يلخص عدنان محمد قاسم، المحرر بصحيفة «التآخي» العراقية اليومية، مقالة له منشورة على موقع الصحيفة مجموعة من المؤشرات التي يمكن أن تتشكل منها النواة الملائمة لبناء مجتمع مدني حقيقي، تتوزع على: خلو ذلك المجتمع من الاستبداد وبعده عن الدكتاتورية، صيانة كرامة المواطن، امتلاك المواطن الحق في محاسبة المقصرين عبر القنوات الشرعية المتاحة، تحول الدولة إلى خدمة المواطن عوضاً عن إرهابه أو جلده سياسياً، سيادة القانون وتقيد الجميع، دون استثناء ببنوده. ويربط قاسم بين ظهور، ومن ثم تنامي «فكرة المجتمع المدني في العالم بالتجاور والتداخل مع فكرة الديمقراطية في العالم أيضاً».
ومن المجتمع المدني، ننتقل إلى منظمات المجتمع المدني، ونحيل القارئ هنا إلى دراسة قيمة حول موضوع المجتمع المدني ومنظماته، من إعداد الكاتب علاء شكر الله بموقع «جسور».
يفسر شكر الله الأسباب التي ساهمت «في العقدين الأخيرين على وجه الخصوص»، في «طرح قضية المجتمع المدني وأهميته على بساط البحث وعلى الأجندة الدولية والعربية والمصرية». وينطلق من ذلك كي يحدد مسئولية تيارين، من دون سائر التيارات السياسية الأخرى من أقصى اليمين حتى أقصى اليسار، يقفان وراء تلك الأسباب هما «تيار الليبرالية الجديدة من جانب وتيار اليسار الجديد من جانب آخر».
ويتناول شكر الله جانباً مهماً في هذا الصدد، هو طرح ذينك التيارين «تعريفاً للمجتمع المدني يضم القطاع الربحي ومن ثم يدعو إلى الشراكة بين القطاعات الثلاث (القطاع العام، القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني)، والمشاركة في تقديم الخدمات من أجل تخفيف العبء على الدولة، أي القيام بدور مقدم للخدمات خاصة للفئات الفقيرة التي لا تقع في دائرة اهتمامات القطاع الخاص من جهة، وفي سياق دعوتها لقطاع الدولة للتخلي عن دوره ومسئوليته في تقديم الخدمات الأساسية للشعب وخاصة قطاعاته الفقيرة من جهة أخرى».
وكما هو الحال بالنسبة للاختلاف حول المجتمع المدني، هناك أيضاً، وكما أشرنا في البداية، بعض التفاوت في تحديد مفهوم منظمات ذلك المجتمع، لكن يمكننا الانطلاق، تحاشياً لأي جدل قد يحرف القارئ عن جوهر المسألة، من تعريف الحقوقية العراقية منى نعمان، بما لا يندرج تحت بند منظمات المجتمع المدني، الأمر الذي يضعها في موقع تختلف فيه مع الكثير المفكرين ممن لا يعتبرون «المنظمات الخيرية والإنسانية والمؤسسة الدينية (وليس رجال الدين) والاتحادات والنقابات والمنظمات المهنية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات التأثير،... إلخ. العشائر ليست جزءاً من المجتمع المدني لأن الانتماء إلى العشيرة ليس عملاً طوعياً، إما الأحزاب السياسية فهي منظمات طامحة بالسلطة وتتأثر علاقتها بالسلطة بموقفها هذا، ولذلك لا يمكن شمولها بمنظمات المجتمع المدني بالرغم من طوعية عضويتها، لابد أن يكون للكثير من منظمات المجتمع المدني تأثير مباشر على القرار السياسي، ولكنها بعيدة عن الارتباط السياسي الحزبي».
وهنا لابد لنا من أن نتوقف عند، قضية مهمة ذات علاقة بمفهوم منظمات المجتمع المدني، كما أورده الكاتب الإسلامي «أبوعبادة»، الذي يعارض بعض المفاهيم الخاطئة عن منظمات المجتمع المدني، وعلى وجه الخصوص، تلك التي تحصر تلك المنظمات في إطار «خيري – إحساني فحسب»، أو تحاول التقليل من كلفة إدارتها، والتقليص من مصاريف تحويلها إلى مؤسسة قابلة للحياة والمساهمة في اقتصاد البلد المعني. فوفقاً لإحصاءات أبوعبادة المستقاة من أرقام دراسة تشمل 8
دول صناعية، فإن «عدد موظفي المنظمات غير الحكومية في العام 1990 بلغت (11.9 ) مليون، وبلغت مصاريفهم (614) مليار دولار، وأن تلك المنظمات ساهمت العام (1980) في توفير فرص العمل بنسبة (13 في المئة) في كل من ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة».
