تذهب بيأسك... بانكسارك. تبحث عن فُرجة تطلُّ عليها من دون جدوى. تذهب إلى شغفك الضاغط على أعصابك ونومك وتحرِّيك للجهات التي ستكون فيها. تذهب ممعنا في السهر والذهول والغياب وحتى الغيبوبة. لا شيءَ يدلُّ على ثبات حضورك وتقصِّيك للزمن من حولك. فقط تحاول أن تكون على قدر من مسئولية توازنك.

يحيلك الصوت إلى مراتع توازنك الأول. مراتع رفاهيتك. لكنك لا تلبث تكتشف أن رفاهية كتلك لها ضريبتها واستحقاقها. ضريبة أن تكسر انكسارك، واستحقاق أن تكون أهلا لذلك الملكوت الذي لم يترك لك شبر عذر كي تمعن في تجاهل الانكسار الذي تحياه.

تقلِّب وجهك شطر يأس وأمل. يأس لأنك في الذروة من التيه في ذلك الملكوت. لا تملك خريطة تدلُّك عليه. على تفاصيله. وأمل في أنها لم ترتج يوما أن تكون في الذروة من صلف إمكاناتك وقدرتك. فقط تريد أن تكون أهلا لوجعها ووحدتها ورجائها العابر والمسكوت عنه.

***

تحاول أن تفهم القلب. تحاول أن تفهم كيمياءه. تحاول أن تقف على قدرته المذهلة على ارتكاب فظاعات كما قدرته على ارتكاب آيات. تحاول أن تقرأ تلك الكيمياء قراءة لا تتحرى إعادة الرشْد إلى الثابت، بقدر ذهابها إلى قراءة المتحول من ذلك الرشْد.

***

في مكان ما. في زمن ما. ثمة بشر يحيطونها بمودة بالغة. مودة تبعث على النحر في طرفك القصي من المكان ذاته؛ لكن لا تملك إلا أن تتجرَّع مرارتك من دون أن يعلو صوتك على صوت تلك المودة والحفاوة. تحاول التحريض لتبنِّيها واحتضانها والانحياز إليها.

***

أعتذر عن الغياب. أعتذر عن موعد القصيدة الذي تأخر. أعتذر عن ثمن الوردة الذي لم أدَّخره. أعتذر عن الغياب الطويل. اعتذر عن التعب/ الجبل. أعتذر عن الهاتف الذي يرن من دون رد في الطرف الآخر. عن الرسائل التي كثيرا ما تأتي مشحونة بالانفعال. أعتذر عن كل شيء. عن تعبي ويأسي وانكساري الذي لم أصطنعه.