العدد 2856 - الخميس 01 يوليو 2010م الموافق 18 رجب 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

قرية صدد تودّع القرمزي الكبير

 

فقدت قلوب أهالي صدد الطيبة - القرية التي تستلقي على خاصرة الساحل الغربي لجزيرة البحرين - رجلا ً من أجل َّ و أتقى رجالاتها الرجل الذي كان أباً لجميع أهل القرية ومربياً روحياً، فقدت مَن علَّمها الصلاة والقرآن و من كان يدعوها لذكر الله بأذانه كل موعد صلاة .منذ 1920م وهو التاريخ التقريبي غير الدقيق لميلاده كان َ على موعد ٍ مع التديّن قبل إشراقة شمس الثورة الإسلامية و التي نوّرت قلوب الناس بالإيمان فلم يتعوّد الناس قبل إذ ٍ على الالتزام و إطلاق اللحى ولزوم المسجد والإيمان بخلاف الحاج عبد الله بن عيسى القرمزي الذي كان (شيخا) قبل الشيوخ ورجل دين ٍ قبل رجال دين القرية بمعنى أنه كان مرجع الناس وواسطتهم لسؤال العلماء حيث إن صدد قرية نائية عن حلقات العلم والحوزات من أيام الشيخ إبراهيم المبارك وبعده السيد علوي الغريفي، والمفارقة العجيبة في هذا الرجل وهو الرجل التسعيني تواضعه اللافت للعلماء وطلبة العلوم ممن هم في عداد أحفاده حيث كان يجلس أمامهم بشيبته جلسة التلميذ أمام أستاذه !مما يحرج طلبة العلوم .

تتعب وأنت تحصي نشاطات حجي عبدالله بن عيسى وفعالياته في القرية، فمن تعليم الصلاة والقرآن إلى الأذان إلى قراءة (الفخري) في المأتم، إلى إقامة صلوات الخسوف والكسوف و صلاة العيدين إلى النداء للجنائز إلى تفصيل الأكفان والكتابة عليها إلى الصلاة على الأموات وتلقينهم .كان مجلسه منذ زمان مركز استقرار أئمة الجماعة التي تقام في القرية - لضيافتهم- الجماعة التي تعتبر من أوائل الجماعات في المنطقة الغربية. كان وكيلاً لعقود الزواج عن نساء القرية والموكل بإحضار العقود و إحضار خبر العيد في زمان وسائل الاتصال الشحيحة .

في أواخر حياته تدهورت صحته فكان أكثر ما تحسّف عليه عدم قدرته على حضور صلاة الجماعة وعلى عكس كبار السن كلما تقدّم عمره زادت سكينته وهدوؤه وزاد تسليمه بالأحكام الشرعية عند المسألة .كان لا يترك عادته الأسبوعية في زيارة مجالس العلماء كل جمعة، أما إذا فاتته الركعة الأولى من صلاة الجماعة أو فاتته الصلاة في الصف الأول فكان يتأذى ولا يستقر .كان معروفا ً بصلاة الليل و تنزيل ختمات القرآن .باختصار اجتمعت في حجي عبدالله بن عيسى صفات الأب المؤمن الحامل لدور العلماء في غيابهم وريثما ظهرت في القرية بذور طلبة العلوم الدينية انطوى تحت عباءتهم بكل تواضع و تسليم . إذا كان حجي عبدالله هكذا فلك أن تتصور حجم فقده وأثر رحيله على قلوب أهل صدد ومن عرفوه فرحمة الله عليه وحشره الله مع من تولاهم وجعله الله من أهل دار دعواهم فيها سبحانك اللهم وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين

أهالي صدد


«أبا حسنٍ»...ترفرفُ فيكَ روحي

 

لذكرك غبطة تهتزّ عِشقا

فها أنذا إليـكَ أجدُّ شوقا

ُاشفّعُ مَن، لكي أدنو وأرنو؟

و مَن ذا يدّعي للشمس لُحقا!

ومن يدري له قدراً و قربا

ليمسي في رحابك مُستحَقّا

ُأنمّق أحرفي والين صرفي

لأحرزَ في رهانِ الحُبّ سبقا

وأصدح مغرماً، فلعلّ شعري

يطيبُ لسامعٍ ويقول: حقا!

