العدد 2857 - الجمعة 02 يوليو 2010م الموافق 19 رجب 1431هـ

زافي-انييستا... قلب «لا فوريا روخا» النابض

لا يمكن لأحد أن ينكر بان الأرجنتيني ليونيل ميسي أو دافيد فيا هما نجمان من العيار الثقيل بإمكانهما أن يغيرا مجرى أي مباراة بلمحة فنية أو تسديدة ماكرة، لكن ليس بإمكان احد أيضا أن ينكر فضل الثنائي زافي هرنانديز واندريس انييستا على برشلونة والمنتخب الاسباني على حد سواء، إذ إنهما رئتا النادي الكاتالوني و»لا فوريا روخا» وهما اثبتا خلال الموسمين المنصرمين أنهما القلب النابض الذي يضخ الدم إلى عروق المهاجمين.

لقد شكل هذا الثنائي شراكة قل نظيرها في ملاعب كرة القدم وأصبحا من أفضل لاعبي الوسط في العالم واكبر دليل على ذلك أن نجم من عيار قائد أرسنال الانجليزي فرانسيسك فابريغاس يكتفي في الجلوس على مقاعد احتياط المنتخب الاسباني خلال نهائيات مونديال جنوب إفريقيا 2010 لأنه لا يتمكن من إزاحة أي منهما من التشكيلة الأساسية وذلك إن المدرب فيسنتي دل بوسكي يدرك تماما مدى الأهمية الحيوية التي يؤمنها هذان اللاعبان إلى بطل أوروبا، كما حال مدرب برشلونة جوسيب غوارديولا.

لا يمكن تحديد أهمية زافي وانييستا بتمريراتهما البسيطة والسلسة والمتقنة وحسب، بل الذكاء الذي يتمتعان به هو ما يميزهما عن لاعبين آخرين وهو الذي ساهم في قيادة اسبانيا إلى لقب كأس أوروبا للمرة الأولى منذ 1964 وبرشلونة إلى الظفر بستة ألقاب خلال العام 2009.

«انتصار اسبانيا مرده إلى تبنيها فلسفة تمرير الكرة، ولان لعبي يعتمد على هذه الفلسفة فقد نلت هذه الجائزة»، هذا ما قاله زافي بعد اختياره أفضل لاعب في كأس أوروبا 2008 بعد قيادته منتخب بلاده للفوز على ألمانيا 1/صفر في النهائي.

لكن لاعب الوسط الذي يقوم بصناعة الألعاب في صفوف برشلونة منذ أكثر من عقد من الزمن، ليس مجرد ممر جيد للكرة فحسب، فالي جانب رؤيته الثاقبة وخياله في وسط الملعب، فان زافي يبذل جهودا خارقة ولا يتردد بالواجب الدفاعي أيضا ويستطيع أن يشغل أي مركز في وسط الملعب، وهو قارئ جيد للعبة ويمتاز بتسديدات قوية ودائما ما يساهم بكثير من الأهداف لفريقه. يجيد تسديد الكرات الثابتة، ويستطيع التأثير كثيرا على زملائه أكان في برشلونة أو في صفوف منتخب بلاده.

ويتحدث زافي عن نفسه قائلا في حديث لموقع الاتحاد الدولي: «إني مولع بالإبداع في كرة القدم، شأني في ذلك شأن كرويف. نحن نحب هذا النوع من كرة القدم الهجومية والجذابة والجميلة. عندما تربح بهذه الطريقة يكون الرضا مضاعفا».

ويؤكد النجم المميز فلسفته الهجومية عندما تناول موضوع خسارة بلاده مباراتها الأولى في النهائيات أمام سويسرا على رغم سيطرتها المطلقة على مجريات اللقاء، قائلا: «لقد فازت سويسرا بأساليبها التكتيكية الخاصة والتي كانت تهدف إلى أبطال مفعول قوة اسبانيا الضاربة. كان التعادل ليكفيهم لكنهم تمكنوا من تحقيق الفوز. أنا لا اعرف ما يعنيه الفوز بهذه الطريقة لأني لم أجربه. دائما كنت العب من اجل الهجوم، وفلسفتي في كرة القدم واضحة ومحددة للغاية. لقد نشأت في برشلونة بهذا الأسلوب وهو الأسلوب الذي يعجبني. اعتقد إن الفوز بهذه الطريقة شيء جيد، فنحن نسعى لتحقيق النصر من الدقيقة الأولى في كل مباراة».

من المؤكد إن زافي يدرك تماما معنى الانتصار وأهميته وهو الذي تعج خزائنه بالكؤوس إذ توج مع برشلونة بلقب الدوري المحلي خمس مرات والكأس المحلية مرة واحدة وكأس السوبر المحلية ثلاث مرات ودوري أبطال أوروبا مرتين وكأس السوبر الأوروبية مرة واحدة وكأس العالم للأندية مرة واحدة، إضافة إلى فوزه مع منتخب بلاده بكأس العالم لدون 20 عاما وكأس أوروبا.

لكن كأس العالم ستكون التتويج الأعظم بالنسبة لزافي أو لـ «نصفه الثاني» انييستا الذي لا يقل شأنا عن زميله وهو الذي التحق بأكاديمية النادي الكاتالوني حين كان في الثانية عشرة من عمره، وقد اظهر ابن مدينة الباسيتي منذ تلك الفترة قدرة هائلة على التحكم في الكرة وسط الميدان، وعن ذكاء خارق للعادة.

ويمتاز انييستا بالقدرة على شغل العديد من المراكز في وسط الملعب، إذ بإمكانه اللعب على الأطراف وفي المحور ويتميز بسرعته ونظرته الثاقبة وحدسه المتقد.

فاجأ مدرب اسبانيا السابق لويس اراغونيس الجميع عندما استدعى انييستا إلى تشكيلة المنتخب الأول للمشاركة معه في نهائيات مونديال ألمانيا 2006 وهو منحه مباراته الدولية الأولى خلال لقاء ودي استعدادي عندما ادخله في الشوط الثاني أمام روسيا في 27 مايو/ أيار وهو لم يغب عن «لا فوريا روخا» منذ حينها، لكن الإصابة حرمته من المشاركة في كأس القارات التي أقيمت العام الماضي في جنوب إفريقيا إذ خرج منتخب بلاده من الدور نصف النهائي على يد الولايات المتحدة، وهي كادت أن تحرمه أيضا من المشاركة في مونديال جنوب إفريقيا لكنه تعافى في الوقت المناسب ليكون إلى جانب زافي وزملائه الآخرين ثم أصيب مجددا في المباراة الأولى أمام سويسرا ما اجبره على عدم المشاركة في الثانية أمام هندوراس (2/صفر) لكنه عاد في الثالثة الحاسمة أمام شيلي (1/2) وسجل الهدف الثاني ليؤمن تأهل بلاده إلى الدور الثاني.

ويأمل اللاعب الذي أطلق عليه لقب «ال ايلوزيونيستا» (الساحر) أو «سيريبرو» (المخ) أن يواصل مشواره على المنوال ذاته لأنه وزافي القلب النابض الذي بإمكانه أن يحمل منتخب بلادهما إلى حلم الانضمام لنخبة المنتخبات التي رفعت الكأس المرموقة.

العدد 2857 - الجمعة 02 يوليو 2010م الموافق 19 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً