أعلنت الجمعيات السياسية الست عن رؤيتها في إصلاح النظام الانتخابي، والتي ارتكزت على 12 نقطة.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد مساء يوم (الثلثاء) الماضي، في مقر جمعية الإخاء الوطني، عرضت الجمعيات رؤيتها التي دعت من خلالها إلى أن تُشرَّع القوانين المنظمة للانتخابات بواسطة المجالس التشريعية المنتخبة والممثلة شعبياً، وأنه لا يجوز أن تشرع عن طريق المراسيم الصادرة عن السلطات الحاكمة غير المنتخبة.
وارتأت الجمعيات أنه من أجل استعادة الثقة في النظام الانتخابي، فإنه من المهم تأسيس هيئة انتخابات مستقلة مسئولة قانونياً وتتسم بالمهنية والحياد والنزاهة، وتوفر الخدمات الانتخابية، ومنها تسجيل الناخبين، وترسيم الدوائر الانتخابية، وتنفيذ حملات التوعية الانتخابية، وإدارة أو مراقبة تمويل الحملات، ومتابعة نشاطات وسائل الإعلام المتعلقة بالعملية الانتخابية، وفرز وعدّ الأصوات وتجميع وإعداد نتائج الانتخابات، والنظر في النزاعات الانتخابية وحلها.
وطالبت الجمعيات بإجراء تعديل دستوري أو قانوني لضمان إسناد تقسيم الدوائر الانتخابية للسلطة التشريعية المنتخبة، مع النص على ضرورة أن يراعي التقسيم عدالة توزيع الناخبين بين مختلف الدوائر، إذا تم الإبقاء على نظام الدوائر بدل اعتماد البحرين كدائرة واحدة، والالتزام بقواعد المراجعة الدورية.
المحرق – أماني المسقطي
قال عضو كتلة الوفاق في مجلس النواب جلال فيروز إن «هناك محاولات تجري من وراء الكواليس لتعديل الدوائر الانتخابية باتجاه الأسوأ، وخصوصاً بعدما تردد أن الحكومة تفاجأت بعد انتخابات 2006 من حصول المعارضة على 18 مقعداً، في حين أنها رسمت الدوائر بطريقة لا تسمح بمنح المعارضة أكثر من 15 مقعداً في البرلمان». جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد مساء يوم الثلثاء الماضي، في مقر جمعية الإخاء الوطني للإعلان عن رؤية الجمعيات الست لإصلاح النظام الانتخابي البحريني.
وقال فيروز: «آن الأوان لإعادة النظر في الدوائر الانتخابية، فحين طلبت الجمعيات السياسية قبل انتخابات 2006 إعادة النظر في توزيع الدوائر، أكدت الحكومة أنه لم يمض على تطبيقها سوى فصل تشريعي واحد، وأنه يجب أن يمر فصلان تشريعيان على تطبيق القانون قبل قرار إعادة النظر فيه».
وأضاف «هناك تناقض واضح بين المرسوم بقانون رقم (29) والمادة 18 من الدستور التي تؤكد مبدأ تساوي الفرص بين المواطنين، فإذا اختل توازن التمثيل الانتخابي للمواطن، فإن البرلمان سيختل توازنه».
وتطرق فيروز إلى الدائرة السادسة في الجنوبية التي ادعت الحكومة أنها تضم ألف ناخب، إذ أشار إلى أن عدد الناخبين في هذه الدائرة أقل بكثير، باعتبار أن جزر حوار تخلو من الناخبين، معتبراً أن تحديد الدائرة من قبل الحكومة تم من أجل فوز مرشح الدائرة بالتزكية.
واعتبر فيروز أن ذلك دفع بوزارة الخارجية الأميركية للإشارة في تقريرها إلى «شبهة في الانتخابات البحرينية»، ناهيك عما أكدته مؤسسة «فريدا» من أن العملية الانتخابية في البحرين تؤدي للشك والريبة في نتائجها.
