العدد 2390 - الأحد 22 مارس 2009م الموافق 25 ربيع الاول 1430هـ

إضاءات على زيارتنا لجلالة الملك ضمن وفد المنطقة الشمالية (3)

محمد جعفر شبيب comments [at] alwasatnews.com

التغييرات الثقافية والتعليمية

لقد واكبت التغييرات السياسية والاقتصادية تطورات ثقافية وتعليمية في داخل البحرين وخارجها، حيث انعكس ذلك على الوضع المحلي، واكتسب الكثير منا ثقافات مختلفة نتيجة لسهولة الاتصالات سواء بالسفر، القنوات الفضائية المختلفة، شبكة الإنترنت وثقافة الشعوب الأخرى.

وطبعا فإن هذه الثقافات أثرت على المجتمع البحريني وفقا للمنهل والمراجع التي تستقي منها جذوره، بسبب عدم وجود تصور عام لدينا أو خطة واضحة لوضع ثقافة وخطوط عريضة منطقية ومقبولة من الجميع ومن ثم تنفيذها.

وفيما يتعلق بالتعليم فلقد حدثت طفرات إيجابية كبيرة أهمها استحداث المدارس الخاصة لمواكبة التطور التعليمي الذي لم يستطع التعليم الحكومي مواكبته، حيث تنامى كما، وتراجع كيفا. ولقد كان التعليم في السابق أفضل كما يقال من التعليم الحالي، حيث كان خريجو الابتدائي يستطيعون أن يلتحقوا بـ «بابكو» في برنامج التدريب المهني وبعضهم كان يلتحق بسلك التدريس لتمتعهم بمقدرة متميزة، ولقد كان من أهم إيجابيات التعليم القديم التقاء جميع البحرينيين على مختلف مستوياتهم بما في ذلك أفراد العائلة الحاكمة، وخصوصا في المرحلة الثانوية، ما كان له الأثر الإيجابي على عموم مستوى البحرين. وهنا أتذكر أيضا ما قاله جلالة الملك بأنه تلقى تعليمه في مدارس البحرين، حيث التقى مع جميع من كانوا معه في تلك المرحلة، ما أثر تأثيرا إيجابيا على المجتمع وأتاح لجلالته الوقوف على الأمور عن قرب والبحث عن كيفية معالجتها، وهذا ينطبق على معظم المسئولين في القيادات المختلفة.

كما أتذكر جيدا كيف كنا كطلاب (سنة وشيعة) نتناقش في أمور كثيرة وقد كنا نتفق على الغياب أثناء التحاريم وكان إخواننا السنة يذكروننا بذلك، ما يعكس الترابط والتلاحم فيما بيننا...

وبالعودة إلى التطور التعليمي الذي حدث بإيجاد المدارس الخاصة التي يجب أن أقول بأنها إيجابية حيث ساهمت برفع مستوى التعليم لدى فئة كبيرة من المجتمع البحريني المقتدرين إلا أن الأغلبية لم تستطع أن تواكب ذلك التطور وتستفيد منه، وخصوصا أولئك الذين يتمتعون بالذكاء الخارق وكان من المفروض الاهتمام بهم منذ الصغر لتوفير التعليم المناسب لهم وتحقيق الاستفادة العامة لهم وللدولة.

كما أن التعليم الخاص أخلّ بالتنظيم الاجتماعي والتواصل بين طبقات الشعب، ما كان له الأثر السلبي وكما يقال البعيد عن العين بعيد عن القلب.


4 - التواصل مع المجتمع

حبذا لو تمت الاستعاضة عن التواصل مع المجتمع وبمختلف طبقاته أيام الدراسة وفي الملاعب والمجالس المختلفة بلقاء منظم ومبرمج من قبل أشخاص مخولين من القيادة، وأمينين على نقل ما تخطط له القيادة والتحدث بصراحة عن العوائق التي تقف أمام تحقيق رغبات وآمال المواطنين وأخذ آراء الناس إلى القيادة والعمل الحثيث على تبادل تقريب وجهات النظر بين القيادة وجميع أفراد المجتمع لأن عدم التواصل الذي كان قائما أحدث فجوة في التواصل وخلق مفاهيم مختلفة يحملها كل طرف ويبني عليها مرتكزاته ومفاهيمه وهنا تكمن الخطورة، وخصوصا وأن هذا المنهج يعمّق الخلاف وينأى كل طرف بنفسه عن الطرف الآخر حيث تتشكل المراجع الخاصة والقيم ويسعى كل طرف للأخذ بالأسباب التي تدعم موقفه ضد الطرف الآخر، ما يجعلنا نبتعد عن بعضنا البعض ويؤثر سلبا على المصلحة العامة للوطن والمواطنين.

