«العمل من أجل بناء شباب بحريني مبدع، قادر على الابتكار، ولا يخشى المنافسة حتى في بيئة عالمية، ويهيئ نفسه للمستقبل دون إهمال الحاضر». هذا تلخيص شديد ومكثف للعناصر الرئيسية لبرنامج «إي شباب» السنوي هذا العام، الذي انطلقت أعماله يوم أمس السبت الموافق 17 يوليو/ تموز 2010، وتشارك في إقامة فعالياته المختلفة مجموعة من الشركات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، هي هذا العام: مؤسسة الشباب والرياضة وشركات «زين» و»مستقبل الخليج للأعمال»، ومايكروسوفت، و»إيحاء غرافيك» وجمعية البحرين للإنترنت و»جمعية ليلى فخرو لتنمية المجتمع».
كان اول المتحدثين في جلسة الافتتاح رئيس البرنامج أحمد الحجيري، الذي نجح في تقريب أهداف البرنامج من أذهان الشباب المشاركين، الذين سوف تتشكل منهم الفرق المتنافسة هذا العام. وبعد أن أعطى الحجيري أمثلة متعددة عن الابتكارات العالمية مثل الحاسوب والهاتف والمصباح الكهربائي، حاول أن يلفت النظر إلى مسألتين مهمتين ذاتي علاقة بالابتكار في حد ذاته، الأولى هي أن الابتكار مناقض للجمود ومتحد قوي للسكونية، فهو عملية مستمرة تحمل في أحشائها النمو والتطور الإيجابيين، وأعطى أمثلة محسوسة على ذلك مثل السيارة والحاسوب، فأول سيارة ابتكرت ليست هي السيارة التي نعرفها اليوم، سواء من حيث الشكل أو حتى كفاءة الأداء، والأمر كذلك بالنسبة للحاسوب الذي كانت أجهزته تحتل مساحات كبيرة، ليصبح اليوم صغيرا وخفيفا يحمل باليد الواحدة، الثانية هي أن الابتكار ظاهرة متمردة على الحدود بالمعنيين الزمني والمكاني، وبالتالي فعلى المبتكر أن يمتلك في نفسه الثقة التي تعينه على الدخول في مسابقات مع من هم أكبر منه سنا، وضد مبتكرين ينتشرون في دول العالم قاطبة.
من جانبها، كانت مديرة البرنامج نور البقالي، وهي شابة أيضاً موفقة في إيصال آلية عمل البرنامج، وطرق الانتساب له، في أذهان الحكام والمتحدثين والمشرفين على الفرق، إلى جانب الشباب المشاركين في مسابقاته ممن حضروا جلسة الافتتاح تلك، مركزة على أن البرنامج هو بمثابة «تحد ابتكاري على المستوى الوطني، يخاطب الشاب البحريني الأكثر موهبة كي يأتي بفكرة مبتكرة تحمل في أحشائها حلولاً مبدعة قابلة للتطبيق المستعينة بتقنيات الاتصالات والمعلومات». ولم يفت على نور أن تثير الحماس في نفوس الشباب المشاركين باستعانتها ببعض الأرقام الإحصائية التي تؤكد نجاح البرنامج ونموه الملموس وهو لم يتجاوز سنته الثانية بعد، معرجة بعد ذلك على أرقام هذا العام، فمن بين 250 متقدماً تم اختيار الثمانين الأفضل فقط، سوف يستمعون إلى 15 متحدثاً وينفذون مشروعاتهم تحت إشراف 15 خبيراً في ميادين تقنية الاتصالات والمعلومات، ويشاركون في 60 فعالية، ويستمعون إلى 60 محاضرة تركز على تنمية مهارات الإبداع لدى الشباب. وأنهت نور كلمتها بتحديد المجالات التي يشملها برنامج «إي شباب»، وهي «الحكومة الإلكترونية، والأجهزة المتنقلة من حواسيب دفترية وهواتف، وأية مجالات أخرى قريبة من هذين الاثنين»، سواء كان ذلك في مجال المحتوى أو التطبيقات أو الحلول أو البرمجيات، بما في ذلك الاستعانة بوسائل الترفيه مثل الألعاب الإلكترونية.
بعدها كانت كلمة خبير الاتصالات والمعلومات أحمد الناصر المكثفة التي ركزت على كيفية بناء الفرق المتنافسة، ومقاييس الحكم التي تتوزع على ست فئات رئيسية لكل منها نسبة معينة من درجات التحكيم، هي: 25 % تعطى لطريقة العرض، و25 % أخرى تأخذها المكونات الإبداعية للمنتج، وتخصص 15 % لكل من الفائدة المجتمعية والشبابية التي يتمتع بها المشروع المتنافس، ودرجة مرونته وقابليته التطبيقية، وتتوزع الـ 20 % الباقية بالتساوي بين أصالة الفكرة وتفردها، وجدواها.