«أبا حسنٍ» ترفرفُ فيك روحي

وكم طارَ النهى والقلبُ رقّا

أريد بأن أبوحَ بكلّ شيءٍ

ولست أجدْ لذا حبراً و وِرقا

أتعلمُ! كم تدافعت العصورُ

لتقبس منك معرفـةً وأُفقا!

وكيف غدى ضميرك، حين تحكي

تعاليماً، وإلهاماً، وطوقاً

لقد تاقَ الزمان إليك حتى

تمنى أن تعود بهِ... فتبقى

فما وجدَ الوجودُ إليك ندّا

ومثلك ما رأى أزكى وأنقـى

شمخت مقاوماً... مذ كنت طفلا

ونفسٌ تنتمي للهِ وِفقا

ففيك تمثّل الإنسانُ أسمى

من الأملاك بل أتقى وأرقى!

بقلبك ثورة الإنسان يصبو

بأن تكسو العـــدالةُ من توقّى

جمعت من السرائر حيث تغدو

بكلّ لقا مجادلةٍٍ... مُحقّاً!

وحزت من المواهب ما تناهى

عجائبَ تترك الألبابَ غرقى

أميراً كنت أم في الناس عبداً؟

لعمرك لم يرَ القالون فرقاً!

مثلت هناك تبذر دون كلٍّ

نواميس الحياة رؤىً و صدقا

أخوك من الورى ..صنفانِ فاعلم:

«أخٌ في الدين أو ساواك خَلقا»!

وما في الناس من أصلٍ نبيل

فريدٍ قد صفا سـنخــا و عِرقا

تعيدُ بذاك للدنيا أمانـــا

و تُرجـع للنفوس عُلاً وعُمـقا

تضمّ لك الضعاف ..فأنت منهم

و كم عبدٍ رأى مــأواك عِــتقا

و تلقي بالجناح على اليتامى

فـتقطرُ رأفـة و تذوب رِفـقا

فيطمع في حنانك كلّ حيٍّ

ويأمن في قضائك حين عقّا

تُقاسُ بمَنْ ، وقد كنت القياسا

وكيف يزنك عــلمٌ حـار نُطقا

أما يدري الألى بخسوك قدرا

بــأنك كنتَ والقرآنُ... رَتقـا!

فأنت ربيب طه واصطِفاهُ

وكــنتَ بكفّــهِ تُكسى وتُسقى

وأنت قرينهُ، لا بل أخوهُ

وعدّكَ نفسَهُ خَــلقًا و خُـلقا

حملت لواءه ودفعت عنه

وكنت ظلاله أيّان يرقى

وأنك من تصدّق في ركوعٍ

فأثنى اللهُ إخلاصاً و صدقا

فكانت فيك آيات (التولّي)

فتلك فضيلة أسمى وأبقى

فمن أي النفائس فيك قلبٌ

حوى الضدّينِ إقداماً ورفقا

وكيف تسيل دمعاتٍ بليلٍ

لتضحى في الوغى سيفاً ومحقا

ومن أي المدارس جئت تلقي

كنوزاً أبدعتْ غرباً و شرقــا

وغيرك من دعا يوماً: «سلوني»

وكنت مصدّقاً فعلاً ونطقـــا

وتلهج بالتململ إن روحاً

بنفسك لم تطق للأرض رقّــا

فيا دنيا إليكِ ..إليكِ عني

لقد طلقتك ونبذت ملـقـا

فما أنا ممسك بالطرف منك

و لا من غيّكِ قد حزت رزقا

فغرِّي بالرضا غيري ومدّي

إليّ بنابك غيـظاً وحنـقا

(عليٌّ) كم سلكتَ الدرب وعرا

وحبُ الله يخفق فيــك عشقا

وكم حمّلت نفسك كلَّ بأسٍ

و ما كُلِّفت بالتقوى لتشقى

جابر علي


الحجاب سعادة كبيرة و تحدٍّ أكبر

 

زعمنا مسبقاً أنّ مجتمعنا المؤطّر بإطار ديني إسلامي كان يعاني من قلة الوعي والجهل بلب الإسلام وتشريعاته الإلهية، حيث طغت السذاجة والبساطة و العيش على الفطرة على جميع سلوكياتنا الحياتية، فقضينا حقبة مليئة بالخطايا الدنيوية، معزين ذلك إلى عدم وجود المرشد والموجّه الذي يجب أن يقوّم أفراد المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة.

