وصل به الأمر إلى تشبيه حالة البربر بـ «اليهود الجدد في الجزائر» وبعدما كانت المطالبة «بالحكم الذاتي» في العام 2001 تطورت اليوم إلى تشكيل «حكومة المنفى» من باريس.
صاحب الدعوة أحد زعماء البربر وهو المطرب «فرحات مهني» الذي ينظر إليه على أنه «صعلوك» يمارس ألعاباً خطرة في حين ينظر إليه البربر أنصاره يجسد حلم «الاستقلال» الذي كثيراً ما راودهم! فهو رجل سياسي قبائلي، ولد العام 1951، مؤسس حركة الاستقلال الذاتي في منطقة القبائل، درس بالمدرسة القرآنية، أعلن الحكم الذاتي في منطقة القبائل العام 2001، اغتيل ابنه في باريس العام 2004، وقف بالجمعية الوطنية الفرنسية ليخاطب النواب واصفاً القبائل «باليهود الجدد في الجزائر»! وقد أعلن تضامنه مع الأكراد ودعمه للأميركان في العراق، وأصدر كتاباً العام2004 بعنوان «المسألة القبائلية»، اشتهر بكونه مطرباً قبل أن يكون سياسياً.
بالأمس ترددت أنباء صحافية تشير إلى المغرب بأنه هو من يحرك البربر في الجزائر وهي أنباء الغرض منها افتعال أزمة بين الدولتين الجارتين على حساب البربر أو باستغلال أوضاعهم المتردية.
زعيم حركة المطالبة بالحكم الذاتي «فرحات مهني» ذهب إلى إسبانيا كعضو في لجنة مراقبة الاستفتاء الذي جرى هناك حول استقلال إقليم «كاتالونيا» وهو ما يحاكي رغباته وطموحاته التي يسعى إلى ترجمتها على أرض الواقع. إعلان حكومة منفى من فرنسا بعد تسع سنوات من إعلان المطالبة بالحكم الذاتي يعني أن مشروع البربر بات في مرحلة الخطر ما لم يتم تدارك هذا الانفجار الذي يكبر يوماً بعد يوم منذ أحداث ربيع 1980 المشهورة.
مشكلة البربر مثل معظم مشاكل الأقليات في العالم العربي كالأقباط في مصر والأكراد في العراق، تختلط فيها الحقائق بالشائعات لتشكل معضلة حقيقية تؤرق النظام والسلطة. ويصبح التعامل معهم كأقلية مشكوك في ولائها على الدوام، تتعرض للتهميش والتمييز والإقصاء.
المجاهرة بحكومة منفى جوبهت من قبل زعيم جبهة القوى الاشتراكية وهو بالمناسبة أحد أهم الزعماء التاريخيين للبربر، حسين آيت أحمد بالرفض ونعته بأنه مفلسٌ سياسياً وفاشلٌ في صياغة مشروع يحتضنه المواطنون وهذه سابقة خطيرة لم يجرؤ أن أقدم عليها أحد من قبل!
من يمثل البربر في الجزائر وماذا يشكلون من أرقام وأحجام؟
تاريخياً هم السكان الأصليون ليس في الجزائر بل في عموم بلاد المغرب العربي، من ليبيا إلى تونس والمغرب وموريتانيا وينظرون إلى العرب «كوافدين جدد»، ولسان حالهم يقول: «نحن بربر عرَّبنا الإسلام لكننا لسنا عرباً» .
والبربر مثل الشاوية والطوارق ينتسبون للأمازيغ، وتعني الرجل الحر، ويتوزعون على أربع مجموعات، أكثرها رفضاً واحتكاراً للعروبة هم «مجموعة القبائل» حوالي 3 ملايين نسمة، وبحسب دراسة أعدها مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية تحت عنوان «البربر... البحث عن الهوية الثقافية أولاً»، فإن بربر المغرب ليست لديهم مطالب سياسية بخلاف ما هم عليه في الجزائر حيث تتخذ مطالبهم منحى «انفصالياً» ومعارضة سياسية شرسة. وتتنوع دعواتهم من الشأن الثقافي إلى الشأن الاقتصادي إلى الهوية السياسية.
