإيطالي روزيتي، ولا نغفل أن ضعف شخصية بعض الحكام ساهم بشكل كبير في عدم سيطرتهم على بعض المباريات لتصبح مشحونة وعنيفة من قبل اللاعبين وتعتبر المباراة النهائية أبرز مثال لذلك.
ختاماً علينا أن نتيقن بأن أخطاء الحكام ستستمر في المستقبل وعلينا تقبّلها، فهي في النهاية أخطاء بشرية مثل أخطاء اللاعبين والمدربين والإداريين، والأخطاء بشكل عام ستبقى جزءا من اللعبة.
جابر عدنان نعمة
العدد 2874 - الإثنين 19 يوليو 2010م الموافق 06 شعبان 1431هـ
نشكر الوسط
نشكر الوسط على نشرها للمقال، وتنظيمها لهذه المسابقة التي تتيح للقراء الفرصة للمشاركة بآرائهم الرياضية.
نشكر الوسط
نشكر الوسط على نشرها المقال .. وتنظيمها لهذه المسابقة التي تتيح للقراء المشاركة بآرائهم الرياضية.