يَرُوجُ هذه الأيام خبر حول سماحة السيد عبد الله الغريفي. مَتْنُ الخبر الذي رَمَت به إحدى الصحف العراقية يقول: إن الغريفي قد خَلَفَ آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله في «الأُبُوَّة الرّوحيّة» لحزب الدعوة الإسلامية.
صياغة مثل هذه «الأخبار» المُثيرة قد تأسّست حتماً على عدد من الحقائق المُجرّدة ولكن غير المترابطة، وعلى عدد آخر من الأحداث التاريخية التائهة، وعدد من الفرضيات الضائعة. وهي في مجموعها أجزاء لصورة قُضِمَت ملامحها فغابت نضَارتها وانحسر وضوحها.
فالحقائق لا تُفضي بالضرورة إلى نتائج حتمية إذا ما وُضِعَت في غير سياقها. والأحداث التاريخية لا تعكس واقع الحال إذا ما رُوعِي في الأمر مشكلة الاستصحاب فيها. أما الفرضيات فتبقى «رجماً من الغيب» يخيب أغلبه في ظلّ عدم ترابط الحقائق، وتيه الأحداث.
مَنْ يعرف السيد الغريفي يُدرك أن عالِم دينٍ أصولي، دَرَسَ في النجف الأشرف، وتكوّنت شخصيته على حراكها الفقهي والفكري والسياسي. وأصبحت له علاقات مع كبار القوم الذين سيّروا أحداث العراق السياسية خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي (محمد باقر الصّدر وأنجال الإمام محسن الحكيم مثالاً).
كما أصبحت له علاقات متينة لاحقاً مع أشخاص شكّلوا أحداث المنطقة منذ الثمانينيات وإلى الآن (عائلة الرئيس حافظ الأسد في سورية والمرجع السيد محمد حسين فضل الله). وخلال فترة المهجَر كان الغريفي يُنفق أموالاً طائلة على المُهجّرين العراقيين، الذين بات كثيرون منهم اليوم يُمسكون بعدد من المناصب السياسية المتقدمة في العراق.
ويبدو أن هذه العلاقة قد طَوّرها البعض وباجتهاد شخصي من علاقة «حُسْنَى» و»رعاية إنسانية» إلى علاقة تنظيمية، على اعتبار أن مَنْ كانوا يُرْعَوْن من قِبَل الغريفي هم من منتسبي الدعوة وبعض الحركات السياسية الدينية العراقية الأخرى، وهو باعتقادي خَلْط غير بريء.
فالزعامات الدينية الكبيرة عادة ما تتخلّى عن صفتها الحزبية إن أرادت أن تتبّوأ مكاناً متقدماً في الساحة الدينية والسياسية. فتخلّى السيد محمد باقر الصّدر عن زعامة حزب الدعوة ليتفرّغ للعمل المرجعي. وهكذا فعل السيد كاظم الحائري، والسيد محمود الهاشمي الشاهرودي، والسيد مرتضى العسكري. كما تخلّى السيد محمد باقر الحكيم عن زعامة المجلس الأعلى (للثورة الإسلامية في العراق سابقاً) بعد رجوعه إلى العراق في العام 2003. وخَرَج الشيخ محمد مهدي شمس الدين عن فضاء قرارات حركة أمل، والسيد محمد حسين فضل الله عن حزب الله، وهكذا دواليك.
نقطة أخرى يجب أن تُثار على حوافّ ذلك الخبر. فإعطاء السيد الغريفي صفة «الأبُوَّة الرّوحيّة» لحزب الدعوة الإسلامية في الوقت الذي يُمسِك فيه هذا الحزب بمقاليد الحُكم في العراق، يُضاعف المسئولية السياسية والأخلاقية على كاهل الغريفي، ويُحمّله أيّ إخفاق قد تقع فيه حكومة الحزب.
فحكومة نوري المالكي (زعيم الدعوة) تعيش أزمة ثقة داخليّة وإقليمية. ووقعت في أخطاء فادحة على مستوى الممارسة السياسية. من معركة جولة الفرسان ومروراً بقضايا الفساد المالي، وانتهاءً بالاستئثار بالسلطة، وتهميش الشّركاء فضلاً عن الخصوم، الأمر الذي جَعَلَ منها حكومة غير عادِلة.