لعل هذه المشكلة من أهم المشكلات التي تعيق التقارب بيننا جميعا وعلينا العمل على بحثها بصراحة واتخاذ الخطوات الفعالة لإيجاد الوسائل المناسبة والناجعة لمناقشة قضايانا بروية وحكمة والسعي الحثيث للعيش كمجتمع متحاب متعاون ومترابط يسعى إلى الرقي والتقدم ورفع اسم البحرين عاليا. وها نحن نرى بأن المجتمع الدولي بأكمله يسعى إلى التفاهم والتعاضد مع أولئك الذين لم يكن يرغب حتى في الالتقاء معهم وذلك رغبة منهم في حل المشكلات لأنها أوفر بكثير وأنجع وأطول أمدا وتحقق نتائج سريعة وفعالة ويعملون بنظرية ليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم إلا المصلحة العليا لأوطانهم ونحن في وطننا العزيز بأمسّ الحاجة إلى هذا التفاهم والتعاضد لكي نحقق ما نصبو إليه جميعا وطبعا فإن ذلك يتطلب تضحيات وتنازلات قد تكون مؤلمة وغير محببة وربما يقف البعض في وجهها ويعترض طريقها من منطلق قصر النظر أو غير ذلك لكن المصلحة العامة تقتضي منا جميعا الوقوف وقفة رجل واحد امتثالا لقول الرسول (ص) ليس منا من دعا إلى عصبية، ولكي نستطيع أن نربح جميعا بدلا من أن نخسر جميعا والعاقل لا يمكن إلا أن يؤثر الربح المشترك على الخسارة الجماعية.


5 - مشكلة التوقعات في المجتمع

لعل من أهم المشكلات التي تواجه القائد والإداري سواء كان رب أسرة أو صاحب مؤسسة، أو برلماني، أو وزير، أو رئيس أو ملك هي في كيفية إدارة التوقعات وكبح جماحها وإفهام المعنيين بما يمكن تلبيته وما لا يمكن. لذلك تسعى الشركات الكبرى والمؤسسات الحكومية والخاصة للعمل بجدية لمعرفة هذه التوقعات وتحليلها، وتحري مصدرها إن أمكن، ومعالجتها قبل استفحالها الذي يؤدي في معظم الأحيان إلى نتائج سلبية، حيث يبني عليها الناس تصورات ويتوقعون تحقيقها وإذا لم تتحقق بعد طول انتظار قد تحدث ردة فعل متفاوتة وقد تكون عنيفة أحيانا ولعل أبرز مثال على ذلك ما تسرب وما صرّح به البعض من المطالبة وعزم الحكومة على زيادة الرواتب قبل عامين وقد قال البعض بأنه لن يقبل أقل من 30 في المئة وبعضهم قال أكثر من ذلك حتى حسمت بـ 15 في المئة، إلا أنه لم نر أية معلومات علمية تثبت بأن أية نسبة مطروحة هي النسبة الصحيحة؟، ولماذا اعتمدت؟، فضلا عن التكلفة.

أود أن أكرر هنا بأن سياسة الرواتب تخضع لمعايير مختلفة ولم تستوف حقها العلمي حتى الآن ما يدفع بالمطالبة المستمرة بالزيادات التي تبدو مستحقة في معظم الأحيان، إلا أنه لا تتوفر معلومات لصانعي القرار بالدفاع عمّا يرونه صحيحا وبأسلوب علمي حديث، وهذا ما يدفعنا إلى النظر إلى بقية الموضوعات كالإسكان وغيرها، لأن المشكلة تتفاقم ويصعب حلها وتزداد الفجوة بين التوقعات وما يمكن تحقيقه فعلا على أرض الواقع وهذا يخلق استياء عام وتذمر.


خلاصة

إن التغييرات والتطورات التي حدثت على مجتمعنا خلال العقود الأربعة الماضية كانت لها آثار إيجابية وسلبية، إلا أننا لم نعمل كمجتمع على تفهّم هذه السلبيات والعمل على وضع الخطط لبحثها بصراحة وأمانة ومعالجتها، ما أحدث التباعد فيما بيننا، لكن مع ذلك لم يفت الأوان بعدُ إذا وجدت الإرادة لمعالجة السلبيات، ومراجعة ما حصل ويحصل ووضع الخطط الناجعة لإعادة التلاحم المجتمعي والتعاضد فيما بيننا، ما سيوفر علينا الكثير من المال والجهد ويساهم بفاعلية في رقي وتطور البحرين وشعبها الوفي.


نداء إلى قيادتنا الرشيدة

لقد عودتنا القيادة الرشيدة والمتمثلة في جلالة الملك وصاحب السمو رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو ولي العهد، أن يتخذوا القرارات المصيرية والمهمة في الوقت المناسب لإنقاذ السفينة وإعادة توجيهها التوجيه الصحيح، وإن ذلك لعظيم لكن الكبير والعظيم والحكيم دائما وأبدا يبقى كبيرا وعظيما وحكيما حيث إنهم مسئولون وليس سواهم عن قيادة دفة هذا البلد الصغير في حجمه والكبير في عطائه لكي ننعم جميعا بالأمن والأمان وننطلق للتقدم والتطور والرقي لبلدنا الحبيب ومن يعيش على ترابه المبارك.

إننا على ثقة كبيرة بأن طلبنا هذا يتفق معه جميع البحرينيين الذين لا يريدون إلا الخير لهذا البلد المعطاء، وهؤلاء القادة وعظماء الأمة لا يمكن أن يخذلونا.

سدد الله خطاهم وحفظهم ذخرا لوطننا العزيز ورفعته.

إقرأ أيضا لـ "محمد جعفر شبيب"

العدد 2390 - الأحد 22 مارس 2009م الموافق 25 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً