العدد 2854 - الثلثاء 29 يونيو 2010م الموافق 16 رجب 1431هـ

قيمة المواطن داخل بلده وخارجه

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

إن العلاقات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المجتمع الخليجي لاتزال تتطلب نقاشاً معمقاً وجريئاً من أجل التوصل إلى صيغة تحمي الحقوق الشخصية والعامة وتضمن الحريات وتدعم قيم حقوق المواطنة والديمقراطية.

فمفهوم التسامح لا يمكن أن يتحقق واقعياً إلا بتلازم فكرتي الحق والحرية، وكل اعتداء على الحق والحرية هو نسف كامل لمفهوم التسامح. وإذا ما أردنا التطرق لقيمة المواطن انطلاقاً من هذا المفهوم الذي يؤثر ويتأثر بمحيطه داخل الوطن وخارجه، فإن مما لاشك فيه أن للزمن قول وسلطان في تحديد مسار الأحداث التي تؤثر على حياة الفرد، وبإغفال قراءة إشارات الزمان قد يضطر الفرد إلى دفع ثمن تجاهلها وضبابية رؤيتها.

التاريخ كتاب مفتوح يحتوي على فصول كثيرة من المنعطفات القدرية في تغيير إحداث الزمان، وللابتعاد عن التعميم فلنأخذ على سبيل المثال ما مر به المواطن البحريني بالخارج جراء معضلة البحارة، وكيفية التعامل مع هذا النوع من الإشكاليات التي تجرنا إلى عصر جديد قوامه قيمة المواطن التي تعتمد على قوة التعامل مع هذا المفهوم الجديد وعوامله المؤثرة.

إن قيمة المواطن في عصرنا الحديث لا تعني قيمة الفرد تجاه وطنه بمعناه الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي فقط، ولكن أيضاً قيمته خارج الوطن.

والسؤال هو ما هي العوامل المباشر وغير المباشرة المؤثر على قيمة المواطن بالخارج، هل هي طيبة الشعوب التي في بعض الأحيان تؤدي إلى النظرة النقيضة لذلك من قبل الغير، أو سياسة الدولة الخارجية التي تتصف بسمة التسامح وذلك لتجنب التصعيد للمعضلات التي تواجهاها، أم النظر إلى التسامح والعفو والتجاوز في البحرين وكأنه واجب يجب أن يطبق على المواطن حتى في المحيط الخارجي، أم هو فقط أحساس من قبل الفرد لسبب الفوارق الاقتصادية مقارنة لما تتمتع به دول الجوار.

إن موقف سفارة البحرينية من قضية البحارة بدولة قطر الشقيقة يعد أحد المواقف المسئولة تجاه المواطنين، ولكن هل ينطبق هذا الدور على جميع السفارات وإذا طبق هل يطبق على جميع المواطنين.

كما أن التعنت والتشدد السياسي بين الدول ليس من المفترض أن ينعكس على قيمة المواطن بالسلب، فالشعوب تعد قيمة مضافة لدولها اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً بعيداً عن السياسة ودهاليزها.

كل تلك التساؤلات ليس المقصود منها إلا قراءة قيمة المواطن خارج وطنه، تاركين الاستنتاج للقارئ انطلاقاً من الأسباب التي يعتقد بأنها جزء من هذه القراءة، حيث يرى البعض أن قيمة الفرد في الخارج مشوهة عكس ما هي عليه بالداخل علماً بأنها من المفترض أن تكون وجهين لعملة واحدة، فما يقدمه ويقوم به الفرد بالداخل هو ما يجب أن ينعكس عليه في الخارج.

