فور مغادرته الطائرة التي أقلته من إسلام أباد إلى موطنه، أكد الأميركي غاري فولكنر، الذي أصبح يحمل لقب «صياد بن لادن»، بعد أن اعتقلته السلطات الباكستانية في 15 يونيو/ حزيران 2010، مسلحاً ببندقية وسيف، إنه «لم يكن وحيداً في رحلته التي بدأت بعد هجمات سبتمبر/ أيلول 2001 لقتل بن لادن، بل كان يتلقى مساعدة من مجموعة كبيرة من الأشخاص في باكستان، وهم عرضة للخطر حالياً».
ومنذ اعتقاله، تفاوتت التصريحات بشأن حالته الصحية، فبينما أفادت مصادر استخبارية باكستانية بأنه قد خضع «لفحوص طبية، وتوصل أحد الأطباء الباكستانيين إلى أن غاري يعاني من مشكلات نفسية وأنه كان يخضع للمتابعة مرة كل 20 يوماً»، نفى شقيقه سكوت، وهو طبيب، ذلك مصراً على أن «شقيقه لا يعاني من مشكلات عقلية وذهنية، وأنه لا يشكو من الانفصام أو أي حالة من هذا القبيل، وأنه شخص طبيعي وأنه مندمج مع المجتمع».
ليس لدينا الرغبة في متابعة هذا المسلسل الأميركي الجديد من منطلقات استخباراتية تحاول التحقق من مدى ارتباط غاري مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، فحتى لو ثبت مثل هذا التحليل في المستقبل، وهو أمر لا ينبغي نفيه بالمطلق، سوف يخفي هذا المنحى في رؤية الحدث، ما هو أخطر من ذلك وأسوأ منه، والذي هو أن ظاهرة غاري، وربما نشاهد أخرى غيرها أيضاً، إنما هي تجسيد حي لنتائج السياسة السيئة والغبية في آن، التي سادت الاستراتيجية الأميركية خلال المرحلة «البوشية»، وخصوصا بعد هجمات سبتمبر على البرجين الأميركيين، والتي كرر غاري الحديث عنها، في كل تصريحاته منذ اعتقاله.
فقد حرصت تلك السياسة على ترسيخ مجموعة من المفاهيم الخاطئة والمضرة بعلاقات التفاعل العالمي الإيجابي بين الثقافات الحضارية المختلفة، بالتركيز على القضايا التالية:
1. نكران مجموعة من الشعوب جميل الطبيعة المسالمة للسياسة الخارجية الأميركية، والضريبة الباهظة التي تتحملها الولايات المتحدة جراء تلك السياسة، من تلك الشعوب التي، حسب الإعلام الأميركي «البوشي»، كانت حينها غير قادرة على تثمين تلك المسحة التسامحية فيها، من جراء عدم قدرتها على فهمها.
ولدت هذه الحملة الإعلامية نزعة عدوانية شعبية أميركية تجاه مجموعة مختارة من الشعوب، التي شملها الرئيس الأميركي في لائحته العدوانية تلك.
هذه النزعة العدوانية التلقائية لمسها مواطنو تلك الشعوب عند زياراتهم للولايات المتحدة، أو عند تعاملهم اليومي مع المواطن الأميركي. تحولت أميركا، بفضل ذلك، من بلد يرحب بالآخرين من الأجناس الأخرى، إلى بؤرة عدوانية ضدهم.
2. شن حملة شعواء مكثفة على الإسلام، بل وبشكل أكثر تركيزاً على الحضارة الإسلامية، وليس التعاليم الإسلامية، مما ولدت هي الأخرى موجة حقد وكراهية غير مبررة في نفوس المواطنين الأميركان، وخاصة البسطاء منهم، ضد كل ما يمت للإسلام بصلة.