أما الآن فقد أصبح يومنا أكثر إشراقاً من الأمس، وأبصرنا النور الذي يهديه الخالق لمن يشاء من عباده، بيد أنّ البعض ممن يتبعون أهواء الأنفس وما تسوّل لهم شياطينهم وقفوا عاجزين عن حمل مشعل الضياء الهادي إلى الصراط المستقيم فضلّوا ضلالاً كبيراً.

الحجاب من أهم القضايا التي كافح من أجلها المجتمع الإسلامي و ممثليه، فقد حاولوا جاهدين إيصال الفكر الإسلامي الراقي في مسألة حجاب المرأة، مصرّين على أن الحجاب ثقافة وفكر. كنّا ولانزال نحارب دعاة السفور وفلاسفة الحرية والليبرالية الذين ينظرون إلى الحجاب بمنظار مادي بحت دون التغلغل في ثقافة الحجاب وأهدافه وأبعاده وإثره على المجتمع.

لقد شهدنا جميعاً كيف أن الحجاب تحوّل إلى مسألة سياسية وقانونية في بعض الدول كفرنسا مثلاً، وهذا ما يدعو إلى التساؤل: من هو المسئول عن ظاهرة التسيب في الحجاب والجهل بثقافة الحجاب الإسلامي الشرعي؟

والحقيقة أن مسئولية فهم الحجاب والحفاظ عليه هي مسئولية مشتركة تضع لبنتها الأولى الأسرة بالمشاركة والفهم والاستيعاب. فإذا تمكنّا من استصلاح الأسر المسلمة باستخدام سياسة الإقناع والوعظ، كان نتاج ذلك مجتمعاً إسلامياً واعياً بفكر الحجاب الشرعي وقادراً على الحفاظ على أهم مظاهر المجتمع الإسلامي وما يحفظ أفراده من الفساد.


الحجاب في القرآن الكريم:

 

قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً). سورة الأحزاب/ الآية: 59. وقال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن). سورة الأحزاب / الآية 53. وقال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض و قلن قولاً معروفاً). سورة الأحزاب / الآية 32

يتضح لنا من الآيات السابقة أن الحجاب تكليف شرعي سماوي وليس بدعة ابتدعها الناس، ولذلك فإنه لا مجال للحديث عن الشرعية أو الحرية في هذا الأمر ويمكن اعتباره من المسلّمات الدينية، كما يتبين لنا أن الرحمن عز وجل قد شرّع الحجاب للنساء لما فيه من طهارة ونقاء ينعكسان على الجانب الروحي للمرأة والرجل على حدٍّ سواء.

وتؤكد الآيات الكريمة على وجوب الحجاب بمفهومه الشمولي وأبعاده المتباينة. فالحجاب ليس مجرد غطاء مادي لتغطية رأس المرأة، بل هو حماية لها من كل ما يؤذيها أو يحط من قدرها وكرامتها.

ويمكن تعريف الحجاب من المنظور الإسلامي والشرعي أنه «كل ما يصون المرأة من الإغراء والإثارة أو أن تتحول هي لأداة إغراء وإثارة». (الحجاب ثقافة - الشيخ سعيد النوري)

وتحت دائرة هذا التعريف فإن الحجاب الحقيقي يكتمل ويتحقق بثلاث مراحل وهي :

- الجانب الفكري والروحي

- الحجاب الظاهري المادي

- السلوكيات التي تتبع الحجاب الظاهري

وسأتناول هذه المراحل بشكل أوسع، لتكون الصورة أكثر صفاءً للقارئ و لما لها من أهمية بالغة في فهم ثقافة الحجاب الإسلامي.

