كنا صغارا... يبهجنا ذكر السوق، وكان الفرح يطير بنا إن علمنا باقتراب الرحلة القادمة للسوق.
نكسر حصالاتنا، أو نلملم مبعثرات مصروفنا الضئيلة، لعلها تأتي إلينا بشيء طالما حلمنا به... السوق كان نزهة الطفولة.
كم كان السوق جميلاُ... بهوائه المحمل بنسمات طيب العطارين والحواجين، بأحاديث النسوة وهتافات الباعة، ومفاوضات المشترين حول الأسعار. «المكاسر»
هناك حيث تمتزج الشخوص والأشكال، من مختلف الطبقات الاجتماعية والمادية، من المحليين والأجانب، التجار، الخياطون والحرفيون، جميعا على بساط سوق واحدة.
السوق أسلوب فريد للحياة، وبناء من العلاقات الاجتماعية والإنسانية، حيث يجتمع الأبيض والأسود.
يوما فيوم... بدأت الألوان تبهت وتتكتل، والجماعات تتشكل، إلى أن أصبح سوق «دجتل».
سوق غربت شمس الألفة والمحبة عنه وولّى دفء تلك اللحظات، فاليوم لا ترى إلا نظيفي الأسنان، حسني المظهر، سوق واسع للعب ولا من يلعب، دافئ للجلوس ولا من يجلس، سوق تعبق فيه رائحة المعقمات عوضا عن العطر.
لم تبق سوى الأسواق الشعبية، أسواق ذوي الدخل المحدود، حيث لا ماركات مسجلة أبدا.
أتساءل... مع الأيام... هل سيندمج الأسود والأبيض معا؟
وماذا عن ابتسامة البائع وعينيه اللتين ترسلان ألف تحية للجميع وإن لم يشتر الزبون... هل سيفرح الأطفال بـ «طروة السوق»؟
العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