العدد 2850 - الجمعة 25 يونيو 2010م الموافق 12 رجب 1431هـ

الغرب يزمجر وإيران تهزأ! كيف؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

صدر القرار رقم 1929 ضدّ إيران. مضى على انعقاد نطفته الأولى تسعة أشهر. ليس هناك كثيرٌ من الجديد في القرار. فقد سبقه إلى مضمونه غيره من القرارات. في العام 1980 صدرت أوّل عقوبات ضد إيران من جانب الولايات المتحدة. ثم تكرّر الأمر في العام 1986. ثم في العام 1988. ثم في العام 1995. ثم في العام 1996. وفي العام 2001 عندما صُنِّفَت إيران كإحدى أضلاع محور الشّر (إلى جانب العراق وكوريا الشمالية) وُضِعَت عليها عقوبات أخرى أيضاً.

ومنذ العام 2006 ولغاية اليوم صدرت خمسة قرارات أممية بسبب البرنامج النووي الإيراني. وهي القرار 1696 (صدر في أغسطس/ آب 2006) والقرار 1737 (صدر في ديسمبر/ كانون الأول 2006) والقرار 1747 (صدر في مارس/ آذار 2007) والقرار 1803 (صدر في مارس / آذار 2008). والقرار الجديد 1929 (يونيو 2010). تُعضّدها قرارات مُنفردة لبعض القوى والتجمعات السياسية الكبرى كالاتحاد الأوروبي الذي أعلن مؤخّراً أنه فرض عقوبات مُغلّظة على إيران.

قبل صدور القرار الجديد وُزّعت الغنائم بين الكبار. طلبت الصين أن تُستثنى مصالحها الاقتصادية في إيران والبالغة 100 مليار دولار فاستُثنيت. وطلبت روسيا أن تُستثنى مصالحها مع إيران فاستُثنيت. اليابانيون طلبوا ذات الأمر. النمساويون والسويسريون والإيطاليون والبلغاريون طلبوا أن يُستثنون من عقوبات استيرادهم الغاز الإيراني فأجِيبَ طلبهم. حتى بعض شركات الطاقة العالمية استُثنَيت مشاريعها الفاعلة في إيران من العقوبات.

إذاً ما هو القليل (الجديد) في القرار الأخير؟ ضمن القراءة الأوّليّة والختامية للقرار المذكور، يظهر أن إضافة بند يتعلّق بموضوع تفتيش السّفن، يُضفي صفّة الجِدَّة في الأمر. فهو أولاً يمنح الموضوع هامشاً أكبر من عضّ الأصابع، وثانياً يمنح الصراع بُعداً «سيادياً» يتعلّق بمصالح الدول وحقوقها القانونية والشرعية في أعالي البحار وآلية عمل نظام الملاحة الدولي، وبالتحديد فيما خصّ البواخر النفطيّة المُخزّنة لملايين البراميل من النفط الخام.

فقد نصّ البند (هـ) من القرار 1929 وفي الفقرات 14 ولغاية 20 منه على «ضرورة تفتيش السفن (جميع الشحنات الداخلة إيران والخارجة منها) داخل المياه الدولية بموافقة دولة العلَم». في كلّ الأحوال فإن هذا البند ورغم خطورته إلاّ أنه تأطّر بقيد قانوني في ذات القرار قد يجعل من موضوع التفتيش قابلاً للمساومة، أو خاضعاً لظروف الميدان، في ظل أي توتّر سياسي أو أمني قد يجري في عرض البحر، أو حتى كانعكاس لملفات إقليمية أخرى.

القيد المذكور يُؤشّر إلى ضرورة التفتيش «في حال كانت الدولة المعنية تملك معلومات تعطيها الحجج المنطقية اللازمة لتعتقد أن الشحنات تضم سلعاً يُعتبَر توريدها أو بيعها أو تصديرها محظوراً بموجب الفقرات 3 و4 و5 و7 من القرار 1737 والفقرة 8 من القرار 1803 والفقرتين 8 و 9 من هذا القرار، وذلك للتأكّد من التطبيق الصارم لهذه الأحكام» وهو قيد في النهاية مرتبط بعمل استخباراتي محلي/ إقليمي ودولي، وذي صلة بموضوع السّيادة.

هذا فيما خصّ الجديد في متن القرار. أما الأمور الأخرى، والتي يُمكن ملاحظتها في النّص فهي تتعلّق بقضايا خارجة عن أصل الموضوع والذي في مقدّمته ونتيجته يتحدث عن مشروع نووي إيراني «مشكوك في أهدافه السّلمية». وبناءً على ذلك الشّك انبرت هذه الدول نحو لَجْمِ إيران لكي لا تستمر في هكذا مشروع مدني/ عسكري قد يُخِلّ بمنظومة التوازن الإقليمي (الكيان الصهيوني) والدولي (أعضاء النادي النووي خارج منطقة الشرق الأوسط).

