العدد 2861 - الثلثاء 06 يوليو 2010م الموافق 23 رجب 1431هـ

«الراقصة» الخليجي!

سليمان الهتلان comments [at] alwasatnews.com

-

صدقاً، ما كنت أعلم أن في بلدان الخليج العربية «ذكوراً»- بين قوسين طبعاً - يؤدون دور الراقصة حتى شاهدت على التلفزيون جلسة من التي تدخل بيوتنا في عز الظهيرة بلا حياء أو خجل! في تلك الجلسات، رموز الطرب الخليجي، يؤدون ألحاناً جميلة بإيقاعات خليجية وحضرمية فلكلورية رائعة. وفجأةً تهب مجموعة من الراقصين «الرجال»، أحدهم قد بلغ من الكبر عتياً، تتراقص بميوعة أكاد أجزم أن الراقصات المحترفات في ليالي القاهرة وبيروت لا يقدرن على مجاراتها. كثير من تلك الحركات أصابتني بالقرف والتقزز. وكيف لا وتلك الجلسات تبث على فضائيات عربية لها حضورها القوي في البيوت العربية وتعرض رقصات ميوعة لذكور يتبارون في «هز الوسط» ولبس الثياب الضيقة وحركات أخرى هي أكثر قرباً لثقافة «الجنس الثالث» من عرضاتنا أو رقصاتنا الشعبية الرجولية؟

لا غرابة إذاً أن تكون صورة الرجل الخليجي، في محيطه العربي وفي غيره، صورة مخجلة أو مزعجة، مرتبطة دائماً بالبحث عن «المحرم» ومهووسة بكل ما له علاقة بالجنس بأقبح صوره. تلك صورة ظالمة حينما تعمم على الجميع بفعل تصرفات قلة جاهلة شديدة الولع بالشكليات الباذخة ومليئة بكل التناقضات في علاقاتها مع الجنس الآخر وحتى مع ذواتها!

لكنك أمام حالة يصعب فيها أن تدافع عن «الغالبية» من أهل الخليج حينما تشاهد - وفي عز الظهيرة - فضائيات مهمة تعرض تلك الميوعة الذكورية وكأنها نتاج ثقافي طبيعي لمجتمعات الخليج أو هي جزء من تراث أهله وفنونهم. أم أنني أجهل التراث الفلكلوري لأهل الخليج الذي يجيز لحفنة من ذوي الشوارب أن تتراقص مثل النساء بإيحاءات جنسية تشمئز منها النفوس السوية؟ أرجوكم فهموني إن كانت هذه الرقصات وتلك الحركات المليئة بالشذوذ هي جزءٌ من ثقافة شعبية مقبولة ولا بأس من تعريف الناس بها؟!

أم أن طفولتي التي تشكلت في مجتمع قبلي شديد المحافظة هي السبب في موقفي «المنغلق» تجاه هذا المنتج الثقافي البديع؟ الذي أجزم به أن تلك الجلسات الغنائية - على جمالية كثير من ألحانها وكلماتها - لا تعكس سوى «الشاذ» من جلسات السمر الخاصة تلك التي تقام في الاستراحات أو الحفلات الخاصة. وقد عشت في الغرب طويلاً - وهو الذي ينظر إليه عندنا بأنه موطن الفساد والانحلال - ولم أشاهد مثل هذه المناظر المخجلة إلا عندنا. بل وأتحدى أن يسمح أي نظام إعلامي في الغرب «الفاسد» ببث مثل هذه الرقصات المخجلة إلا بعد منتصف الليل مع إشارة للآباء تحذرهم من السماح لمن هم أقل من 18 سنة بمشاهدة تلك الحركات الخارجة عن المألوف وعن الطبيعي. أم أن تلك الجلسات ليست سوى شاهد آخر على أننا فعلاً نعيش عصر انحطاط عربي بامتياز على كل الأصعدة!؟

هل تتذكرون رقصة «البرتقالة» التي هزت «الشارع الخليجي» قبل سنوات قليلة حتى خشي البعض أن تصبح في عقول مراهقينا، كما لو كانت نموذجاً للإبداع والتألق والنجاح؟ كيف نقبل - كمجتمعات - أن يكون «سقط الأمس» هم اليوم من أكبر الأخطار على ثقافة المجتمع وقيمه وذائقته وأخلاقه؟ وكيف تكون أدوات التأثير الضخمة في أيدي من - ربما - يمارس انتقاماً من «تهميش الأمس» بتعميم ثقافة التسطيح و«قلة الأدب» فتصبح هي السائد المقبول ومن يستنكرها يصبح المنغلق التقليدي إن لم يتهم بالتطرف وكره الآخر؟