وتستند الرؤية التي وضعتها الجمعيات لإصلاح النظام الانتخابي على 12 نقطة، عرضتها خلال المؤتمر الصحافي رئيسة مكتب قضايا المرأة في جمعية (وعد) فريدة غلام، وتتمثل في أن الانتخابات الديمقراطية مدخل للانتقال إلى الديمقراطية، وأن النظام الانتخابي في أي بلد يحدد سمات ومواصفات هذا المدخل عبر مجموعة من الإجراءات والعمليات والقوانين والقرارات، وتعد عملية اختياره عملية سياسية تحدها المصلحة العامة، وأنه في البحرين تم تصميم النظام الانتخابي بمعزل عن المشاركة الشعبية للأفراد والقوى السياسية ليحقق مصالح النظام السياسي القائم بعيداً عن المصلحة العامة، وأنه عملاً بمبدأ (الشعب مصدر السلطات)، وتوافقاً مع المعايير الدولية للنظام الانتخابي، فإن الجمعيات تدعو إلى أن تُشرع القوانين المنظمة للانتخابات بواسطة المجالس التشريعية المنتخبة والممثلة شعبياً، وأنه لا يجوز أن تشرع عن طريق المراسيم الصادرة عن السلطات الحاكمة غير المنتخبة.
وارتأت الجمعيات أنه من أجل استعادة الثقة في النظام الانتخابي، فإنه من المهم تأسيس هيئة انتخابات مستقلة مسئولة قانونياً وتتسم بالمهنية والحياد والنزاهة، وتوفر الخدمات الانتخابية، ومنها تسجيل الناخبين، وترسيم الدوائر الانتخابية، وتنفيذ حملات التوعية الانتخابية، وإدارة أو مراقبة تمويل الحملات، ومتابعة نشاطات وسائل الإعلام المتعلقة بالعملية الانتخابية، وفرز وعدّ الأصوات وتجميع وإعداد نتائج الانتخابات، والنظر في النزاعات الانتخابية وحلها.
واشترطت الجمعيات توافر الإطار القانوني والانتخابي لتمكين الهيئة الانتخابية المستقلة من العمل بحرية وحياد في نطاق الصلاحيات الممنوحة لها، وذلك فيما يتعلق بطريقة اختيار أو تعيين أعضائها وموظفيها ومدة عضويتهم، والإطار المحدد لها بشأن مسئوليتها أمام السلطات الأخرى أو تبعيتها لها.
واعتبرت الجمعيات أن مسألة إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية ذات أهمية بالغة في البحرين نظراً إلى الانتهاكات الجسيمة لمبدأ العدالة، بسبب التفاوت الشاسع في أعداد الناخبين بين الدوائر، وأنه عليه ينبغي إجراء تعديل دستوري أو قانوني لضمان إسناد تقسيم الدوائر الانتخابية للسلطة التشريعية المنتخبة، مع النص على ضرورة أن يراعي التقسيم عدالة توزيع الناخبين بين مختلف الدوائر، إذا تم الإبقاء على نظام الدوائر بدل اعتماد البحرين كدائرة واحدة، والالتزام بقواعد المراجعة الدورية.
وأكدت الجمعيات ضرورة إخراج قانون الانتخاب وتوزيع الدوائر الانتخابية من دائرة المراسيم التي تصدر عن سلطة غير منتخبة كما تنص عليه المادة «17» من مرسوم بقانون مباشرة الحقوق السياسية، وجعله في يد السلطة التشريعية كما نصت عليه المادة «43» من دستور 1973، تكريساً للمبدأ الدستوري بأن السيادة في المملكة هي للشعب مصدر السلطات.
وطالبت الجمعيات في رؤيتها، باعتماد وترجمة مبدأ تساوي ثقل الصوت الانتخابي للناخب في كل المحافظات والدوائر، حرصاً على تكافؤ الفرص في التمثيل العادل للأفراد ولمختلف المجموعات في المجتمع، معتبرة أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا عبر ترسيم دوائر انتخابية متساوية في الكثافة السكانية أو من خلال الحفاظ على النسبة ذاتها بين عدد الناخبين وعدد الممثلين المنتخبين عن كل دائرة، وعدم جواز أن يتخطى الفرق في عدد الناخبين عند الضرورة القصوى وغيرها من الدوائر، ما نسبته 5 في المئة طلباً للمساواة الحسابية.
وأكدت الجمعيات في رؤيتها ضرورة إعادة ترسيم حدود الدوائر الانتخابية في البحرين، لتتوافق والإطار القانوني الدولي للانتخابات والمبادئ الدولية للترسيم التي طورتها هيئات دولية من بينها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومن بين هذه المبادئ، التمثيلية والمساواة في القوة التصويتية، والمعاملة بالمثل وعدم التمييز، واستقلالية وحياد سلطة الترسيم والشفافية.
