مازالت الناس تحن لزمن الأبيض والأسود، أو ما يسمى بالزمن الجميل، فعلى الرغم من اتخام سوق الانتاج الفني العربي الغنائي و لسينمائي وحتى الدرامي بكم هائل من الأعمال من مختلف المستويات، إلا ان هذا لم يمنع أن سوق الأعمال القديمة المنتجة ما بين العشرينيات حتى سبعينيات القرن الماضي مازالت حتى اليوم تشد الناس، و تتصدر قائمة أكثر أنواع الأعمال تداولاً فيما بينهم.
ولا يقتصر حب هذا النوع من الأعمال على الكبار في العمر، فحتى جيل الشباب من مختلف الاعمار، مازالوا يستمتعون ويرددون، أغاني غالبها انتجت وانتشر واشتهرت قبل مولدهم، أو حتى قبل مولد آبائهم، بسنين.
و يرجع الكثير من الناس ارتباطهم بهذا النوع من الأعمال لأصالتها، وحرفية إنتاجها. وفي نفس الوقت لبساطة طابعها العام من تقديم وأداء. و إن كانت هذه المقولة هي من أكثر العبارات التي يتبناها و يرددها متابعي الفن القديم، فإن آخرين يرجعون سبب تعلقهم بها، لارتباطها بماضيهم، ورسوخها في ذكرياتهم وببساطة معيشتهم القديمة في مواجهة الحياة الصعبة اليوم.
ولا يقتصر تعلق الناس اليوم على الأغاني القديمة التي يمكن القول إنها أكثر قرباً وحضوراً بينهم، فحتى الأعمال التلفزيونية، الدرامية والتاريخية والكوميدية... بالإضافة للانتاجات السينمائية القديمة بالأبيض والأسود، الغنائية منها والبوليسية والرومانسية، وغيرها من النماذج، وحتى المسرحيات القديمة مازالت تشد عيون المشاهدين إليها متى ما عرضت على شاشات الفضائيات العربية، بل إنها تحظى بنسب مشاهدة عالية، في بعض الحالات.
ومع أن عدد الاحتفالات والمناسبات التي تخلد ذكرى هذا النوع من الفن و الطرب الأصيل قل كثيراً عن السابق، إلا أن مجرد الإعلان عن استضافة أي دولة لأحدها يوجه أنظار محبيها ومتابعيها إليها، و يجعل معجبي هذا النوع في حاله ترقب لحضورها.
ولعل استضافة مملكة البحرين للكثير من الفعاليات والاحتفالات والأمسيات التي تقدم شيئاً من الأعمال الفنية القديمة والتي كان آخرها الحفلين المقدمين ضمن فعاليات صيف البحرين 2010، واللذين كانا نموذجاً لإعادة احياء هذه الفنون الجميلة، أو كما قيل عنهما، إعادة إحياء شيء من ذاكرتنا عن الزمن الجميل، وإقبال الكثير من الناس لحضور هذه الاحتفالات التي عنونت بـ (ليلة من ليالي عبدالحليم حافظ)، والتي جاءت كنوع من التخليد لذكرى العندليب الأسمر، بالإضافة (لأمسية الزمن الجميل) التي قدمت فيها مجموعة من أعمال عمالقة الطرب والغناء العربي خلال القرن الماضي، أمثال كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، فريد الأطرش والفنانة أسمهان، لعل هذا الإقبال ما هو إلا مؤشر بسيط على مقدرة هذه الفنون والأعمال الراقية لأن تبقى حية في قلوب محبيها ومتابعيها.
العدد 2871 - الجمعة 16 يوليو 2010م الموافق 03 شعبان 1431هـ