قرأت مقالة منذ أمدٍ ملخصها « تملل فالملل مفيد أحيانا» ولطالما رددت تلك العبارة على مسامع اليافعين والنشء موضحة ً لهم بأنه عندما يجتاحنا الملل فإن هناك حتماً فسحة للتأمل والتفكر فيما حولنا.
في أدبياتنا وثقافتنا السائدة، بل وفي معترك حياتنا اليومية نرى التملل والضجر مع اليافعين يبدو واضحاً في الإجازة الصيفية خاصةً، كان ذلك سائدا أمداً طويلا، أما الآن فمنذُ أول يوم دراسي تتردد تلك الكلمة على أفواه الطلبة وكأنها زئبق سريع الانتشار، فما أن يتفوه أحد الطلاب بكلمة (ملل)حتى يعقبه الكثير من الطلبة مؤكدين كلامه .فهل حقاً أصبحت الحياة مملة بمنظور هؤلاء الفتية ؟ أم بتنا ثم أصبحنا ننتظر نضوج هؤلاء المتأففين واتساع أفقهم حتى نرَ معالم التغيير؟
وهل هذا التملل والضجر منبعه الصغار أنفسهم أم ما تلقوه و نشأوا عليه ؟ فالمخرجات تكون محصلة للمعطيات حتما.
فمقولة الملل مفيدة أحيانا تجعلنا إن سمحنا لأنفسنا بفسحة زمنية قد يصل مداها ما يقارب الساعة أن نشعر بحلول الهدوء مكان الملل وبعده يأتي السلام رويدا رويدا ومن ثَمَ سنتعلم كيف نسترخي لما له من تأثير جيد، لذا جاء في الأحاديث النبوية (تفكَر ساعة خير من عبادة ألف سنة).
وهذا واقعا قد جُرِب من قبل صاحب المقولة (الملل مفيد أحيانا) والذي أكدَ بأن ذلك لم يكن «كن فيكون» بل كابد الكثير في بداية الأمر حتى وصل لدرجة أنه صار يبحث عن تلك الساعة المخبوءة بين أوقات يومه ويطبق التملل ومن ثم وصل لدرجة الاستمتاع بالشيء والذي لن يتحصل إلا بعد أن نكون قد أحببنا الشيء الذي نعمل به أوعليه، وهكذا تكون المحاولة تلو المحاولة بعدها سيكون الأمر سهلا يسيراً والعائد مجزياً محرزاً نتائج إيجابية، أهمها أننا قد وصلنا إلى السكون الداخلي بعد الصراع والضيق الذي يجتاح كبيرنا وصغيرنا، فالأطفال وبعد استلام هدية عيد ميلادهم مباشرةً يبادرون متسائلين :ماذا ستكون هدية عيد الميلاد القادم؟ هذا إن لم يكونوا مسبقا قد حددوا ما يريدونه مفسدين على أنفسهم لحظات الاستمتاع! ولسنا بعيدين عن صغارنا نحن الكبار فبعد تناول وجبة الغداء نفكر بالعشاء، وبمجرد بدء شهر رمضان تتردد على أسماعنا سنوياً الأسبوع المقبل نكون قد أوشكنا على انتهاء الثلث الأول من الشهر وبعدها بأيامٍ قلائل تأتي مناسبة النصف من رمضان وما يتلوها من مناسبات عظيمة وفضيلة تكاد تأكل الشهر أكلا، وهكذا دواليك كلنا نحدو حدو بعضنا البعض.
لذا فالملل مفيد أحيانا، فالمشاغل والأعمال اليومية لا تنتهي ولن تنتهي حتماً حتى قيل :لو سألتم كبار السن من الأموات عن نسبة قضاء حوائجهم الدنيوية، وهل أنهوا جميع ما لديهم من التزامات؟ فسيكون جوابهم القطعي لو مُدت أعمارنا فسنُكمل ما لم ننجزه طيلة أيام حياتنا الفانية!