ولفتت الجمعيات إلى ضرورة إلغاء المراكز العامة للاقتراع لعدم توافر المبررات لعملها، باعتبار أن المساحة الصغيرة للبحرين وطول مدة الاقتراع التي تستمر 12 ساعة تهيئ فرصة لجميع الناخبين للاقتراع في المراكز الموجودة في دوائرهم، وضمان فرص المشاركة والفوز للمرأة ضمن العملية السياسية وفق قواعد دستورية وقانونية منصوص عليها في قانون الانتخاب، لتحقيق نسبة جيدة من المقاعد التمثيلية للنساء مع الاستفادة من التجارب الأخيرة لبعض الدول العربية.
وارتأت الجمعيات أن اعتماد أحد أنظمة التمثيل النسبي أو النظام المختلط الذي يجمع بين التمثيل النسبي وأحد نظم الأكثرية في دوائر كبيرة، يمثل حلاً استراتيجياً لتمثيل شعبي لجميع التيارات الرئيسية في المجتمع البحرين، وتمثيل مناسب للنساء، باعتبار أن النظام الأكثري الحالي ذي الجولتين في الدوائر الفردية الصغيرة يكرس إقصاء القوى والتكتلات المتوسطة والصغيرة، ويهدر أصوات الكثير من الناخبين من شعب البحرين ويخرج المرأة من فرص الفوز، في حين أن نظام التمثيل النسبي، بحسب رؤية الجمعيات، من أفضل النظم الانتخابية الناجحة، من حيث تحقيق العدالة عن طريق إعطاء كل تنظيم أو كيان سياسي عدداً من المقاعد، يتناسب مع عدد الأصوات التي حصل عليها ضمن الهيئات التشريعية المنتخبة، ويعكس وجود كل مكونات المجتمع.
وطالبت الجمعيات كذلك، باعتماد الرقابة المستقلة على الانتخابات التي أضحت عرفاً دولياً في أعرق الديمقراطيات في العالم، ولا تقتصر على البلدان حديثة العهد بالديمقراطية، مؤكدة ضرورة أن يشمل النظام الانتخابي في البحرين نصوصاً قانونية تغطي كل عمليات التدقيق والمراقبة العملية من قبل المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والتنظيمات السياسية والناخبين بصفتهم الفردية، والمنظمات الدولية المحايدة والمؤسسات الوطنية المستقلة ومراكز الدراسات، إضافة إلى الخبراء والباحثين القانونيين والإعلاميين، وذلك تصحيحاً للتجاوزات أو الانحرافات المحتملة وتعزيزاً للنزاهة.
ودعت الجمعيات إلى خفض سن الانتخاب إلى 18 عاماً للسماح بمشاركة أوسع للشباب في صناعة مستقبل الوطن، وأنه لتطوير الممارسات العملية واتباع أفضلها، يمكن الاستعانة الفنية بالمجموعة الدولية في التحقق من قيام نظام انتخابي عادل قابل للتطبيق والاستمرار وتحقيق متطلبات النزاهة والشفافية في الانتخابات، بما في ذلك الدعم الفني والتدريب وتنظيم الانتخابات ومراقبة العملية الانتخابية والتأكد من صحتها، ومن أهم هذه المنظمات الدولية، الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية، والمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات.
وطالبت كذلك برفض محاولة إدخال نظام الاقتراع الإلكتروني في ظل انعدام الثقة في نزاهة تطبيق التكنولوجيا الانتخابية، حيث مخاطر توظيف الأصوات وصعوبة التدقيق في نتائج الانتخابات، وأنه مع الإقرار بأهمية توظيف تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في العملية الانتخابية، إلا أن نظام التصويت الإلكتروني ينبغي أن يبقى بعيداً عن الإدارة الانتخابية لحين توافر دلائل استقلالية ونزاهة هيئة إدارة الانتخابات وثقة المواطنين بها.
وفي ردها على سؤال لـ «الوسط» بشأن أسباب طرح الجمعيات لرؤيتها في الوقت الحالي، وخصوصاً أن موعد الانتخابات المقبلة قرُب، قالت غلام: «هناك نية لدى الجمعيات لمتابعة العمل في هذا الملف، مثل متابعتها لملفي التجنيس والتمييز، وموضوع الدوائر الانتخابية أخذ حقه، إلا أن باقي عناصر الإصلاح الانتخابي، مازالت درجة الاهتمام بها متفاوتة بين جمعية وأخرى».
أما بشأن تصور الجمعيات لمطالباتها بهيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات، فأكدت غلام ضرورة أن يكون أعضاء الهيئة هم أشخاص يُشهد لهم بالنزاهة والحيادية، وقالت: «سيكون هناك تدقيق من الجمعيات في حال تم تشكيل هذه الهيئة، وستواصل الجمعيات العمل والتوعية بالنماذج الجيدة للهيئات المستقلة».
