قصّة مؤلمة لإحدى الأخوات الصابرات، نضرب فيها مثلاً للإرادة والعزم، بعد أن تنهار الدنيا من فقد الأحبّة، وتُرينا استمرارية الحياة على رغم الآلام المخبّأة بداخلها.
تقول الأخت: لم أتوقّع يوماً أن يكون طلبي هو سرد معاناتي وأحزاني، لأشارك بها شعب البحرين، ولا أريد من هذا كلّه غير الاستفادة من خبرتي المتواضعة في حياتي، فلقد فقدتُ الحبيب والزوج والحاضن، وأنا شابة في ريعان عمري، وقد رزقني الله بأطفال يذّكرونني بزوجي الحبيب.
لم أُصدّق في يوم من الأيّام المسئولية التي تركها زوجي لي، ولم أفقده يوماً كذلك اليوم الذي مرّ عندما تخرّج أوّل أبنائي، فلقد كانت الفرحة عظيمة، وفقد المحب أعظم، فلقد كان سيتولّى مشاركتي هذه الفرحة.
يخبرني الجميع بأنّ عليّ الزواج، ولا أخفي عليكم بأنّه نصف الدين، ولكن ما أن أذهب بعيداً عن الناس، فإنّ حاجتي إلى زوجي أعظم من حاجتي إلى زوج آخر، وكيف لي أن أرجعه بعد أن قدّر الله أن يختاره إليه.
مرّت الأيام الطويلة، مرِض فيها أحد أبنائي فكنت الأب والأم معاً، وطلب ابني مصاحبته في اليوم المفتوح، فلم أتردد بل كنت هناك أناقش وأحاضر من أجل ابني، وكبرت ابنتي الصغيرة، فاحتضنتها ولملمت مشاعرها المحتاجة إلى أبيها.
بنيت البيت لوحدي وكانت وسادتي تشهد بكائي وأحزاني، ففقده كارثة، ولكن العزم جميل، والصبر أجمل، ومواصلة الحياة بمرّها وحلوها له طعم كذلك، إذ يكفيني موته وهو في حبّ غامر لي، ويكفيني بأني مازلت أمثل له هذا الحب.
لا تجزعوا من مصائب الدنيا، فهي كثيرة ومتعدّدة ولكن اعلموا بأنّ الله ينزل المصيبة وينزل معها اللطف، فتجعل بني آدم يستمر في رزقه وتربية أبنائه والنظر في حياته.
انتهت قصّة الأخت، ولكن لم تنتهِ كثرة الأوجاع في هذه الدنيا، فكلّنا نجد بأنّ مصائبنا أصعب من غيرنا، ولكن لو نظرنا في مصيبة هذه الأخت لوجدنا مصائبنا أسهل بكثير من تلك المصيبة، وقد يرى البعض بأنّ مصائبه لن تزول، وأنّ هذا الألم المخنوق في الجوف لن يتلاشى، ونقول له بأنّ ما من ألم يبقى سرمدياً، فكل شيء له بداية ونهاية.
مرّت الأيّام على أختنا هذه، وتمر الأيّام علينا كذلك، فلنستبق في الاستفادة منها ولنترك الآلام وراءنا، ولنخطّط للمستقبل الغائي، حتى ننعم بحياة جميلة وسعيدة، فليس كل اللحظات ألم، ولكن هناك كثير من اللحظات الجميلة تبقى محفورة في أذهاننا. وجمعة مباركة.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2856 - الخميس 01 يوليو 2010م الموافق 18 رجب 1431هـ
عند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء
شكرا على مشاركة الخبرة
البلاء اما تكفير للذنوب او رفع للدرجة