أولاً: الجانب الفكري والروحي: تعلمنا منذ الصغر أنه ما بني على خطأ فهو خطأ، ولذا من الأجدر بحوّاء المقبلة على التحجّب - التكليف الشرعي - أن تكون مهيّأة ومعدَّة فكريًّا و روحيًّا لهذه المرحلة من خلال إبراز صورة الحجاب الإسلامي الحقيقية وما يلعبه من دور أساسي في قمع الأنفس ودرئها عن ارتكاب المحظور وصون العفاف على الصعيد الفردي والمجتمعي. وبذلك نكون قد وضعنا أساساً قوياً راسخاً لبنيان العقيدة والإيمان الصحيح لدى الفتاة المسلمة ويمكن الاعتماد عليه في التحفيز على العمل الظاهري المادي المنشود وهو التحجّب. وغاية الكمال في تحقيق عملٍ ما هو الانسجام الفكري والروحي مع العمل الجسدي فيشعر الإنسان بلذّة القيام بذلك العمل.

ثانياً: الحجاب الظاهري المادي: عندما تُستصلح الأرض بكافة الوسائل المتوافرة تصبح خصبةً وجاهزةً للزراعة والحرث، وكذا هو الحال حينما ننتهي من إعداد حواء عقائديًّا وفكريًّا، فإنها تكون مهيأة لاستقبال الأمر الإلهي بكل اقتناع ومودة وطاعة، فتُقبِل على مرحلة الحجاب المادي بشغفٍ و إلمامٍ و درايةٍ دونما تساؤل أو حيرة أو عناد.

وقد حضّنا الدين الإسلامي الحنيف على الإرشاد والوعظ والمجادلة بالتي هي أحسن، فجاء بكافة تشريعاته ومعاملاته مخاطباً العقل والمنطق، منسجماً مع حياة البشرية واحتياجاتهم.

والحجاب الإسلامي الذي نصّ الذكر الحكيم على وجوبه يجب أن يغطي جميع مفاتن المرأة من رأسها حتى أخمص قدميها، فتستر المرأة بدنها كاملاً ما عدا قرص الوجه والكفين، لتصبح بذلك جوهرةً ثمينةً و درّةً مكنونةً لا يقتنيها إلا من هو أهل لذلك.

وهنا يجب الإشارة إلى حرمة إبداء زينة المرأة في أي المواضع كانت، لأن ذلك جزء لا يتجزأ من التزام المرأة بالحجاب، امتثالاً لأمر الباري الذي قال في كتابه العزيز: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها). سورة النور/ الآية 31

كما يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة مستوفياً للشروط الشرعية، فيكون فضفاضاً غير شفاف، وأن يكون مخالفاً لثياب الرجال وخالٍ من الزينة أو ما يجذب أنظار الرجال، وبتطبيق كل ذلك تكون المرأة قد أنجزت التكليف الإلهي بكل شروطه وأبعاده المرجوّة.

ثالثاً: السلوكيات التي تتبع الحجاب الظاهري: إن أفعال الإنسان وسلوكياته ومعاملاته المختلفة تخضع لقاعدة التأثير، فإن التزم بأداء الصلوات المفروضة على أكمل وجه يكون قد وقى نفسه شر شياطين الدنيا، فالصلاة تهذّب النفس البشرية وتدفعها إلى الخير وتبعدها عن الشرور والآثام، كما جاء في كتاب العليم الخبير: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر). سورة العنكبوت / الآية 45. وبمثل ذلك نجد المسلم الصائم تقرباً للواحد المعبود، فهو يهجر ملذات الدنيا ومغرياتها ويقتل رغباته الدنيوية السيئة ولا يرى نفسه إلا لائذاً بالمعشوق الأزلي متشبثاً بحبه حتى الثمالة.

الحجاب كتلك الأعمال التي ذُكِرت آنفاً، ما إن تلبسه المرأة المؤمنة حتى تشعر بالفرق الكبير بين مرحلة ما قبل ارتداء الحجاب وبعدها، إذ يميل بها الحجاب إلى ناحية مغايرة حيث للمرأة كيانها المختلف وأنوثتها البريئة الصادقة وحيث تغمرها سعادة العفاف والطهر.