فلو نظرنا لحياة السجناء أوليست فترة الأسر واقعاً مللاً يقود إلى ملل؟ الساعات والليالي والأيام يكاد الوقت فيها يمرُ مرَ السلحفاة؟ فيفرحون بأدنى خبرٍ أو زيارة لأي أسير هنالك منهم، بُغية الحديث بعد تلك الزيارة لقضاء الوقت وقتله، فها هو أحد الأسرى الفلسطينيين (الأديب وليد الهودلي) واحد من الذين استغلوا أوقاتهم خير استغلال في القراءة والعبادة والرياضة والنشاط الاجتماعي والثقافي، حيث جعل من السجن فرصة ذهبيّة لبناء ذاته فكانت أمامه فرصة للتغيّر واستثمار الوقت خير استثمار ؛ فكتب الكثير من القصص هناك منها: «ستائر العتمة، ومدفن الأحياء و.....غيرها» وما يهمنا هنا ويعنينا أنه ورغم الانفتاح الواقع مع كل السجناء وفي جميع الأقطار بوجهِ عام، استطاع أن يخلق لنفسه أوقاتاً وأجواءً كي يكتب ويبدع فيها، منها اغتنامه فرصة الليل حيث هجوع جميع الأسرى، وأخرى ما بين صلاة الصبح ووقت الرياضة في السابعة صباحا، إلى جانب تخصيصه لثلاث ليالٍ أسبوعيّا للسهر حتى الصباح؛ حيث كان يستغل ليلتين منها للكتابة والثالثة للقراءة والتعبئة الروحيّة.
لهذا كله نحن بحاجة لبعض الوقت كي نخلو مع أنفسنا ونبدأ بالتملل الذي يقود للمعرفة والإبداع، لأن العقول كالأجسام إن سمحنا لها ببعض الراحة فستعود بقوة تركيزٍ واتقادٍ ذهني، وسيتبع ذلك قدرةً على الابتكار والخلق والتجديد.
ولنا في رسولنا الكريم محمد (ص)خير أسوة ودليل بتعبده في غار حراء.
ريم الصيرفي
مريم عبدالرزاق عيسى
يقول أحد الكتاب «الحقد ضعف والمحبة قوة» فكيف يكون ذلك؟ من أجل أن نتعرف على ماهية المحبة والحقد وأثرهما في حياتنا فإنني سأترك لكم استشفافها من خلال هذه القصة الرمزية للحاج صالح وأبنائه.إذ إن الحاج صالح دائما في محاولات لإصلاح الخلل الموجود بين أبنائه الأربعة فهم في عراك و صراخ دائم .وفي أحد الأيام قرر أن يضع حداً لهذا الحقد والحرب البريئة بين أبنائه فطلب منهم التجمع والجلوس بين يديه ليتحدث معهم محاولاً استيضاح السبب الذي يجعلهم في هذا العراك الدائم. فبادر ثلاثة منهم بالحديث بأن أخاهم الأكبر يحقد عليهم ولا يحبهم.
الأخ الأكبر أنكر ذلك و قال لأبيه بأنهم لا يشركونه معهم في الألعاب ودائما ما يبتعدون عنه وبالتالي فإنه يحب أن يفسد عليهم متعتهم .تنفس الأب وسكت قليلاً وهمس بداخله بأنه لا بد أن يقرب بين قلوب أبنائه قبل أن يتطور هذا الأمر ويكبر فيما بينهم وخاصة أنهم مازالوا أطفالاً وعلاجهم سهل .طلب الأب أن يأتوا بمغناطيس وبقطع حديد صغيرة وقطعة حديد كبيرة، فجلبوا ماطلب الأب فشرع بتجربته وطلب من أبنائه التركيز وملاحظة ما يحدث، حيث وضع قطع الحديد بالقرب من قطعة المغناطيس فانجذبت نحوه وأحاطت به دون أن تتركه مشكلة تلاحماً شديد البأس .ثم أزال الأب قطع الحديد عن المغناطيس بصعوبة و كرر العمل ذاته ولكن هذه المرة بين قطعة الحديد الكبيرة وقطع الحديد الصغيرة ولم يحدث أي شيء بينهم وهذا أمر طبيعي يتوافق مع العلم.