آخر المتحدثين كان رئيس إدارة وحدة المعلومات في مؤسسة الشباب والرياضة، ونائب رئيس جمعية البحرين للإنترنت نواف عبدالرحمن، الذي، وبموجب عضويته في مجالس إدارة منظمات دولية بعضها تابع للأمم المتحدة، ألقى كلمة احتوت على مادة غنية لمشروعات عالمية مشابهة، رابطا بين تلك المشروعات وبرنامج «إي شباب»، باثا روح المنافسة والتحدي في صفوف الشباب المتنافسين، الذين وجدوا، ومن خلال ما جاء في كلمة نواف، إمكانية ملموسة للاستفادة من برنامج «إي شباب» للاشتراك في تلك المنافسات العالمية، من خلال التقيد بمواصفات ومقاييس تلك المسابقات مثل: المحتوى، الذي ينبغي أن تتوافر فيه المواصفات العالية والشمولية، دون إغفال التصميم والعرض، مع التحلي بالابتكار والإبداع والتفاعلية، دون الافتقار إلى التركيز والوضوح.
وانتهت مراسيم جلسة الافتتاح بتقسيم المشاركين إلى فرق، انفرد كل فريق منهم بالمشرف المخصص له لبحث تفاصيل المشروع وجدواه، ومدى مطابقته للمعايير المشار إليها أعلاه، حيث امتدت جلسات الفرق المتنافسة لما يزيد على الساعتين، كانت مجالا لتبادل الأفكار بين أعضاء تلك الفرق والمشرفين على توجيهها.
توحي كلمات المشاركين وأفكار المتسابقين، أن برنامج «إي شباب»، رغم يفاعته، لكنه ينطلق هذا العام بقوة وزخم، اكتسبهما من ممارسات العام الماضي. ولعل فيما ورد في كلمة الحجيري، بأن جوائز المشروعات الفائزة لن تقتصر على الاعتراف المعنوي، بل ستحظى بمكافآت مالية، إلى جانب مساعدتها للمشاركة في المسابقات الدولية المشابهة، الكثير من العوامل المشجعة التي تحفز الشباب على المشاركة، وتدعوهم للتقيد بمعايير عالمية، سواء عند اختيار فكرة المشروع، أو في مراحل تنفيذه. ولعل في ذلك ما يدعو بأن يتحول «إي شباب» وفي المرحلة الأولى الحالية إلى برنامج وطني شامل على المستوى البحريني، بمعنى أن يضمن له الوصول إلى كل من بوسعه أن يشارك فيه، حتى وإن تطلب الأمر إدراجه ضمن مناهج التدريس في إحدى المراحل الدراسية. فمن الضرورة بمكان غرس بذرة «الإبداع» في أذهان الشباب البحريني، وصولا إلى تحويلها في الفئة المؤهلة إلى سلوك «ابتكاري» غير قابل للانتزاع. على أن يعقب ذلك، وفي التوقيت المناسب، تحويله إلى منتج وطني يتمتع بمواصفات عالمية تؤهله للتصدير إلى الخارج. فيجري الترويج له في الأسواق الخارجية، وعلى وجه الخصوص في الخليجية منها. فمن المتوقع، وفي فترة قصيرة زمنيا بالمعيار الإبداعي، ان تتراكم لدى البحرين خبرة غنية يمكن تصديرها خارجيا سواء على مستوى الإعداد لبرامج مشابهة، او الاشتراك في مسابقاتها، أو الإشراف على فرقها المتنافسة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2872 - السبت 17 يوليو 2010م الموافق 04 شعبان 1431هـ
زائر رقم ن
تستطيعون أن تبذروا بذور الإبداع ، و لكن الإبداع لا يثمر إلا في الأراضي الخصبة و الأجواء الملائمة ، أي الحرية و العدالة . وبدونهما ستكون الثمار كالحصرم .
كيف يمكن أن نرقى إلى مستوى الإبداع والجدل بيزنطيا
لا شك هناك معوقات للعمل الإبدافي ... وكيف يمكن أن نرقى لمصاف متقدمة و لا يزال الجدل قائما حول جنس الملائكة ولا يزال البعض يشتغل بسفاسه الأمور ولا يزال البعض يتفنن بموائد الطعام دون موائد ملكة التفكير .. مع تحيات Nada Ahmed