يبقى بعد ذلك الوصول إلى ما هو متفق عليه من قبل من يعملون في ميدان منظمات المجتمع المدني، والذين يعتبرون منظمات المجتمع المدني «التشكيلات ذات البنية المؤسسية من «منظمات دينية، ونقابات وجمعيات الأعمال والاتحادات المهنية، بالإضافة إلى المنظمات المحلية مثل الجمعيات القاعدية وجماعات المزارعين والأندية الرياضية والثقافية المحلية وصناديق الإقراض، والحركات الاجتماعية، والشبكات وجماعات التعاون الافتراضية، وجماعات الضغط والمناصرة، ويضاف لها ويضاف إليها أيضاً مراكز الأبحاث والجامعات والإعلام والتعاونيات، شريطة أن تكون منفصلة عن الدولة والسوق».
ويضيف لها البعض من أمثال شاكر النابلسي «العنصر الأخلاقي والسلوكي، كواحد من أحد أهم العناصر الأساسية في تعريف منظمات المجتمع المدني وهو عنصر ينطوي على قبول الاختلاف والتنوع, وعلى حق الآخرين في أن يكونوا منظمات مدنية تحقق وتحمي وتدافع عن مصالحهم المادية والمعنوية ومصالح الفئات والقضايا التي يؤمنون بها».
تأسيساً على ذلك يمكن أن نرى أن تنمية دور منظمات المجتمع المدني مهمة ينبغي أن يتصدى لها طرفا الدولة: الحكومة والقطاع الخاص، على أن ترتكز على مجموعة من القواعد الأساسية تتلخص في:
1. إعطاء هامش واسع من الحريات لمنظمات المجتمع المدني، يبيح لها حرية التصرف بعيداً عن تسلط أي من ذينك الطرفين.
2. دعم نزعاتها الاستقلالية الطامحة إلى بناء مجتمع مدني مؤسساتي، يحارب كي يتجاوز، الذهنيات الانشطارية، قبلية كانت أم طائفية، بل وحتى الفئوية الحزبية.
3. تعزيز دورها في الإسهام في حركة تطوير الاقتصاد، من خلال علاقاتها الوثيقة مع مؤسسات الإنتاج بمختلف فروعه.
4. بناء علاقة تكامل، قائمة على الاستقلالية المطلقة لتلك المنظمات، بينها وبين المؤسسات السياسية بما فيها قوى المعارضة المختلفة.
5. تشجيع المرأة، كجزء من محاربة التمييز القائم على النوع الاجتماعي، على الانخراط في عضوية منظمات المجتمع المدني، بما فيها غير النسائية، والتعاون معها من أجل تبوء مراكز قيادية في تلك المنظمات.
6. إيلاء منظمات المجتمع المدني النسائية اهتماماً خاصاً نظراً للظروف الصعبة المحيطة بمشاركة تلك المنظمات في عمليات التنمية اقتصادية كانت أم سياسية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2848 - الأربعاء 23 يونيو 2010م الموافق 10 رجب 1431هـ
ونضف على ذلك مصطلح النظام العام والأداب العامة
الشراكة المجتمعية هي مهمة كل مواطن صالح وإن الغدد السمية التي تنفث سمومها يجب استئصالها وخاصة عندما كشفت ورقة التوت عن عورة أصحاب الأجندات الخاصة وإن مصطلح النظام العام والآداب العامة كل فسره حسب أهوائه ورغباته فإذا كانت الورقة المعطوبة التي تخرج من آلة التصوير واحدة فإن الخلل في أليتها تخرج لنا عدة أوراق معطوبة ويبقى الإنتماء الحقيفي للوطن مصطلح يصعب تطبيقه في ظل أولويات العواطف والأهواء والرغبات المكبوته.. مع تحيات Nadaly Ahmed