توقف الحاج صالح وتوجه بسؤاله للأبناء هل عرفتم ماذا اقصد يا أبنائي من تجربتي هذه التي انتم تعرفونها وهي حقيقية انتم تعيشونها ولكن قد تكونون نسيتموها. أحببت أن أبين لكم ان الإنسان صاحب القلب الرحيم سيكون محبوباً من الجميع بغض النظر عن الحاقدين عليه وبالتالي سينجذب البشر إليه ويحيطون به كما أحاطت وانجذبت قطع الحديد بالمغناطيس، وهذا سر من أسرار الله سبحانه و تعالى وهي قوة خفية لا نراها و لكن نشعر بها وعليه فإن الإنسان الذي يحب الناس ولا يحمل أي حقد في قلبه يعيش دائما بسعادة فإذا غاب سأل عنه الناس وتفقدوه، بعكس الإنسان الحاقد فإنه كلما بعد عن الناس كلما ارتاحوا منه و في حضوره يشعرون بالامتعاض .
توجه الأب للأبناء قائلا: «هل نجعل قلوبنا مزرعة نزرع فيها الناس بواسطة المحبة ولا نجعل قلوبنا خربة وصحراء جرداء بسبب زراعة الكراهية والحقد بقلوبنا وبالتالي إذا احتجنا للناس فإننا لا نراهم» .وفي الحديث الشريف سأل رسول الله (ص):(أي الناس أفضل؟ قال:كل محموم القلب، صدوق اللسان، قالوا:صدوق اللسان نعرفه فما محموم القلب؟ قال:هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد).
بعكس صاحب القلب الحاقد فالإسلام يشن حمله على الحسد والحقد والغل، حرباً لا هوادة فيها، فهذه الصفات في نظره رذائل تمحق الدين، وتجعل من المتصف بها أنساناً حقيراً، جديراً بمقت الله له، وسخط الناس عليه... يقول الرسول (ص):(الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).
أبرار مجدي النشيط
هي ظاهرة من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تؤثر سلباً على المجتمع، لما لها من نتائج وخيمة على نفسية الفرد، وعلى المجتمع بأكمله، فإن العنوسة لا تخص النساء وحدهن، ولا العوانس بالذات، بل تخص المجتمع ككل. فإن وجود العانس في البيت يعني وجود مشكلة في البيت، ولا أقصد أن الفتاة هي المشكلة، كلا.
بل إن النظرة إليها وإحساسها بأن الآخرين ينظرون إليها نظرة دونية تختلف عن الآخريات مما يسبب لها قلقاً وأرقاً، واضطراباً في المزاج، ما يسبب آثاراً سلبية على حياتها وبلبلة في صفاء تفكيرها، وبذلك تكون عندئذ مشكلة حقيقية في البيت.
ولذا أيتها العزيزة يجب ألا تنظري إلى أن العنوسة تعني أن دورك في الحياة انتهى، وأصبحت كاهلاً وعبئاً ثقيلاً على أهلك وعلى المجتمع كلا وألف كلا، فلك دورك الكبير في تغيير مفهوم العنوسة إذا لبست لباس الشفافية في الروح ولم تجعلي الكآبة والحزن يسيطران عليك فيختفي رونقك ونورك.