إن قيمة الفرد لابد أن تسير جنباً إلى جنب مع إحساس الفرد بالأمن الاجتماعية والسلم الأهلي والرخاء الاقتصادية، والابتعاد عن العاطفة المفرطة المتمثلة بقراءة التسامح والعفو والتجاوز بالداخل على أن أنه واجب بالخارج. كما على المواطن أن يعي كثيراً ما تعرضت له المجتمعات في حقب التاريخ المختلفة من أزمات ومشاكل لا حصر لها، تركت آثارها السلبية على نسق العلاقات الداخلية والخارجية لهذه المجتمعات وعرضت حقوق وحريات المواطنين للخطر، وأضفت على حركتها الخارجية نوعاً من الارتباك والتعثر، ولكن هذه المجتمعات سرعان ما تداركت أوضاعها، فيتكاتف أبناؤها فيما بينهم للتخلص من هذه الأزمات والمشاكل. ويكون ذلك في الأغلب الأعم بالاحتكام إلى صوت العقل الذي يدعو إلى تبني القيم والمفاهيم التي تتقبل العيش المشترك مع وجود الاختلاف والتباين ومن دون شك أن التسامح والديمقراطية واحترام الحريات الشخصية والعامة في طليعة هذه القيم.

إن هذه الحقيقة تنطبق على نحو كبير على بعض المظاهر التي بدأت تعاني من اختلالات مجتمعية واقتصادية وثقافية وفكرية خطيرة، أشرت وبشكل لا يكون بوسع عاقل إنكاره وجود بوادر أزمة حقيقية أخذت تنخر في النسيج الاجتماعي والثقافي بالداخل والخارج التي جعلت من المواطن يقرأ قيمته كمواطن بالخارج تارة على حسب ما يراه كفرد مستمد ذلك من قراءته للمجريات بداخل الوطن الجامع، وتارة أخرى على حسب ما يتم تصنيفه من قبل الساسة.

لذلك نقول إننا بحاجة إلى استلهام واستيعاب واستحضار قيم التسامح والحوار والقانون وحقوق الإنسان في أوساط دول الجوار لكي نتجاوز ذلك الشعور. ونحن نعتقد أننا كشعوب قادرون على ذلك، لأن معظمنا يؤمن بأن ما يجمعنا هو أقوى بكثير مما يفرقنا، كما إننا بحاجة إلى العيش المشترك أكثر من أي وقت مضى وفق عقد سياسي واجتماعي جديد يحتكم إلى العقل والتسامح وحقوق الإنسان وهذا ما يجب أن تؤمن به الدول المحيطة، هذا بجانب أن نعمل على تمهيد الطريق لتحقيق الحد الأدنى من طموح المواطن بالداخل كي يشعر بالطمأنينة وهو بمحيطه الخارجي.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2854 - الثلثاء 29 يونيو 2010م الموافق 16 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • البحار | 5:47 م

      ليبا والعراق انموذج 2

      علي العموم اخي بوخالد قيمة المواطن البحريني خارج بلده بنفس قيمته داخل بلاده كان في الخارج محترم ايام كان يحترم نفسة بالداخل وعندما بدا يسى لوطنه واهل بيته اصبح غير محترم في الخارج هل يثق الجار في جاره الذي يراه لا يعبا بامن بيته واهله وهل سيغار علي بلاد جاره وهل الذي اغمض عينه عن مايدور في بيته ونسائه؟

    • البحار | 5:41 م

      ليبا والعراق انموذج 1

      اخي بوخالد قيمة المواطن داخل بلدة ليست بخارج بلده ولك من العراق وليبيا انموذج كنا في السبعينات والثمانينات في بريطانيا وكان العراقي والليبي في بلادهم عادي بل لعله يظلم في بلده ولا يغاث كان النظام قوي داخل البلاد فمسك امن البلاد بصرامة فخافته الشعوب وفي نفس الوقت كان النظام العراقي والليبي صارم في تعامله من الدول الاخرى فكانت للمواطنين الليبيين والعراقين قيمة عند النظام وكذلك الشعب البريطاني وكانت الكليات تخشى غضب السفارة العراقية والليبية فكانت قيمة المواطن خارج بلدة افضل من الداخل على العموم قيمة