هناك مبالغات في عدد البربر، منهم من يقول إنهم لا يزيدون عن أربعة أو خمسة ملايين نسمة ومنهم من يرفع الرقم إلى تسعة وعشرة ملايين، وهي إشكالية غالباً ما تترافق مع العدد الأكبر للسكان والمنتمين لأصول وقبائل عربية وفدت إلى الجزائر وأدارت الحكم من منطلق الأكثرية العددية!
تاريخياً يمثل الحزبان الرئيسيان الوجه البارز للبربر، وهما جبهة القوى الاشتراكية بزعامة حسين آيت أحمد والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والذي يرأسه سعيد سعدي. وحسين آيت أحمد واحد من الزعماء الوطنيين ومن المعارضين للنظام يعيش في سويسرا، يماثله بالأقدمية غريمه سعيد سعدي. هاذان تجاوزهما الزمن والأحداث ولم تعد لديهما قواعد شعبية ذات وزن، وبقيا في صورة «الرموز» التي لم تجد الأجيال الشابة فيهما ما يعبر عن مشاكلهم ومطالبهم وطموحاتهم.
القوى الجديدة التي تقود الشارع البربري ليس فيها شيء من تلك الوجوه القديمة، بل يعتبر تنظيم «تنسيقية العروش» كأهم قوى منظمة على الساحة البربرية قادت المفاوضات مع الحكومة في غياب رموز قيادات الحركة الحزبية التاريخية، سعدي وحسين آيت أحمد. وهنا ظهر شاب يدعى بلعيد عبريكة متحدثاً باسم «تنسيقية العروش»، واستطاع قيادة التظاهرات التي أعقبت مقتل الطالب ماسينيا قرجاح داخل ثكنة الدرك العسكرية في تيزي وزو. ومنذ هذا الوقت سيطر تجمع زعماء القبائل بقيادة شباب جدد متعصبين على قيادة البربر وقدموا للسلطة حزمة مطالب عرفت بالمطالب (15) من أهمها: الاهتمام اقتصادياً بالمناطق الفقيرة، إعفاء التجار من الضرائب، اعتماد اللغة الأمازيغية لغة رسمية ومعاملتها كاللغة العربية والاعتراف بها في الدستور، الإفراج عن المعتقلين وإعادة المفصولين من أعمالهم والاعتراف بهويتهم الثقافية.
حركة المطالب دخلت في البازار السياسي لاسيما في مواسم الانتخابات الرئاسية والبلدية والنيابية، وكلما اقترب موعد استحقاق انتخابي تتنازل السلطة وتلبي بعض المطالب. ومن أبرز المحاولات تلك التي قادها أحمد أويحيى الوزير الأول، وهو من أصول بربرية. إنما لم يتم إغلاق الملف وبقي في حالة شد وجذب وخصوصاً لجهة مطلبين أساسيين وهما الاعتراف بدستورية اللغة الأمازيغية وليس فقط لغة وطنية وإيلاء المحافظتين «تيزي وزو» و»بجاية» اللتين تشكلان مركز التجمع الأكبر للبربر من ضمن 48 محافظة إجمالي محافظات الجمهورية الجزائرية... المكانة المطلوبة في خريطة مشاريع الإنماء والخدمات، فهاتان المحافظتان بقيتا على مرّ السنوات والعهود من المناطق المهملة بالخدمات التي تقدمها الدولة للمناطق الأخرى.
الحقيقة أن اندماج البربر في مؤسسات وأجهزة الدولة يسير بخط معاكس لما يعانونه في المجالات الثقافية والاقتصادية والهوية، فمعظم العمال والموظفين الذين يشتغلون في شركة «سوناطراك» النفطية هم من البربر، وهم ممثلون في مؤسسات استراتيجية وحساسة كمؤسسة الجيش، فرئيس هيئة الأركان محمد الصحاري وقائد إدارة المخابرات محمد مدين ومستشار وزير الدفاع محمد تواتي من البربر... إضافةً إلى الوزير الأول أحمد أويحيى.