أسعي في إبراز جانب التدين لديك، في خدمة المجتمع، في بناء قدراتك وقدرات المحيطين بك. اجعليهم يرجعون إليك في حوائجهم وأنهم هم الذين يحتاجونك لا أنت التي تحتاجينهم، ولا يعني الحاجة المادية فقط. بل الفكرية والروحية والمعنوية والمادية وكل شيء، عندها ستجدين من يقدرك ويحترمك ويشفق عليك. كرري لنفسك أن عدم زواجك لا يعني أنك ناقصة أو أقل من الأخريات ولذا ستجدين أن الحياة لها شكل وطعم يختلف، وإن الناس سينظرون إليك نظرة مختلفة.
يستهويني كل رأس متوّج بشعر أبيض، ويتراءى لي أن لكل خصلة بيضاء، فصل أخير لملحمة كدح، هي كل ما استطاع الزمن أن يمنحه للإنسان...
يثيرني كثيراً ما يتقوله البعض من أن الكهولة نهاية الحياة، وبداية الموت...
إني أعشق الحياة، وأترنم بكل مظاهرها، والكهولة مظهر من مظاهرها، ونمط مميز لحركة الزمن فيها، بل هي وسام تقلده الأيام للإنسان تخليداً للزمن في عمره...
لم أخشَ يوماً قدوم خريف العمر، لقد أحببت طفولتي ومراهقتي، وأعشق الآن شبابي مترنمة بكل لحظاته، جاهدة لتخليده ذات يوم في زمن الكهولة...
عندما يكبر الإنسان ويصبح في خريف العمر أي يصبح كهلاً، تتضاعف مشاعره، تزداد شفافية، يمسي كالطفل الصغير، يفرحه الكلم الطيب، وتسره البسمة حتى لو جاءت من الغريب، إنه لا يريد وسادة ولا لقمة، إنه يريد الدفء والحب والحنان، ويريد ذلك من ضحى العمر لأجله، يريد الوفاء ممن لأجله أوقد الأيام شموعاً.
ما أفهمه أن الربيع لا يمكن أن يلغي يوماً ما وجود الخريف، أو يصادر مجيئه، كما لا يمكن للخريف أن يفعل ذلك. هذه سنة الله في هذا الكون الفسيح الذي يتسع للربيع وخريف العمر.
منى الحايكي
البؤس في وجهي واكتسى الأسى
ومرسى همومي حزن يحوي إيحاء
حويت قلوب الصادقين بسالة
احياء دنيا وإن ماتوا هم أجلاء
ويندب الله من تصبه مصيبة
ورزية الحب ايتماً ميتمين جفاء
أو يفقد حبره من لازمه التقا
أو ينسى سنين العمر افنها فداء
ريعان شبابي ضاع اتيرني خاطاً
قضيت سنيني حتما وإعياء
عاهدت نفسي ان لا أكون لها
ولغيرها شياطين النساء لي داء
أو هل دوائي يكون معرف حبها
وهي رافضتنا واهلها لي احياء
قلقا تؤرقني وذهني شارداً
خلصت ولم تكون لي الوفاء
تقول ما رمت انك عاشقا
قلبي، ومالك والحياء إباء
اضنيت رئيسي علي اجبر خاطراً
يروقني الوقار وترهقني البذاء
قلت الصب، ولازلت محيراً
قالت تبسم وحرم الأهواء
قلت السجون التي تأسرني افضا
قالت تحرر نفسك هوجاء
قلت المحرر يقتله ارقاً
ويبتلا في الخلف اشر بلاء
حيدر علي أحمد
كثيرون اليوم من الشباب نجدهم من العاطلين عن العمل، بطالة بالتأكيد وفي الغالب لا يد لهم فيها، أمور كثيرة ساهمت في هذه البطالة فسوق العمل وصلت حد الاشباع بحيث لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من الخريجين الجدد وهنا يقع اللوم على الجامعة الحكومية التي ما زالت فاتحة أبوابها لقبول الطلاب في هذه التخصصات ومن الأسباب الأخرى الاختيار الخاطئ من قبل الأشخاص أنفسهم والذي يكون ناتجاً عن عدم دراستهم لمتطلبات السوق ولكن ما يهمنا الآن الحديث عن مرحلة ما بعد الدراسة بغض عن النظر عن هذه الأخطاء .
