العدد 2854 - الثلثاء 29 يونيو 2010م الموافق 16 رجب 1431هـ

العلاقات السعودية – الأميركية: نقاط الجذب ومراكز الطرد (1-3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد مشاركته في قمة العشرين، توجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والوفد المرافق له نحو واشنطن في زيارة رسمية للولايات المتحدة، يلتقي فيها بنظيره الأميركي باراك أوباما. سبق وصول عبدالله بن عبدالعزيز إلى العاصمة الأميركية تصريح صادر عن البيت الأبيض جاء فيه، أن «الرئيس (الأميركي) يتطلع إلى التشاور مع الملك عبدالله حول تقوية العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى عدد من نقاط الاهتمام المشتركة المتعلقة بالأمن الخليجي والسلام في الشرق الأوسط وغيرها من قضايا إقليمية وعالمية».

تبع ذلك تصريح آخر أدلى به ناطق من وزارة الخارجية الأميركية، إلى صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، والقريبة من الدوائر السياسية السعودية، أكد فيه على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة للزيارة، وقال أن «لدى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية شراكة قوية وواسعة واستراتيجية دائمة، وهي مبنية على روابط اقتصادية وأمنية قوية وتدعمها روابط أعمال ومؤسسات، بالإضافة إلى التبادل بين الشعبين، وإن لدى الرياض وواشنطن الكثير من الأهداف الإقليمية والدولية المشتركة: الحاجة إلى استقرار مالي عالمي، واستقرار مجال الطاقة، والرؤية المشتركة حول التهديد الذي يمثله التطرف والإرهاب وانتشار الأسلحة النووية، وأهمية تحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط».

تلخص مثل تلك التصريحات وأخرى غيرها، بوضوح غنى جدول أعمال الزيارة بالنقاط المهمة التي سيتناولها القائدان، والتي تمتد من الإقليمي حتى العالمي، وتشمل الاقتصاد دون أن تهمل السياسة، وتتوقف عند قضايا شائكة مثل البيئة، دون أن تغفل التعاون في مجال التكنولوجيا. في هذا الغنى الكثير من المنطق الذي يفسر علاقة قديمة عرفت الكثير من الصعود والهبوط، وشابها الكثير من نقاط الجذب، كما تخللها العديد من مراكز الطرد. ولفهم مدلولات تلك التصريحات، وعمق تلك العلاقة، لابد من العودة إلى تاريخها وأهم العلامات الفارقة فيها.

إذ يعود تاريخ العلاقات السعودية – الأميركية إلى ما قبل اندلاع الحرب الكونية الثانية، وقبل اكتشاف النفط في المملكة بهذه الغزارة التي هو عليها اليوم. فالعام 1933، هو العام الذي قامت فيه شركة الزيت العربية الأميركية بحفر أول بئر للنفط في شرق المملكة. تلا ذلك اللقاء الشهير الذي تم في العام 1945، بين مؤسس الدولة السعودية الحالية عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، والرئيس الأميركي حينها فرانكلين روزفلت على ظهر السفينة الحربية (كوينسي)، لتشكيل شركة الزيت العربية الأميركية (أرامكو)، التي كانت مكوّنة من الشركات (ستاندارد اويل أوف كاليفورنيا، وسوكال، وفي وقت لاحق شركات موبيل وأكسون وتكساسكو)، قبل أن تتحول ملكية شركة أرامكو الكاملة للحكومة السعودية.

ويكشف محمد ماضي، على موقع «سويس إنفو» عن وثيقة أميركية يصنفها على أنها «سرية»، «تلخيصٌ لأهم ما دار بين العاهل السعودي الراحل الملك فيصل، والرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في البيت الأبيض يوم 27 مايو/أيار 1971». جاء في تلك الوثيقة أن الرئيس نيكسون أبدى لضيفه السعودي اهتمام بلده «بالعمل لضمان أن تستمر العلاقات الأميركية السعودية كما كانت دائماً، علاقات صداقة تنمو وتُـصبح أكثر قوة في المستقبل». وجاء الرد السعودي مؤكداً حرصهم على استمرارها «ليس فقط باعتبار أن تقوية الصداقة بيننا تصب في مصلحتنا المشتركة، وإنما لأن ذلك يخدم مصالح دول وشعوب أخرى أيضاً».

