العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ

النهضة الثقافية وعلاقتها بالخلق والإبداع

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

إن الساعات الطوال التي يقضيها العرب أمام الشاشات الفضائية لهي مهددة للوقت، لما تعرضه من برامج رخيصة ووسائل تافهة للترفيه، وثقافة معدومة ومسطحة! سواء من غناء هابط، أو فيديو كليب مثير للاشمئزاز لضحالة مكوناته.

مع حوارات... وصراخ... ومعارك سياسية... لا فائدة أو طائل يرتجى منها! تتداخل فيها السياسات والرفض والندليس والاستهزاء! أما أخبار القتل والهشيم وتقطيع أوصال ودماء الشهداء ممن يموتون يوميا بأيدي الجبناء في ساحاتنا العربية، باتت معضلة هذا الزمان الغادر... بحيث اختلط على مذيعي النشرات الأمر وباتوا يتبسمون... وهم يقرأون مثل تلك الأخبار المفجعة لكثرة ما قاموا بتكرارها يوميا! ودونما قدرة على بث إعلام موجه للعدو! وأصبحت وسائل القتل عن البعد وإرسال شظايا جرثومية من خلال المدافع والصواريخ الحربية بحيث تخترق الأجساد، وتقتل المصابين والذين لم يقتلوا في حينها بعد عدة أشهر، لما تقوم به هذه الشظايا من تسميم الجسد وتفتيت للأعضاء الداخلية كما في غزة مؤخرا!

إن للإعلام دورا مهما في تهذيب وتجذيب الرؤيا عند المشاهدين والرفع من كفاءة الأفراد وثقافتهم؛ فالمحطات العربية مليئة بالمواد والحشو الرخيص لتمضية وحرق الأوقات... مما يزيد من أزمة وانحدار هذه المجتمعات وضحالة الثقافة العامة إضافة إلى أشياء أخرى مما يزيد من تخلف هذه الأمة العربية الإسلامية والتي كانت رائدة في منار الحضارة العالمية يوما.

ولنعرف كيف يعمل اليهود والمنتشرون في بلاد العالم ممن أبدعوا في التكنولوجيا والعلوم والفنون والأدب... بسبب إصرارهم على العمل الدؤوب على رغم الصعوبات التي واجهوها بسبب تهجيرهم وعدم وجودهم في دولة واحدة تضمهم فهم استخدموا ذكاءهم وفكرهم في الإصرار على النجاح وبدأوا في السيطرة على الإعلام الأميركي وبرز بينهم العمالقة في السينما والإخراج والتمثيل وكانوا متّحدين أدبيا مع بعضهم بعضا، ويساعدون الضعيف فيهم بكل سخاء ومساندة لإنجاحه وإيصاله!

وحينها نشروا قضيتهم بالطريقة التي يريدونها، وكذبوا لتحسين صورتهم أمام المجتمع الدولي على رغم اغتصابهم لدولة فلسطين! أما وجودهم الكثيف بكل مراكز القرار والإبداع جعل منهم قوة يحترمها العالم ويهابها ويساندها ليس لخوفهم منهم بل لإعجابهم بهم في طريقة تناولهم العمل والجهود الجبارة التي يضعونها للإنتاج والتحصيل أينما يكونوا... فبرع الكثيرون منهم وقدموا خدمات جليلة للبشرية قد تكون أسبابها وجودهم في دول متقدمة وتشجع المبدعين والمجتهدين من دون تمييز لديانته، أو لوجود أجواء نهضوية وثقافية حاضرة وخصبة للعمل! وإذ أقوم بنشر بعض من المخترعين والمكتشفين من اليهود والذين استفادت منهم البشرية بشكل كبير وأساسي للتقدم العلمي والطبي، وحتى الموسيقى والفنون، ففي الإنترنت مخترع «غوغل» و»أوراكل».

من الطب كل من مخترعي الحقنة الطبية، وعلاج مرض شلل الأطفال، وسرطان الدم (اللوكيميا) وعلاج مرض الزهري، والكبد الوبائي، وحبوب منع الحمل... (لا يسعني المجال لذكر أسمائهم).

إضافة إلى مكتشفي الألياف الضوئية (Fiber Optics) والمفاعل النووي - حتى الإشارات المرورية.

عدا العلماء من اينشتاين، وفرويد، وكارل ماركس... وقد تمتلئ الصفحات بمئات من هؤلاء مما لا يمكنني ذكرهم، أما العرب فهم متفرجون ومستفيدون! -مع الأسف- ويبكون دائما بأن العالم لا يحترمهم بل وإنه يتدخل في شئونهم السياسية دائما. هل الضعيف منحوس أم ماذا؟!

وأما إذا حاولنا مقارنة النسبة والتناسب فسنجد أن:

- فهم 14 مليونا ونحن المسلمون والعرب مليار ونصف المليار، أي واحد يهودي مقابل 107 منا!

- ومع ذلك فاز 180 يهوديا بجائزة نوبل مقابل 3 من المسلمين!

- وتوجد 6 جامعات إسرائيلية من ضمن أحسن خمسمئة جامعة في العالم، ولا أحدا من العرب والمسلمين مع الأسف!

- أما نسبة التعلم في الدول المسيحية 90 في المئة، وفي الإسلامية 40 في المئة.

- دخول الجامعة في الدول المسيحية 40 في المئة، وفي الإسلامية 2 في المئة.

- مَن أنهوا المرحلة الابتدائية في الدول المسيحية 98 في المئة، وفي الإسلامية 50 في المئة.

- البحوث والاكتشافات عند الدول المسيحية 5 في المئة، وعند الإسلامية 0.2 في المئة.

- أما بالنسبة للصرف على الثقافة والإعلام والكتب ونشر العلوم والفنون... إلخ، فهي أرقام أخجل من مقارنتها لقلتها وعدم تماشيها مع العالم المتقدم إطلاقا، لا قراءة ولا سماعا ولا مشاهدة تثقيفية أو توعوية!

فنحن نعيش في ورطة حضارية لن تتغير إلا بتوسعة رقعة نشر الثقافة والحرية الفكرية وملكاتها! والاهتمام بالأبناء والشعوب؛ فنحن مازلنا نعيش عهد الوساطة، والغش في الوصول الأسرع للسلطة والمناصب الحساسة... مما يصدر أفرادا ضعافا علميا وفكريا للقيادة والنهوض بالمجتمع... ككتلة موحدة رائدة واعية وعدم تقدير الإبداع والمميزين للنهوض... والاتكال على السلبيات ورمي المسئولية أحيانا على الحكومات... أو الحكام! وأن اليهود فئة تتآمر علينا دائما هي الشمّاعة التي نعلق عليها نواقصنا وقصورنا... فنحن غير قادرين بسبب ذلك على صنع المعرفة أو نشرها... ولا حتى طريقة استيرادها.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً