ربما، لا شيء أكثر متعةً هذه الأيام من الاستمتاع بقراءة النكات والطرائف، لمواجهة كل هذا الكمد الذي يعانيه المواطن البحريني من مآسي التجنيس وسرقات الأراضي والبحار، واستفحال التمييز، ومؤامرات الغرف المظلمة، فلعل بعضاً من هذه الطُرف تروّح عن النفس قليلاً وتسليها عن الألم الذي لا يبارح أنفاس كل مواطن شريفٍ يرى ما يعتصر به بلده يومياً من آفاتٍ ومحن.

من النكات التي قرأتها مؤخراً، طرفةٌ تتحدث عن أن الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان حصل على مليون دولار - لاحظوا العملة التي تم اختيارها - على ثلاثة أسئلة فقط، قدّمها خلال فترة عمله في مجلس النواب من 2006 إلى 2010! ولم أستغرب أن يتصدر الخبر صدر تلك الصحيفة، فقد فكرت - من باب احمل أخاك على 150 محملاً - أنها ربما اختارت أن تضعه في ورقتها الأولى، لعل الناس عندما تقرؤه تروّح عن نفسها قليلاً بطرفةٍ باردةٍ في صباح أحد أيامنا الحارة.

الطرفة كانت موفقة جداً في سبكها ورصها، فهي اعتمدت على تحليلاتٍ وأرقامٍ وبياناتٍ من إحدى الجهات التي لا نعرف إلى اليوم كيف تحصل على أرقامها وبياناتها الرسمية، ويبدو كذلك أن «الكلكيوليتر» كان الأكثر استخداماً في صياغتها، ربما أكثر من «الكيبورد» أو القلم!

كانت الطرفة قادرة على إظهار بياض أسناني، إلا أن الأدهى أنها دفعتني أيضاً لجلب «كلكيوليترٍ» آخر، لعلي أحظى بسبقٍ صحافي عن مقدار «الهبشة» التي حصل عليها نوابٌ آخرون عن القدر المحدود للأسئلة التي قدموها أو «الهبشة» التي نالها آخرون بعد سيل أسئلتهم الميمونة للوزراء، وقد هالني فعلاً الأرقام التي انهمرت عليّ يمنة ويسرة من «الكلكيوليتر»، لدرجة أنني أخبرت زملائي بالصحيفة أن مانشيت أول أيام الأسبوع المقبل يجب أن يكون عن هذه الأرقام المهولة. ومع ذلك، فما يزال هناك أمرٌ قد يعكر علي صفو هذا المانشيت، وهو حيرة «التسعيرة» التي يجب وضعها لكل سؤالٍ على مدى السنوات الأربع، لأننا نعرف أن الغلاء لم يدع بضاعة إلا ورفع قيمتها، فلربما كانت الأسئلة الثلاثة التي سيقت بمبلغ 330 ألف «دولار» للنائب سلمان - وهي بالمناسبة العدد ذاته من الأسئلة التي قدمها نائبٌ آخر غفلت عنه الطرفة - جاءت بعد أزمة الغلاء، فيما أسئلة نوابٍ آخرين جاءت بعد الأزمة العالمية التي أطاحت بالأسعار!

أرى أن من الجدية القول، إن الكلام عن أن النائب - أي نائبٍ - لا شغل له إلا تقديم الأسئلة للوزراء، وأن راتبه يتحدد بحسب مقدارها، أمرٌ لا يصدر إلا ممن يفقه في السياسة، كما يفقه الثعلب في تغريد البلابل!

في خلاصة الأمر نشدد على أن الحملات المنظمة التي تستهدف أياً من القوى الوطنية، لا ينبغي إدارتها بالنكات والطرائف، لأن ذلك لا يدفع الناخبين إلا للمزيد من القهقهات والابتسامات! ونصيحة أخرى نقدمها للجميع، فنقول: اختاروا لكم «كلكيوليترات» محلية الصنع وليست مستوردة، تستطيع أن تجمع وتطرح وتقسم وتضرب بالدينار لا بالدولار... لأننا في البحرين ولسنا في واشنطن أو أوكلاهوما!