وبالتالي فإن إعطاء السيد الغريفي مثل هذه الصّفة الروحية أو التنظيمية بحزب الدعوة يُضِرّ بمكانته المُحترَمة وبكاريزمته الناجزة. وعلى الجميع أن يُدرك، بأن مكانة الغريفي المحلّية أو الإقليمية لن ترتفع بفعل هذه الإسنادات والأنباء، مع ضرورة التأكيد على أهميّة الفصل ما بين تقليعة «الأُبُوَّة الرّوحيّة» لحزب الدعوة وبين تحمّله الإرث الكبير للمرجع الراحل السيد فضل الله.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2870 - الخميس 15 يوليو 2010م الموافق 02 شعبان 1431هـ
رد الى رقم 5
اخي العزيز مالك والنرفزه
خلاص السيد الغريفي بكون خليفة الى سماحة المرجع الراحل السيد فضل الله وارجو منك عدم النرفزه وشكرا
يكفيك تواضعا ياالغريفي
الغريفي يحمل إرث فضل الله وليس الدعوة
يَرُوجُ هذه الأيام خبر حول سماحة السيد عبد الله الغريفي. مَتْنُ الخبر الذي رَمَت به إحدى الصحف العراقية يقول: إن الغريفي قد خَلَفَ آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله في «الأُبُوَّة الرّوحيّة» لحزب الدعوة الإسلامية.
ولماذا لايخلف ايه الله العضمى السيد محمد فضل الله اليس هو على نفس النهج ام ترونها للعجم فقط اننا نرى فيه المرجعيه لولا تواضعه المستمر فكفاك تواضعا ياسماحه السيدعبد الله العريفي
الى رقم 2 (الجيادية )
ألتزم الحيادية انت ولاتحكم من خلال عاطفتك ولاتفرض على احد كيف يكون عنوان المقال
وثانيا عنوان المقال الذي وضعه الكاتب :الغريفي يحمل إرث فضل الله وليس الدعوة يعني من هذا العنوان الجزم وليس كما تفضلت انت تريد ان يكون عنوان المقال هل الغريفي يحمل إرث فضل الله أو الدعوة على طريقة تساؤل -هناك فرق بين الجزم والتساؤل في كلا العنوانين - والحيادية متوفرة ان كان الكاتب يعتقد بانها الحقيقة وكلامه مقرون بالدليل .
ما الضير في ذلك؟
يا عزيزي يا استاذ محمد عبدالله هناك فرق أن يتخذ حزب الدعوة السيد فضل الله والسيد عبدالله الغريفي أباً روحياً وهو لا يعتبر نفسه كذلك وأن يتخذوه أباً روحياً وهو موافقاً على ذلك.
حتى سماحة السيد فضل الله لم يتخذ من نفسه أباً روحياً للحزب ولكنه مرجعاً دينياً يرجع له الكل ليس فقط في الاجابة على مسائلهم الشرعية وانما حتى السياسية ولكنه لم يحجم نفسه في حزب الدعوة.
ولكن
في كل الاحوال ما تتفضل به صحيح ولكن ليس كله فقط فيما يتعلق بالارتباط التام الذي يؤدي الى المشاركة في الصحيح والخطأ
يحتاجون الى سند ودعم
القضية الرئيسية هي ان العراق ساحة خطيرة جدا والاخوة هناك يحتاجون الى سند ودعم وترشيد ونصح لهذا فان وجود مرجعية دينية لهم امر ضروري للغاية سواء كان السيد الغريفي حفظه الله ام اي شخص اخر
الحيادية
نشكر الأخ الكريم على هذا المقال
من المهم جدا أن لا يكون الكاتب يتقمص منزلة المحاماة بحيث يدافع أو يحامي عن فلان وفلان كما هو واضح في السطور و العنوان بل من المستحسن أن يكون حياديا في كتابته لا وكيلا .....
كأن مثلا يكون العنوان ( هل الغريفي يحمل إرث فضل الله أو الدعوة )...
الصواب هو
ما تقوله عين الصوب
شكراااا