في ظل حالة الركود والصمت واللامبالاة التي يعيشها العالم العربي والإسلامي حيال القدس وقضية فلسطين، يواصل العدو تسريع خطواته التهويدية للقدس عبر بناء 600 وحدة استيطانيّة جديدة، وكذلك مع التطوّر النوعي في إبعاد الفلسطينيّين، المتمثّل في إبعاد أربعة نوّاب فلسطينيّين من المدينة المقدسة والتحضير لإبعاد المئات في الأسابيع المقبلة، إلى جانب عمليات الاعتقال المتواصلة في صفوف الفتية الفلسطينيين في وقت استكمل فيه العدو الخطط لإقامة هيكل ضخم سيتم بناؤه في مواجهة المسجد الأقصى لتكون الواجهة لما يسمونه مدينة داوود والتي ستقام بدلاً من بلدة سلوان.
إن الرسالة الحاسمة التي يبعثها العدوّ للعالم الذي بدأ بعضه يتحسس آلام ومشاكل ومعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، أنّ مستقبل هذه المدينة هو التهويد، ولا وجود للفلسطينيّين فيها، وللأسف فإنّ العالم مستعدّ ليتقبّل الأمر الواقع الجديد كما كان الغطاء لكلّ عمليّات تغيير الأمر الواقع في الماضي القريب والبعيد.
وها هو اليوم يهدّد كلّ السفن المتّجهة إلى غزّة لفكّ حصارها بأنّ مصيرها سيكون مصير أسطول الحرّية. وللأسف، وممّا يدعو للغضب، أنّ هذه الجرأة من العدوّ تمرّر بصمت الأنظمة السياسيّة في العالم العربي والإسلامي، وكذلك في التغطية الدوليّة المستمرّة التي رضخت للإرادة الإسرائيليّة في إدارة لعبة التحقيق والتخفيف من الحصار.
إننا ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى استكمال حركتها باتجاه غزة، وإلى دعم الشعب الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة بكل وسائل الدعم المادي والسياسي، وكل الإمكانيات المتاحة، لفرض واقع جديد على العدو قد يدفعه للتراجع عن خطواته الاستيطانية وعدوانه المستمرّ، في الطريق إلى إعادة الحقّ لأصحابه في كلّ فلسطين في المستقبل.
وفي الوقت نفسه، نلاحظ أن العدو يستكمل خططه الحربية، ويتحدث قادته عن جهوزية عالية لشن حرب جديدة على لبنان تحديداً، فيما نرصد حركة سياسية وإعلامية داخلية وخارجية تستهدف تشويه حركة المقاومة، والضغط بطريقة وأخرى بما يمهد الأمور أمام العدو ليقوم بعدوان جديد في عملية تناغم مشبوه... الأمر الذي يفرض الحكمة في التعامل مع كلّ ذلك، في سبيل تفويت الفرصة أمام العدوّ، وأمام المراهنين على إثارة الفتن في هذا البلد.
ونحن، في الوقت الذي نريد للانسجام السياسي أن يفرض نفسه داخل مجلس الوزراء، لينتج مزيداً من الخطط الاستراتيجية، كما في خطة معالجة وضع الكهرباء، نريد للحكومة أن تقوم بواجباتها حيال القضايا المعيشيّة الملحّة، والمطالب العادلة المحقّة؛ لأنه لا يكفي أن يكون لبنان بلداً عامراً بالسياحة ومفتوحاً للقادمين من الخارج، بل لا بدّ أن يكون عامراً بأبنائه، وساحة مفتوحة لهم لكي يعيشوا بحرية وكرامة بعيداً عن كل ما يُفسد واقعهم اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.
إننا ندعو إلى التعامل بجدية وإيجابية من قبل الحكومة مع مطالب الأساتذة وكل الملفات التربوية وما يتصل بحقوق الناس، مع الأخذ في الاعتبار واقع البلد وإمكاناته.
كما ندعوها إلى القيام بواجباتها حيال الملفات الأمنية، وما يتصل بأولئك الذين يمارسون عدوانهم على أمن الناس وسلامهم الأهلي عبر الإساءات الأمنية أو الاعتداء بالسرقة أو عمليات الإزعاج والفوضى الليلية التي تزحف إلى الشوارع والبيوت تحت عناوين متعددة لتمثل عدواناً كبيراً على أمن الناس وسلامهم الاجتماعي... فلا راحة لبلد تحكمه الفوضى ويتحكم به الفلتان والعدوان.
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 2850 - الجمعة 25 يونيو 2010م الموافق 12 رجب 1431هـ