المضحك المبكي، أن الراقصات «البنات» جلسن على الأرض - بأدب وثقل - بينما «الرجل الراقصة» يؤدي أدوارهن وسط الجلسة وكأن هذا دوره الطبيعي في مثل هكذا مناسبة. أي ثقافة تلك التي تقيم الدنيا ولا تقعدها أن مس شرف المرأة ولو بكلمة، بينما ينتشي كثير من أهلها بميوعة بعض الذكور وشذوذهم؟

لعلي هنا لامست محرماً في «المسكوت عنه» في ثقافتنا. وربما أنني أسرفت في «تكبير السالفة» كما سيقول بعض الأصدقاء. ولكنني على يقين بخطر السكوت طويلاً على مشاريع وأفكار تسعى - بقصد أو بجهل - لتعميم الميوعة وقلة الأدب في مجتمعاتنا، وتلك لا تنتج في النهاية غير «جيش» من أمثال»الراقصة» الخليجي في مناسبات «الفشيلة»، تلك!

إقرأ أيضا لـ "سليمان الهتلان"

العدد 2861 - الثلثاء 06 يوليو 2010م الموافق 23 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:09 م

      نعيب زماننا والعيب فينا وليس لزماننا عيب سوانا.

      لك الشكر الجزيل دكتور سليمان.

    • زائر 3 | 9:14 ص

      مكي

      iهذا ليس من الفنون ، إنه المجون و الإنحطاط اللي ما بعده فشيلة !
      هذا ما جنته علينا الليوة و الزفان ! لا و الغريبة يعرضونها كنوع من التراث و الفن الخليجي حتى على شاشة قناة "العالة" العربية صباحاً و مساءً . و لا يفوتك أحياناً يودونهم ميادين برلين و باريس وبروكسل يؤدون تلك الحركات المثيرة فعلاُ للإشمئزاز على أنها "إيقاعات" خليجية أو بحرينية ! أدعوا العلي القدير أن لا يريكم مكروهاً و لا يريكم إبتسامات الشفقة على وجوه الأوروبيين حين شاهدوهم.

    • زائر 2 | 7:36 ص

      جدحفصي

      ثقافة مجتمعنا في تغير مستمر ومع الاسف الشديد تغير للاسوا أصبحنا ناخد من الغرب والشرق كل ماهو منافي حتى للفطرة الانسانية التي فطر الله الناس عليها والتي الان خرج لنا هذا الجيل الفاشل ليغير تلك الفطرة ويتحول الرجل الى امراة والمراة الى رجل , الاسباب كثيرة واولها التربية الخاطئة وانتشار مصادر الفساد في المجتمع من فنادق وبارات وملاهي ليلية ولا منصاد لها ولا من رادع واذت تكلمت قالو ارهابي او متخلف ومنغلق .

    • فيلسوف | 3:01 ص

      رجال يرقصون= رجولة ناقصة ومنعدمة

      الشي الحاصل الان تغير عن الشي الحاصل قديما
      الرجال اصبحوا يرقصون ويتشبهون بالبنت في اللبس
      وكل الامور الخاصة بالمرأه وهذا ما يفقدهم رجولتهم
      ان كانت هناك رجولة من الاساس من خلال التشبه
      وفعلا قلة الوعي والثقافة اصبحت هشيشة جدا
      والله يهدي الجميع يارب

    • لالا | 2:21 ص

      لا اذك الحديث لكن يحضرني معناه

      سيأتي زمن على امتي القابض على دينه كالقابض على جمره
      لالا

    • لالا | 2:15 ص

      نسينا الدين

      الناس نست الدين نست المذهب نست القرآن
      انساهم الشيطان ذكر الله
      ألا بذكر الله تطمئن القلوب
      ألا بذكر الله تطمئن القلوب
      ألا بذكر الله تطمئن القلوب
      قال الرسول (ص): اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما ان تمسكتم بهما لن تضلو بعدي.
      لالا

    • زائر 1 | 2:11 ص

      خلهم يتونسون

      هذي كلها جلسات وناسه وفرفشه، وهذا هو الطرب الاصيل!!!!

    • سترة نور العين | 1:55 ص

      شكرا للكاتب

      الدنيا ما عادت كالسابق كل شئ يتغير
      الحين قاعد تشوف انقلاب بين البنت والولد
      كل واحد يأخد عمل الأخر "البعض منه"في اللبس وقصّة الشعر والمشي و و و حتى الرقص ما غفلوا عنه الله يهديهم جميعا
      هذا الزمن مخيف حتى لو الواحد يبي ينصح الغير يجي لك واحد ويعترض ويقول ليك لا تدّخل وتحصّل منه ادية
      الله لا يبلينا بهذه الأمور

    • النعيمي2 | 1:33 ص

      كلامك مضبوط 100%

      كلامك مضبوط 100% وانا أضم صوتي الى صوتك أخي الكاتب المحترم وفعلا هولاء مجرد جنس ثالث يحاول أن يعزز هذه السخافة عبر الراقصات الأنثوية التي تصيب المتلقي بالغثيان !!

اقرأ ايضاً