سيبدأ منذ اليوم مرحلة دور الستة عشر لمباريات كأس العالم في جنوب إفريقيا حيث سيزداد لهيب الإثارة والدراما حين تتواجه المنتخبات المتنافسة مجدداً لمحاولة الوصول إلى المراحل المتقدمة في هذه المسابقة التي تقام كل أربعة أعوام وينتظر مفاجآت نتائجها عشاق الكرة المدورة. يحاول هذا المقال بحث الجهود البيئية التي تقوم بها الجهات التنظمية لتخفيف السلبيات البيئية المصاحبة لإقامة حدث عالمي مميز وبالتالي إلقاء الضوء على المحاور العصرية لإدماج مفاهيم الاستدامة في المحافل والمناسبات الرياضية والاستفادة محلياً – إن أمكن – في نشر الممارسات النافعة.
لا نريد في البداية إضافة صورة وردية للأنشطة المصاحبة لهذه البطولة العالمية، فإحدى الدراسات البيئية المتخصصة والممولة من قبل حكومتي النرويج وجنوب إفريقيا وجدت أن مجموع الانبعاث الكربوني للبطولة قد يصل إلى 2.75 مليون طن وبالتالي فإن البصمة الكربونية لهذه البطولة سيبلغ 8 أضعاف الدورة السابقة في ألمانيا. الدراسة وجدت أن الرحلات الجوية إلى مطارات جنوب إفريقيا سيؤدي إلى انبعاثات تصل إلى 68 في المئة من المجموع أما استخدام وسائل النقل بين المدن سيسبب 20 في المئة والباقي بسبب الطاقة الاستهلاكية المستخدمة بسبب الإقامة وبناء الملاعب الجديدة. الأسباب الرئيسية لهذا الاختلاف الصارخ بين الدورتين هو بعد المدن الجنوب إفريقية عن بعضها البعض وبالتالي استخدام الطائرات كطريقة مثلى لنقل اللاعبين والجماهير لتغطية 64 مباراة في ظل غياب وسائل المواصلات الأقل ضرراً بالبيئة مثل القطارات السريعة والمترو وبالتالي الاعتماد على الباصات والسيارات الشخصية.
لمعالجة التحديات البيئية فقد تم تقديم بعض الأفكار الجديدة إلى الساحة الرياضية مثل مفهوم «تخضير المناسبات الرياضية» هو مفهوم حديث نسبياً حيث بدأ استخدامه في الدورة الأولمبية الشتوية في النرويج العام 1994 وبمساعدة برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب). على نفس المنهج فقد قام الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بالإعلان عن علامة مسجلة تعرف بـ «هدف فيفا الأخضر» أو «Fifa Green Goal» و هو الآن إحدى معايير التصنيف للدول التي ترشح نفسها لاستضافة البطولات القادمة.
المحاور البيئية الرئيسية التي تم التركيز عليها خلال التحضير لاستقبال كأس العالم في جنوب إفريقيا هي: الحد من النفايات ومعالجتها، كفاءة الطاقة وحفظها، التركيز على الحد من الانبعاثات الكربونية في وسائل المواصلات، زيادة كفاءة استخدام الماء والحد من التلوث، حماية وتعزيز التنوع البيولوجي، تشجيع السياحة المسؤولة، تصميم بنية تحتية خضراء. يلاحظ أن هذه المحاور لا تتعلق بفترة معينة بل سيكون استثماراً مستداماًَ للدول المحتضنة لهذه الفعاليات الرياضية وسيغرس عادات حسنة في المجتمعات المستضيفة ويخلق فرص عمل جديدة في قطاع اقتصادي مبتكر.
هناك العديد من الأمثلة الجديرة بالذكر في المدن المحتضنة للمباريات مثل إعادة استخدام مياه الأمطار والمياه المعالجة في عمليات ري الملاعب، و زراعة مئات الآلاف من الأشجار في المدن لخفض البصمة الكربونية، واستبدال المصابيح التقليدية بذات الكفاءة العالية، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة الأخرى وقد تم طبع هذه الأنشطة في وثيقة تعرف بـ «الجواز الأخضر». في الختام، الفعاليات الرياضية تعتبر فرصة لزيادة التوعية البيئية في البلدان المستضيفة فالمفترض أن البيئة والرياضة مترادفتان لصحة أفضل.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2850 - الجمعة 25 يونيو 2010م الموافق 12 رجب 1431هـ