فبالرغم من أن القرار يتحدّث عن هواجس تتعلق بالتصنيع الحربي النووي وورود كلمة «السلاح النووي» أربع مرات في النّص، والصواريخ الباليستية خمس مرات. إلاّ أنه مهتم أيضاً بالأسلحة التقليدية، كما جاء في البند (ج) والمتعلق بانتشار القذائف/ الأسلحة والذي ينصّ على منع توريد «أي دبابات قتالية أو مركبات قتال مصفحة أو أنظمة مدفعية ذات عيار كبير أو طائرات مقاتلة أو طائرات مروحية هجومية أو سفن حربية أو قذائف أو منظومات قذائف» إلى إيران.

إذاً الموضوع يبدو أنه أبعد من «حظر نووي». فهو يمتد إلى جوانب تقليدية في الصراع. وقد يُفَسَّر على أنه تمهيد لإضعاف النظام السياسي الحاكم في طهران، وتعريضه لضربه عسكرية خاطفة، أو على الأقلّ الحدّ من نفوذه من المنطقة.

في المحصلة، فإن الأكيد أن لهذا القرار آثار اقتصادية على إيران. مع استحضار العقوبات الأميركية الأخيرة التي أعقبت صدور القرار، وأيضاً مشروع معاقبة الشركات الأميركية التي تتعامل مع قطاعي المال والطاقة الإيرانيين، وهي في مجموعها تشكّل عصاً مؤلِمة للإيرانيين.

لكن الجميع يعلم بأنه وفي ظلّ القرارات السابقة على الجمهورية الإسلامية فإن طهران كانت تستورد أزيد من 5800 من السلع والخدمات من أكثر من 150 بلداً. وكانت قادرة على تصدير بضائعها لأكثر من 140 بلداً. ونعلَم أيضاً أن أقلّ من 40 في المئة فقط من الدول هي التي بعثت بتقاريرها حول مدى التزامها بتطبيق العقوبات لمنظمة الأمم المتحدة. (راجع ما قاله السفير البلجيكي يوهان فريكه).

إذاً أصِلُ الختام ببداية الحديث. وهو أن الضّرر الحقيقي ليس في المقاطعة المادية، وإنما هو في موضوع «السيادة» الذي ستقضمها عمليات التفتيش للسفن. وهو أمر قد يُحوّل الموضوع من قانوني إلى سياسي إلى عسكري إذا ما قرّر الإيرانيون والأميركيون التعامل مع ذلك الأمر بالأساليب العسكرية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2850 - الجمعة 25 يونيو 2010م الموافق 12 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 9:19 ص

      ألعن أعدائك

      شكرا على الكاتب . وبالنسه الى ايران ما يهزك ريح يا الدوله ولاية مهدويه ونبارك بالمولد البشر

    • زائر 4 | 4:57 ص

      الله يستر

      الخوف ان تصير هالعقوبات المتكررة تمهيد للاطاحة بالنظام الايراني مثل ما صار للعراق
      الله يستر

    • زائر 3 | 4:51 ص

      عقوبات فشي

      استاذي الكريم . القرارات التي تصدرها الامم المتحدة هي قرارات صارمة على الورق لكنها ضعيفة على الارض فالمصالح لا تحكمها اوراق وانما الاموال والشركات والنتائج وهو ما ينطبق على الحالة الايرانية

    • زائر 2 | 2:32 ص

      لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى

      هذا واضح ولكن الغريب هذه الدول الاسلامية التي مابرحت تنطق بحق هذه الاية الكريمة .
      اذن من صف في صف اليهود والنصارى فهو منهم

    • زائر 1 | 1:19 ص

      شكرا للكاتب

      وهل الرد بالمثل في حال تفتيش السفن وارد ايضا ؟
      اعتقد ان القرار غير قابل للتطبيق وخصوصا ان ايران الان توسعت في البحر لبحر العرب وخليج عمان و هي منطقة حساسة جدا قد تكون نقطة التحام بحري مستقبلا,ايران لديها الكثير من الخيارات وقد هددت بوقف تدفق النفط حال الاعتداء عليها وهو خيار معقول فهي لا تريد الحرب اساسا ولكن في حال تفتيش سفنها فمن حقها ان تفتش السفن الداخلة في الخليج الفارسي حتما.
      اعتقد ان ما تحققه ايران بالسياسة اكبر من ما ستجنيه بالاحتراب وهي تحاول اطفاء الحروب تحقيقا لهذا الخيار

اقرأ ايضاً