ومن جهته، تحدث المحامي عبدالله الشملاوي عن الدعوى التي ترافع فيها لدى المحكمة الإدارية بطلب إلغاء المرسوم رقم (29) للعام 2002، المعدل بالمرسوم رقم (78) للعام 2006 بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها واللجان الفرعية للانتخابات العامة لمجلس النواب لعدم استناده إلى معايير منطقية، فضلاً عن عدم دستورية المادة 16 من المرسوم رقم 14 للعام 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، بسبب تدخل السلطة التنفيذية في رسم الدوائر الانتخابية بالمخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات ومخالفة المادتين (1 و56) من الدستور التي حجزت الاختصاص بوضع تفاصيل العملية الانتخابية للسلطة التشريعية من دون حق لها في تفويض غيرها.
وأوضح الشملاوي أنه بعد رفض الدعوى من قبل المحكمتين الإدارية والاستئناف، والطعن على حكم الاستئناف في التمييز، قضت الأخيرة برفض الطعن، وكان حكمها مطابقاً لرأي المكتب الفني، ومن قبله لأحكام الدرجات القضائية السابقة، مفادها أن المرسوم (29) بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية صدر صحيحاً مستنداً إلى المرسوم (14) بشأن مباشرة الحقوق السياسية، الذي لم يضع بشأنه تحديد المناطق الانتخابية وحدودها وعدد الناخبين في كل منطقة وترك ذلك للسلطة المختصة بمالها من سلطة تقديرية في ضوء اعتبارات الصالح العام، ولا معقب عليها في ذلك من القضاء الإداري إلا في حدود الانحراف في السلطة، والقرار الطعين يُرد من ذلك العيب ومن سوء استعمال السلطة، ولا محل لرقابة القضاء على الملاءمات التقديرية التي تباشرها السلطة الإدارية المختصة عند إصدار قراراتها، سواء من حيث المحل أو أسلوب تنفيذه، ما لم تنحرف عن الصالح العام.
وقال الشملاوي: «الغريب في الأمر أن الأحكام القضائية بدرجاتها الثلاث، افترضت صحة المرسوم الطعين، على أساس أنه يستند للمرسوم (14)، وما دام ليس في المرسوم الأخير تحديد لسلطة جهة الإدارة بتنظيم العملية الانتخابية وتوزيع الدوائر الانتخابية وكتلة الناخبين في كل دائرة، فيغدو القرار سليماً وتنحسر عنه الرقابة القضائية».
وتابع «إن في ذلك إيهام، لأن تنظيم العملية الانتخابية في الأساس لابد أن يكون بقانون، وهو مصطلح يعرفه الفقه الدستوري بأنه الأداة التي تصدرها السلطة التشريعية، فإذا تولته السلطة التنفيذية، كنا أمام اغتصاب إيجابي للسلطة، والحكم بواسطة المراسيم، وإن كان يُعرف بالشرعية النسبية، فهو يُعرف كذلك بلوائح الضرورة، ولم تكن ثمة ضرورة لا تحتمل التأخير استوجبت تدخل السلطة التنفيذية برسم الدوائر الانتخابية وضبط عملية الانتخاب بمراسيم خلافاً لأحكام الدستور».
فيما أكد عضو جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي فيصل خليفة ضرورة أن يكون النظام الانتخابي في البحرين أكثر تمثيلاً لجميع القوى السياسية والاجتماعية في البحرين، لافتاً إلى ضرورة استمرار الجمعيات في ضغطها على الحكومة من أجل تغيير النظام الانتخابي في البحرين.
وقال خليفة: «نحن نتوافق مع الرؤية التي وضعتها الجمعيات الست، ولكننا نرى أنها مازالت في الإطار العام».
وتابع «تطرح الرؤية نظام التمثيل النسبي على أنه خيار استراتيجي، بينما نرى أنه جيد، ولكن قد لا تكون البحرين مستعدة إليه في الوقت الحالي، وخصوصاً مع وجود انقسام طائفي».
وأكد خليفة ضرورة أن يكون الثقل الانتخابي متناسباً مع كل الدوائر، وأن تمثل فيه جميع القوى السياسية الصغيرة والمستقلة، وخصوصاً أن الأصوات المهدرة في بعض الدوائر تصل إلى 48 في المئة من الأصوات، وأن النواب الحاليين لا يمثلون كل شعب البحرين، وإنما جاءوا نتيجة نظام غير عادل، على حد تعبيره.
العدد 2855 - الأربعاء 30 يونيو 2010م الموافق 17 رجب 1431هـ