    • الصريحه | 3:56 م

      كم نحن محتاجون لمنظومة العدالة

      لو تم إرساء قواعد ومبادئ العدل والشفافية الحقيقية وليس مجرد شعارات جوفاء لأغراض إعلامية لكان للمواطن قيمة حقيقية في وطنه وخارجها
      ليت شعري أين قيمة المواطن في وطنه؟؟؟؟؟؟؟؟
      ورغم ذلك يستطيع المواطن أن يكون ذا مكانة بعلمه وأسلوب تعامله وتدينه وانفتاحه على الأخرين بل يستطيع أن يكون سفيرا لبلاده بذلك النهج القويم والتعامل الراقي والعلم الغزير

    • زائر 6 | 10:37 ص

      اصبت كبد الحقيقة

      لقد ادميت قلوبنا بهذا المقال الرائع وكلا يبكي على ليلاه اخي الكريم المواطن مذلول من قبل الحكومة ومن قبل اصحاب اللحي والعمائم فلا ناقة له ولا جمل يعيش لياكل وياكل ليعيش لا فكر ولا هدف ولا طموح اعزكم الله مثل ال ...........

    • زائر 5 | 5:28 ص

      لخلل الفردي

      نعم الخلل فينا اولا و ليس في المؤسسات الدستورية او المهنية الخلل فينا ببعدنا الدين و عن القراة و الفكر المستنير الخلل ففينا ي عدم تقبلنا لبعضنا البعض الخلل فينا عندما لا نكون صادقين مع انفسنا الخلل فينا عندما لا تكون لنا رسالة أو رؤيه الخلل فينا عندما نترك عقولنا و أنفسنا في يد شرذمه غير واعية من على المنابر تتغدد و تشتعل و تفسد في الأرض الخلل فينا عندما نبيع ضمائرنا لرضا أعدائنا الخلل فينا عندما لا نحترم عادتنا العربية الأصيله و نتنصل عن عروبتنا الخلل فينا عندما نتكلم كثيرا و نفعل قليلا

    • زائر 4 | 4:44 ص

      اين الوطن الضائع -2-

      ليس من الغريب ان تحصل بل وتكرم من بلاد غير بلادك خصوصا عندما تكون مميزا عندهم ولكن من العجيب والغريب ان لا تقدر بموطنك وهذه الطامة الكبرة - فانا لا اري من يخاف علي ارض هذا الوطن معزز- ليس لانه شيعي او سني بل لانه كف ومميز .
      جزاءك الله خيرا يا ابا خالد على مفالاتك المميزة وانت احد المميزين ولكن اين موقعك بهذا الوطن ؟

    • زائر 3 | 4:37 ص

      اين الوطن الضائع -1-

      اخي الفاضل بوخالد تحياتي لك ولقلمك وشخصك المتميز. انا عشت فترة تزيد عن التسع سنوات بالخارج وتعلمت ما تعلمت من الخارج ووصلت الى اعلى درجه من العلم بل ودرسة على حساب الدوله التى كنت قد درست بها ليس لانني بحريني او عربي بل لانني متفوق ومتميز حسب نظرتهم لي. ولكن السؤال ماذا انا حصلت من وطني " لا شي" وزير يرى فيني تهديد لمنصبه بسبب ما احمله من مؤهل علمي رفيع واخر يخاف من ان اقترب منه فاكشف فساده . فاين الوطن والكرامه التي نتحدث عنها بل انني حصلت على عرض بالخارج بعشر مرات من مكانتي بوطني. صا

    • زائر 2 | 2:07 ص

      ليس له قيمة !

      المواطن العربي وللاسف الشديد ليس له قيمة.
      حياوانات في الدول الغربية .. تكون قيمتها أكبر بكثير من هذا المواطن البائس .. المريض نفسية.

    • زائر 1 | 1:22 ص

      الى متى

      ومع ذلك فإن البحارة البحرينيون لم يذهبوا إلى المياه القطرية إلا عندما أغلقت مياههم وسواحلهم في وجوههم ولا تتوقع من قطر أن تدفع ثمن سياسات خاطئة للآخرين

اقرأ ايضاً