في المشهد الفلسطيني يظلّ كيان العدوّ وحمايته في شتّى المجالات هو الثابت الأساسيّ في سياسة الدول الكُبرى، وهو ما رأيناه في مدى الأسبوع الماضي في ترحيب الإدارة الأميركية بتشكيل لجنة فحص محلّية بمشاركة شكليّة لمراقبين دوليّين فيما يتعلّق بجريمة أسطول الحرّية، بعدما أكّد كيان العدوّ مراراً رفض أي تحقيق دولي.
وكما يلتفّ العالم المستكبر على كلّ مشاعر العالم العربي والإسلامي وقضاياه، فإنّه مستعدّ مجدّداً للدفع باتجاه تمييع الجريمة مع إعلان رئيس حكومة العدوّ أنّ لجنة الفحص تلك ستحافظ على مبدأ أساسي وهو حرّية عمل جنود العدوّ.
ويتّضح للشعوب مجدّداً سياسته في الكيل بمكيالين تجاه ما يتعلّق بقضايا الشعوب، وباتت تفقد - هذه الشعوب - ثقتها بكلّ هذا الواقع الدولي الذي يمثّل الأداة التي تحقّق مصالح مجموعة دول كُبرى تعمل للهيمنة على مقدّرات الشعوب والتحكّم بمستقبلها. وقد رأينا كيف تعاطى مجلس الأمن مع الملفّ الإيراني، وكيف يتحضّر اليوم لتغطية محاولات الاعتداء الدولية الجديدة على السودان، باسم القانون الدولي الغائب عن كيان العدوّ كلّياً، بتغطية الدول الكُبرى وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأميركية.
ولذلك نجد أنّ الدعوات الدولية التي تتحدث عن تخفيف الحصار عن قطاع غزة، ولا تدعو إلى رفعه بالكامل، كما في دعوة الاتحاد الأوروبي الأخيرة، هي مجرد محاولات مشبوهة لإخراج العدوّ من دائرة الحرج التي أصابته بفعل الجريمة الوحشية في عرض البحر، وبعدما فشل الحصار في تحقيق الأهداف التي رسمها العدوّ مسبقاً، باعتراف وسائل إعلام العدوّ نفسه.
إنّ على شعوبنا أن تعرف أنّ الرهان على الخارج في معالجة مشاكلها وقضاياها لن يجني لها إلا مزيداً من الفشل والسقوط؛ لأنّ سياسة الكيل بمكيالين هي سياسة دولية موصوفة، وهي متأصلة في الحركة الأميركية، ويراد لها أن تفرض نفسها على الواقع العربي والإسلامي كلّه.
وقد رأينا كيف أن الشعب الفلسطيني استطاع أن يكسر - ولو جزءاً - من حلقات الحصار بإرادته وعزيمته وصموده، كما استطاع في الأيام الأخيرة أن يؤكد للعدوّ بأنه قادر على النيل من جنوده وشرطته، كما في العملية الأخيرة في الخليل، التي أكدت للعدوّ أنه إذا كان مطلق اليد بالقرارات الدولية والأميركية فلن يكون بمنأى من ضربات المقاومة في داخل فلسطين المحتلة.
أما لبنان، فنريد للسلطة فيه أن تكون أمينة على الإنسان فيه، وعلى أمواله التي نسمع حديثاً في الإعلام عن مليارات طائرة هنا وهناك، وأمينة على كلّ ثرواته التي يتمتّع بها أو يُمكن أن ينفتح عليها في واقعه الجغرافي، ولاسيّما في ظلّ تصاعد الحديث عن الغاز قبالة شواطئه...
إنّ السلطة هي مسئوليّة تستهدف خدمة الشعب، وليست امتيازاً يحصل عليه الزعماء والسياسيّون.
إن لبنان الباحث أبداً عن استقراره بين هزّات المنطقة، هو بأمسِّ الحاجة لاستقرار داخلي على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولا سلام بعيداً عن الإنصاف، ولا راحة لبلد يستريح سياسيّوه وأغنياؤه على حساب فقرائه وجائعيه.
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 2843 - الجمعة 18 يونيو 2010م الموافق 05 رجب 1431هـ
العنوان
العنوان كفاية يا سيدنا