ومن هنا تشدّ تلك المرأة النقية رحالها نحو الحياة الصالحة والأعمال الخيّرة، وأنّى لها أن ترتكب محرّماً أو تشوّه دين الإسلام وهي ترتدي الحجاب الإسلامي وتمثل المرأة المسلمة الملتزمة بتعاليم هذا الدين الشريف؟! أجد أمامي أمثلة عديدة لنساءٍ انغمسن في الرذيلة إلى أن أبصرن النور الهادي إلى سواء السبيل فدخلن في رحمة الله التي وسعت كل شيء، و قد بدا التغيّر فيهن واضحاً، إذ أضفى لهن الحجاب تلك المسحة الإيمانية والنفحة الملائكية التي تنفرد بها المرأة المحجبة، كما بان جليًّا ذلك السمو الروحي والأخلاقي الذي يمنحه الحجاب لتلك الزهرة الإنسية.


الحجاب... حاجبٌ للسوءات أم الفكر؟

 

لو تأملنا قليلاً في مفردة الحجاب ومعناها الظاهري واللغوي سنجد أنها تحمل معنى الحائل والمانع والساتر، ولكن لنطلق العنان لأفكارنا مرةً أخرى لنتساءل: ما الذي يجب أن يحجبه ويستره ذلك الحجاب المادي؟

إنّ الإجابة على هذا التساؤل تمتلكها يقيناّ كل امرأةٍ محجبة، فهي بالتأكيد تعلم أن الحجاب حاجبٌ لمفاتن المرأة عن أنظار الرجال لا غير، ولم يكن الحجاب يوماً حائلاً دون حرية المرأة أو إطلاق فكرها أو خوضها ميادين العمل. أصبحت المرأة المحجبة يشار لها بالبنان لثقافتها العالية وللمستويات العلمية المتقدمة التي ارتقت إليها والأجيال المنفتحة التي أنشأتها وربّتها، بل أصبح الحجاب اليوم باعثًا قويًا على استمرارية المحجبات ورفع الطموح لديهن، ليثبتن بكل جدارة أن الحجاب لن يمنع المرأة المسلمة أن تكون عنصراً فعّالاً في مجتمعها، وأن تساهم في تقدمه ورقيّه.

في خاتمة حديثي، آمل أن تحذو النساء المؤمنات حذو أم أبيها فاطمة (ع) وزين أبيها زينب (ع)، فلم يشهد التاريخ مثيلات لهما في العفاف والشرف، ولن نجد امرأة أبلغ منهما كلاماً وأفصح منهما لساناً وأقوى منهما حجّةً وأغزر منهما علماً. فلنتخذهما قدوةً حسنةً ولنقتفي أثرهما في الالتزام بالحجاب الإسلامي ليكون ستراً للمرأة وعفةً للرجل.

فاطمة محمد محسن زيد


آخر ما كتبته سندريلا القرن الـ

 

لقد احتضنتني هذهِ الغرفة دوماً بين جدرانها الباردة، رغم برودتها إلا أنني اشعر بدفء رفقتها وحنان احتوائها إلي الآن، هي ملاذي وملجأي الوحيد، في وحدتي كم افتقد الجميع، وحين يشعل الظلام مصابيح ظلمته كنت وماأزال المتفرجة الوحيدة على مسرح ذكرياتي الجميلة، وفي خضم ذلك تنتابني قشعريرة تعيدني إلى صقيع الواقع، تجمد الهواء برئتي وأمسى من المؤلم أن أتنفس برودة وحدتي، أود أن أتنفس دفء الحياة بالخارج .

اشتقت إلى نور الصباح و إلى مناجاة العصافير على أغصان شجرة اللوز أمام نافذتي، كم اشتقت للعصفور ذي الشامة الحمراء، كان يبدو مميزا بكل حركاته وسكناته، في صمته وغنائه، كأنه كان ينتظر إشراقتي في الصباح ليحييني، وغروبي في المساء ليودعني على أمل اللقاء، كان ذلك في عهدي الذهبي عهد ابتسامتي المشرقة، أما الآن وقد أفل نجمي، فنأيت بنفسي إلى غياهب الوحدة، لأحميها من جبروت من حولي، لا افقه قسوتهم ولا يفقهون ألمي، حاولت أن أتقرب إليهم بلغة المحبة ؛ فأجابوا بلغة العجرفة، فكان أن تسلخت يداي وقدماي لأنهر بقولهم: بئس الخادمة .