لكن هذا التقارب، لا يمكن أن يمحو من تاريخ تلك العلاقات، كما يورد الصحفي الكويتي محمد عبدالقادر الجاسم، ما جاء في تلك الرسالة الشهيرة التي بعث بها في يناير/ كانون الثاني 1956، رئيس الوزراء البريطاني حينها انتوني ايدن إلى الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور يحذّره فيها من الدور السعودي المعادي للغرب الذي تمارسه الرياض في الشرق الأوسط! والذي قد يؤدي إلى «فك ارتباط الأردن ببريطانيا من خلال تقديم دعم مالي بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي». ودعا إيدن، وفي ذلك كان بعض الغرابة، واشنطن أن تبذل ما بوسعها كي «تمنع السعوديين من اللعب على الورقة الروسية، لأنه إذا استمر السعوديون بصرف أموالهم والتصرف على هذا النحو، فلن يبقى شيء لغير الدب»، في إشارة للاتحاد السوفياتي حينها. وكان في رد ايزنهاور إشارة واضحة إلى «إدراك الولايات المتحدة للمشكلة، ومن ثم فمن الحيوي تقوية النفوذ الغربي في السعودية إذا كنا نريد النجاح في إقناع السعوديين باستخدام أموالهم لأغراض أفضل».

ولتمييز علامة أخرى من العلامات الفارقة أيضاً في تاريخ العلاقة بين البلدين، يمكننا العودة للعام 1974 عندما انبثقت «اللجنة السعودية الأميركية المشتركة للتعاون الاقتصادي»، التي أنشئت في ذلك العام، وشكلت نقلة نوعية في علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات الصناعية والتجارية والقوى البشرية والزراعية والعلمية والتقنية. لكن تلك الخطوة، على أهميتها، لم يكن بوسعها أن تزيل من تاريخ العلاقة، كما يقول مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط بجامعة فيرمونت غيرغوري جوس ذلك التوتر الذي بدأ «منذ الحظر النفطي في العام 1973 والثورة النفطية الأولي».

وتلخص الكلمة التي ألقاها قبل ثلاثة أعوام، وتحديداً في 18 سبتمبر/ أيلول 2007 رئيس اللجنة الفرعية لشئون الشرق الأوسط وجنوب آسيا بالكونغرس الأميركي النائب غاري آكرمان أمام تلك اللجنة، طبيعة الوتيرة المتأرجحة التي تحكم تلك العلاقة، والنابعة أساساً من تعقد القضايا التي تغطيها وتشعبها. أفصح آكرمان بوضوح أن «الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تشتركان في أهداف استراتيجية هامة في الشرق الأوسط: فكلانا يريد تحقيق الاستقرار في العراق، وكلانا يسعى لمنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية وكبح جماح شهيتها المفتوحة للهيمنة على المنطقة، وكلانا يريد حلاً للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني يتضمن دولتين لكلا الشعبين، تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام. ولكن بإلقاء نظرة فاحصة إلى كل واحد من هذه الأهداف فستجد هنالك تباينات واسعة».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2854 - الثلثاء 29 يونيو 2010م الموافق 16 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:54 ص

      الاجرام

      تدرون ان هالدولتين هم سبب المشاكل والارهاب في العالم

    • زائر 1 | 12:05 ص

      العلاقات هي أول خيط لربط أطر الصداقات الدولية الحميمة

      التعاون وتبادل العلاقات لكي نعيش من خلال القرية الكونية لابد أن تعطي ثمارها ولطالما أطرت تلك العلاقات في نتائج مثمرة ولكل ثمر موسم ولطالما نتجت عن العلاقات معجزات ...مع تحيات Nadaly Ahmed

اقرأ ايضاً