استبدلت الإدارة الأميركية حينها كل ما كانت تستخدمه آلة الإعلام الأميركية ضد «الشيوعية» إبان الحرب الباردة، كي توجهها في حملة مسعورة ضد الإسلام الذي، حاولت حصره في صورة «أسامة بن لادن». وتحول بن لادن إلى كابوس يرعب المواطن الأميركي، وأصبح الحجاب، على سبيل المثال، الذي ترتديه المرأة المسلمة رمزاً للتخلف والنزعات العدوانية على حد سواء في ذهنية المواطن الأميركي العادي. وشاهدنا، على امتداد السنوات التي تلت هجمات سبتمبر حالات اعتداءات متكررة جماعية على نساء لا لجريمة ارتكبنها سوى ارتدائهن الزي الإسلامي.
3. تهيئة الرأي العام العالمي، ومن بينه الأميركي، كي يتقبل أي عمل عدواني تقوم به الولايات المتحدة تحت مبررات واهية، هي حماية «الحضارة الغربية المتقدمة»، من هجمات «البربرية الإسلامية المتخلفة».
وتحت تلك المبررات الواهية، شنت الولايات المتحدة على أفغانستان، بعد أن جرت معها، طوعاً وقسراً، دولاً أخرى من أوروبا حتى نيوزيلندا، وبررت في السياق ذاته تدخلها العسكري المباشر في العراق.
انعكست تلك الحروب الخارجية سلباً على المواطن الأميركي، في شكل زيادات غير منطقية للضرائب التي بات مجبراً على القبول بها، وتردٍ في الخدمات العامة، مثل الخدمات الصحية التي يحصل عليها. وتفاقم كل ذلك، ودفع ضريبته الباهظة جراء الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد الأميركي، المواطن الأميركي، الذي صب جام غضبه على «الإسلام»، بدلاً من الإدارة الأميركية، وهذا ما خطط له جورج بوش.
كل هذه الظواهر وأخرى عديدة غيرها تذكرنا بأفلام راعي البقر الأميركي مثل جون واين وبيرت لانكستر وآخرين غيرهم، الذين كانوا يتحملون الصعاب من أجل إقامة العدالة، التي كانت في بعض الأحيان، على حساب إبادة قبائل كاملة من سكان أميركا الأصليين.
لقد كنا، ونحن أطفال نحضر الأفلام الأميركية، نصفق للكاوبوي الأميركي وهو يبيد قبائل «الأباشي» عن بكرة أبيهم؛ عقاباً لهم على جريمة لم يرتكبوها.
ولا ننافي الحقيقة عندما نربط بين غاري فولكنر وراعي البقر الأميركي، وهذا، على وجه التحديد ما أشار له شقيقه سكوت حين قال «كلنا نحب تشوك نوريس وكذلك كلينت إيستوود وجون واين... لماذا؟ لأنهم خاضوا القتال على طريقتهم، حيث كانوا يعثرون على الأشرار، ربما كانوا يواجهون بقسوة زائدة بعض الشيء، ويغرقون في الأوحال، لكنهم في النهاية كانوا ينتصرون».
المتهم الحقيقي هنا ليس فولكنر، فهو الآخر، كالكثيرين غيره من الأميركان السذج ضحايا غسيل الدماغ الذي مارسته بحقهم الإدارة الأميركية خلال حقبة بوش الابن. وإن غفرنا لفولكنر ذنباً لم يقترفه، فليس في وسعنا أن نسامح لإدارة بوش جريمة عالمية ضد الشعوب خططت لها بعناية فائقة، ورسمت خطوات تنفيذها بدقة متناهية
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2851 - السبت 26 يونيو 2010م الموافق 13 رجب 1431هـ
الصراعات العرقية منها ما قصصناها عليك ومنها من لم نقصص
التطهير العرقي والإنتماءات العرقية هي غدد تنمو وتتكاثر إذا ما وجدت البيئة الحاضنه لها وآيارها وتدعاياتها كبيرة وليست العطور هي دوما سوف تقضى على نتن الرائحه ... مع تحيات Nadaly Ahmed
مقدمة في علم الاستغراب
اخوي عبيدلي كي نفهم فلسفة الغرب الامريكي او الاوربي و الغرب اللاتيني القادم، علينا بقراءة مقدمة في علم الاستغراب للدكتور حسن حنفي . و كي تشاهد الغرب حسب تحليلك علينا مشاهدة فلم Gladiator بالاخص الحوار بين الامبراطور و البطل عندما يتحدثون عن روما.