أفل بريق بسمتي وتلاشى، وبقيت شفتاي تبتسمان كشاهد على أطلال ماضيي السعيد، الوهن غزاني، ومازلت انتظر من ينتشلني من وهني،فقط أريد من يطرق باب غرفتي بلطف مناديا اسمي - الذي نسيته - بحنو لأصهر دموعي المتحجرة في مجرى مقلتي الجاف.

علمت بكوني سندريلا هذا القرن ولكن لم استغث بجنية طيبة لتكون سنداً لي، لأنها قد تُقتل قبل أن يلامسني سحر عصاها السحرية، ولم انتظر أميراً ليحبني، لأن أمراء النفس والروح سجنوا أو قتلوا ظلما وزوراً ليبقي أمراء الجشع والأنانية. أريد كتابه الكثير والكثير ولكن أخشى أن الوهن قد تملكني، فلم اعد أعي وجودي الشبحي، ولم أعد أرى حروفي... خارج نافذة الغرفة الخشبية، كان ذلك العصفور ذو الشامة الحمراء يطرق بمنقاره الرقيق زجاج النافذة القاسي، محاولة يائسة لبث الأمل في جسد تلك الفتاه والذي يبدو انه فارق الحياة.


ذكرى بطعم الزنجبيل

 

رائحة الزنجبيل، تذكرني، بشتائك الأخير، بذكرى من زمن تجمد، كتجمد زمن لحظات صورك المتنازعة على باب الثلاجة العلوي .

أذكرك متلفعاً عباءة النعاس مستعداً دائما لسباتك الشتوي، أتذكرك كندف الثلج اللامبالية بزوبعة الحياة الجامحة. فقط قد أتذكر شتاءك لأنسى لحظة انهار مزاجك الثلجي ذات شتاء مضى،لأنسى أني أتذكر لحظات غضبك الغير وحيدة، لحظات ضعفك ولحظات التهاب الجليد حتى التلاشي . أتأمل كوب الشاي بيدي، أتأمل الدخان الساخن المنبعث منه، أتأمل انسيابية ونعومة تشتته، تتقلب أفكاري وتتبدل زواياها بتموجات الدخان، رشفة أخرى بطعم الزنجبيل اللاذع احتاجها لتعيدني للواقع.

زينب النعار

طالبة إعلام بجامعة البحرين


قبل هطول الأمطار

 