لكن قضية البربر وضعت في إطار «أقلية عرقية» ما جعلها عرضة للتجاذبات السياسية في إطار الصراع على السلطة نتج عنه أخطاء حكومية متراكمة، قادت الملف إلى أن يتحوّل إلى ورقة ضغط وابتزاز سياسي من قبل فرنسا التي تمسك بالبربر من أيام الاستعمار ولغاية اليوم. أخطاء وتقصير من قبل الحكومات أنتج جيلاً من المتمردين والعصاة ينشدون الهوية الثقافية والسياسية نتيجة معاناة اقتصادية وتهميش، مع أن هناك مناطق في جنوب الجزائر تشكو من الحرمان والبطالة والتهميش أضعاف ما يعانيه البربر، لكن المسألة لم يتم إلباسها بلباس العرقيات والأقليات.
عنصر آخر يساهم في إخراجهم من الدائرة الوطنية إلى الخارج وهو أن أكبر نسبة من المهاجرين الجزائريين الذين يعيشون في فرنسا هم من البربر، ويشكلون كتلةً انتخابيةً كبيرةً تدفع بالرؤساء الفرنسيين للتقرب منهم وتبني بعض مطالبهم، طمعاً بأصواتهم مما يعزز النزعة الانفصالية عند هؤلاء والاستقواء بفرنسا كدولة فاعلة في الشأن الجزائري.
الجديد في هذا الشأن أن القيادة الجديدة هي من الشباب والمغنين والمنفيين إضافة إلى زعماء القبائل، تعمل وفق قاعدة أن تلبية المطالب لن تتحقق إلا بالمواجهات والمظاهرات والضغط الخارجي على النظام والعمل على «تدويل» الصراع لخلق واقع جديد أشبه بما حصل عليه الأكراد في العراق، وما قد يحصل عليه شعب كتالونيا في إسبانيا... فهل تنجح المحاولات أم أن ربيع البربر سيبقى كالجرح النازف لا أحد يداويه غير صاحبه.
كادر
أصدر الكاتب إبراهيم الكوني رواية «من أنت أيها الملاك» تعرض لتجربة واقعية عن معاناة الأمازيغ الليبيين (الطوارق) والذين ينتسب إليهم، يقدم في هذه الرواية نماذج حية للتهميش والتمييز والعنصرية ويحكي قصة السجل المدني في مدينته حين جاء أحدهم ليستخرج شهادة ميلاد لطفله الذي أسماه «يورجرتن»، ورفض بحجة أنه لم يرد في لائحة الأسماء العربية التي حددتها السلطات ولا يسمح بالخروج عنها
إقرأ أيضا لـ "حمزة عليان "العدد 2865 - السبت 10 يوليو 2010م الموافق 27 رجب 1431هـ
jugurtha
متى كان العرب اغلبية وفي اي سنة تولوا زمام الحكم يا فلان وعن اي قبائل عربية في الجزائر تتحدث هل تقصد بني هلال والله عيب يا ابن العرب ان تتحدث بطريقة عنصرية مقيتة تجعلني اندم على تكلمي بلغتك اتق الله الامازيغ او الربر اغلبية وليسوا اقلية
نتش ميس ن ماسنسن نتش ميس ن اوراس
و الله المقال فعلا غريب و اتبع طريقة اظهر كلمة حق وسط كتاب من الباطل فرغم احترامنا الشديد و محبتنا للاخوة الكورد الا اننا لم نقتدي بهم لان قضيتنا بدات قبل الاستقلال اصلا و حاولت فرنسا اللعب على وترها بمسى الظهير البربري و القصة معروفة ثم ان القضية الامازيغية مقضية واضحة نحن الامازيغ اكثيرة و نعامل على اساس اننا اقلية فقمن بالمضاهرات و العصيان المدني في الشمال و الشرق و الجنوب و الغرب فكيف نكون اقلية و نحن نعمر كل زاوية في الجزائر اما مسالة الحصول على حقوقنا فهي مسالة وقت فقط
الحل
الحل هو اعتبارهم كمواطنين ولهم حقوق وعليهم واجبات
معلومات حلوة
مشكر جدا مشكور استاد حمزة على هالمعلومات الثرية عن البربر والله صدقني دايما ادور في الصحف العربية مقالات عن البربر لكني عمري ماشفت معلومات ثرية مثل اللي بمقالكز , شكر جزيلا ماقصرت