بمناسبة مباراة كأس العالم لكرة القدم مساء أمس بين إسبانيا وهولندا في جنوب إفريقيا (والتي فازت بها إسبانيا)، كتبت صحيفة «إندبندنت ويكلي» الأميركية لمحة تاريخية موجزة عن الهولنديين في جنوب إفريقيا ما بين العامين 1652 و2010. وذكر المقال كيف أن الهولنديين أسسوا شركة الهند الشرقية الهولندية في العام 1652 في مستوطنة صغيرة - حالياً «كيب تاون» - كمحطة للراحة ولتزويد السفن التجارية التي كانت تقوم بالرحلات الطويلة من أوروبا، حول جنوب إفريقيا، وإلى الهند شرقاً... حينها استرقّ الهولنديون الأفارقة كجزء من عملية إخضاع السكان المحليين الأصليين، واستفاد المستوطنون من الأسلحة المتفوقة لديهم - مقارنة مع الأفارقة حينها - للسيطرة تدريجياً على المزيد من الأراضي والموارد الطبيعية والثروة الحيوانية.
الاستيطان الاستعماري الهولندي كان يهتم بالحصول على المزيد من الجاه والمال، ولم يكن لهم أي اهتمام بالتعرف على السكان، بل عزلوا أنفسهم عنهم، وفصّلوا القوانين للتعامل مع الأفارقة الأصليين من أجل إبعادهم عن الأراضي والموارد التي نهبت منهم، ومن أجل الاستمرار في إخضاعهم، ولذا فإن الاتصال بين الهولنديين والأفارقة كان معدوماً من الناحية الإنسانية، بل كانت الأرض الإفريقية مساحة للمتنزهين الذين كانوا يتمتعون بقتل جميع البالغين من الأفارقة عندما يحدث أي خلاف معهم، بينما يتم الاحتفاظ بالأطفال لاستخدامهم كعبيد وعمال سخرة، ولهذا السبب ظهر في كيب تاون «مجتمع الرقيق» وشهدت هذه الفترة وحشية تمقتها الإنسانية.
في العام 1795 تحركت بريطانيا نحو جنوب إفريقيا وأقامت مستوطنة لها، وانتصرت على الهولنديين من ناحية النفوذ، ولم يكن الحكم الاستعماري البريطاني أقل وحشية (من الهولنديين) نحو الأفارقة وخصوصاً أثناء الصراعات العسكرية. لكن تلك الوحشية خفت في 1838 مع إصدار تشريع منع الرق. وبعد ذلك بدأت مشكلة بين البريطانيين والهولنديين الذين رفضوا السيطرة والترتيبات الجديدة، ونشأت إثر ذلك قومية متفرعة من الهولندية، وهي «أفريكانا». وأدى استمرار الصراع بين الإنجليز والأقلية البيضاء (أفريكانا) إلى «حرب البوير» في مطلع القرن العشرين... وانتهت الأحداث مع إقرار دستور 1910 الذي أسس جنوب إفريقيا الحديثة التي كرست التمييز العنصري ومهدت الطريق لحكم البيض، واعتبار أهل البلاد الأصليين في درجة دون المواطنة.
وفي العام 1948 وصل الحزب الوطني الأفريكاني إلى الحكم واعتمد نظام الفصل العنصري بشراسة، وبدأت حركة المقاومة الحديثة ضد هذا النظام غير الإنساني... وظهر قادة نضال تاريخيون، أبرزهم نيلسون مانديلا الذي حُكم عليه في العام 1962 بالسجن المؤبد، ولكنه أفرج عنه في 1990 بعد أن اقتنع الأفريكانا أن العالم تغير وأن عليهم «أن يلتحقوا بالإنسانية»... وهو ما فعلوه، إذ انتقلوا حالياً إلى ممارسة دورهم كشركاء في الوطن، وتخلوا عن عقلية استعباد أهل الأرض الأصليين.
ويوم أمس حل الهولنديون ضيوفاً على جنوب إفريقيا التي احتضنت أول دورة كأس عالم في إفريقيا بألوان الطيف الزاهية التي جمعت كل أنواع البشر باسم الأخوة والإنسانية، وأفسحت المجال للتنافس الشريف الذي يخرج الجميع فيه منتصراً لسواسيتهم أمام قوانين اللعبة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2866 - الأحد 11 يوليو 2010م الموافق 28 رجب 1431هـ
مدرس ثانوي
شكرا يا دكتور على هذا المقال الرائع . لكن ما يثير العجب هو إستعباد أهل الأرض الأصليين و تهميشهم و محاولة إبادتهم ، . كلامي ما فيه شيىء يا مراقب الرجاء عدم مصادرته ولك جزيل الشكر .
جيه
مقال حلو والله بس قول حق الشباب الي عدنا اهنيه
ولــــــ المحرق ــــــــد ضد التجنيس
تحياتي لك يا دكتور منصور واعجبتني كثير هذه العباره ((بعد أن اقتنع الأفريكانا أن العالم تغير وأن عليهم «أن يلتحقوا بالإنسانية»... وهو ما فعلوه، إذ انتقلوا حالياً إلى ممارسة دورهم كشركاء في الوطن، وتخلوا عن عقلية استعباد أهل الأرض الأصليين.)) الشكر لك مرة اخرى واتمنى ان تصل الرساله
اقتباس «أن يلتحقوا بالإنسانية»...أجودي
وبدأت حركة المقاومة الحديثة ضد هذا النظام غير الإنساني... وظهر قادة نضال تاريخيون، أبرزهم نيلسون مانديلا الذي حُكم عليه في العام 1962 بالسجن المؤبد، ولكنه أفرج عنه في 1990 بعد أن اقتنع الأفريكانا أن العالم تغير وأن عليهم «أن يلتحقوا بالإنسانية»... وهو ما فعلوه، إذ انتقلوا حالياً إلى ممارسة دورهم كشركاء في الوطن، وتخلوا عن عقلية استعباد أهل الأرض الأصليين.
تسلم يا دكتور
اليك اعني واسمعي يا جاااااره
هل هذا المقصود يا دكتور