المرأة ذلك اللغز الكبير والصندوق الأبيض المملوء جواهر وألماساً بعضها على شكل حلقات والأعظم من ذلك القالب الكبير الذي احتضن الأسرة والمجتمع بل والعالم كله، حتى سمي بالقلب الكبير، احتضن الحمل والهم الكبيرين في التربية والتعليم حتى سمي مدرسة، وصبر على المهمات والمآسي الصعبة حتى سمي قلعة، إن أحسن الرجل الثعلب فتح قلبها فاز بقلب حواء وبجواهرها وإن أساء فتحه خسرها إلى الأبد، هي عظيمة وذات شأن عظيم عند الله سبحانه وتعالى قبل أن تكون عند البشر، بل منذ أن خلقها الله فأودع في قلبها ما أودع من كنوز العقل والحنان والعطف والجمال الساحري الذي سحر القادة والأبطال وأطاح بالرؤوس وبالعروش، وأسقط الرؤساء وأهلك الملوك واستخلف آخرين، وإن خالفت زليخة ونسوتها المعادلة تماماً (فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشَ لله ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم) وكان ذلك امتحاناً صعباً لهن وعبرة لحواء اليوم، التي منحت من المنح والمزايا ما منحت، ولهن في زهراء الرسول (ص) ابنته وروحه التي بين جنبيه، حتى لا تعيش أيام حياتها فارغة العقل أو مملوءة بالكوابيس والهواجس، ولا يوميات جاسوسية مع فارس نحسها وتعاستها، كما هو حاصل اليوم مع حواء اليوم غير حواء الأمس، قبل هطول أمطار شتائها كتساقط دموعها كغزارة المطر، عندما تصلها شهادة طلاقها أو تقرع ضرّتها بابها، أو عندما يبوح نعومة صوتها من شدة بكائها على فشلها، أو يذبل جمال أوراقها فتتساقط كتساقط شعرها الجميل من شجرة الأنوثة في خريفها، بل والأمرُّ والأدهى من ذلك عندما ينحسر ربيعها الوديع المخضر الذي لن يعود إليها ثانية وسط خلافاتها اليومية مع فارس نحسها وتعاستها ومحطم أملها على الأبيض والأسود، أقول قبل كل ذلك لابد من دق ناقوس خطرها، حتى تكون حياة حواء دائم الإخضرار كالربيع، فلا حاجة لحواء أو لأي زوجة أن تمنع زوجها من مشاهدة مسلسل متولي مع زوجاته الأربع، خوفاً من أن يتأثر به فيهجرها، ولا يوجد داعٍ أن تقوم بدور جيمس بوند البوليسي فتفتش جيوبه وهاتفه قبل وبعد عودته من العمل، أو أن تقوم بدور أبوكلفشه كما هو في مسلسل صح النوم تتحسس شكوك زوجها أو رائحة خيانته من على بعد كيلو لتعيش طيلة عمرها دور أبوكلفشه البحرينية كي تتصنت على مكالمات، إن الحل والعمل يكمن في التولز وما أدراك ما التولز والموجود في عقل كل امرأة وفتاة وهو الحل، نعم فالمرأة تمتلك الكثير من العناصر والطرق والأساليب التي تجعلها تسيطر على قلب آدم وتمتلكه حتى آخر رمق منه أو عندما ما يوارى التراب، دون استخدام العنف كصفع الأولاد أو رفس الباب، ولا أن تتقمص أدوار جيمس بوند ولا ريا وسكينة ولا جاسوسية «الأف بي آي»، فالعناصر كثيرة وتمتلكها منها المسجات الهاتفية العاطفية بينها وبين زوجها التي تحي قلبه كل يوم بحروفها الذهبية، بدلاً من رسائل قوائم شراء اللحم والكوسة والباميا وحفاظات بامبرز، وقبلتها الصباحية اليومية التي تذيب عنه الدهون والهموم بدلاً من تكشيرتها الصباحية أو نشرتها الإخبارية اليومية عن مشاكل الأولاد، ودعاؤها له حتى يعود والإغراءات اليومية لزوجها كابتسامتها اليومية الساحرة التي تستقبله بها والتي تذيب عنه الديون ولو كانت كحجم الجبال، وهديته الفجائية له عطره المفضل، والمفاجآت الليلية الكثيرة منها مباغتة بباقة من الورود والزهور بين فترة وأخرى كجماله السحري المتجدد في يوم ميلاده إن كان للثعلب ميلاد قبل هطول أمطارها، وأما عطرها الساحر الذي يجذبه إليها لا لغيرها ولا ينظر إلى غيرها!

مهدي خليل

العدد 2856 - الخميس 01 يوليو 2010م الموافق 18 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:02 م

      رحمك الله يا اباعيسى

      فقدناك يا شيخنا ، وبتنا نتألم لفقدانك ، فطالما علمتنا القرآن والصلاة ، وعلمتنا الأدب والأخلاق ، كنت كريماً لأبعد الحدود ، ذاكراً لله تعالى في كل حال ، فسلام عليك يوم ولدت ويوم أنتقلت الى جوار الله تعالى ويوم تبعث حيا ، وحشرنا الله وإياك في زمرة محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين لقد كنت رجل دين حتى وإن لم تلبس العمامه على رأسك ، وكنت تجلس أمام طلبة العلوم الدينية كجلسة التلميذ أمام أستاذه ، نعم هذه هي التربية ، تربية النفس قبل تربية الناس ، وهذه أخلاق أهل الآخرة ، وإنا لفقدك يا شيخنا لمحزونون

    • زائر 4 | 2:02 م

      السلام عليكم

      كتابة راقية والى الامام يا زينب

    • زائر 3 | 7:04 ص

      صددي

      رحمك الله يا قرمزي فقد كنت فعلا الأب الروحي لهذه القرية

    • زائر 1 | 3:28 ص

      حوراء

      زينب النعــار ... راق لي إسلوبك دوماً و دائماً ، رائعه أنتِ :)

اقرأ ايضاً