فالشباب يعيش حاله من الضياع فالبعض لا يستطيع إتقان شيء آخر غير الذي تعلمه إما لأنه الفكر الخلاق بطبيعة الحال لا يمكن أن يتواجد لدى كل انسان لاختلاف الفروق الفردية وإما للظروف الاجتماعية والمعيشية التي تحد من قدرة الانسان على أن يكون خلاقاً هذا الشباب الذي يفقد المؤسسات التي من المفترض انها تقوم باحتضانه لتطوير مهارته وزيادتها بالرغم من أننا نسمع بأسماء بعض المؤسسات التي تقوم على أساس هذا الشيء منها «تمكين» . إلا انها وعلى رغم ريادتها ما زالت محدودة الأثر حيث إن القبول فيها ما زال مقتصراً على ذوي مؤهلات معينة قد لا يمتلكها الجميع وهذا ما يحرم شريحة واسعة من العاطلين من الالتحاق بهذه البرامج و بالتالي يبقى الشعور بعدم الفائدة وقلة الحيلة هو المسيطر وبالأخص عندما لا يلوح في الأفق أمل بتوافر فرص للعمل في الوقت القريب هذا ما يعزز في نفوس الشباب الشعور بأنهم فائضون عن حاجة المجتمع .
أي ان المجتمع يلفظهم لفظاً لأنه غير قادر على توفير فرص العمل لهم و لا على مساعدتهم في الالتحاق ببرامج قد تكون مفيدة لهم وللمجتمع، لذلك لا يبقى لهذه الفئة سوى الأمل بأن تحمل لهم الأيام الأخبار السعيدة بفتح آفاق تتسع للجميع حتى يساهمون في إثراء المجتمع ولكي يشعرون بأنهم منتجون وليسوا بفائضين.
خيرات عبدالقاهر العصفـور
لا شك أن تزييف العملة إحدى أهم الجرائم الاقتصادية التي تضر سلباً بالاقتصاد الوطني، لذا سنكمل سلسلة المقالات وسوف نوضح اليوم معنى تزييف العملة.
عرف المشرع البحريني في المادة (262) من قانون العقوبات البحريني تزييف العملة بقوله (ويعتبر تزييفاً انتقاص شيء من معدنها أو طلائها بطلاء يجعلها شبيهة بعملة أخرى أكثر منها قيمة). وقد تضمن هذا التعريف بيان صورتين للتزييف هما: الانتقاص والتمويه، ونستطيع تأصيلهما في تعريف عام للتزييف بأنه: إدخال التشويه على عملة معدنية صحيحة في صورة يحصل منها الجاني على فائدة مادية، سواء بانتزاع جزء من مادة هذه العملة مع الإبقاء على قيمتها الإسمية، فيكون كسب الجاني هو هذا الجزء الذي انتزعه، أو بالإبقاء على مادتها وإعطائها مظهر عملة أكبر قيمة، فيكون كسب الجاني هو الفرق بين القيمة الإسمية الحقيقية للعملة والقيمة الإسمية التي صار ينبئ عنها مظهرها (المزيفة).
والفرق بين التقليد والتزييف أن التقليد ينتج عملة غير صحيحة لم يكن لها من قبل وجود (وهذا مثال عن الغالب الأعم من الجرائم)، أما التزييف فيفترض عملة صحيحة أصلاً أدخل التشويه عليها، فضلاً عن أن التقليد متصور إزاء عملة معدنية أو ورقية (وهو ما تم شرحه في المقال السابق) في حين أن التزييف لا يتم إلا على العملة المعدنية.
تزوير العملة: للتزوير في هذه الجريمة دلالته العامة، وهي تغيير الحقيقة ومن ثم فهو يعني بالنسبة إلى جرائم العملة تغييراً في بيانات العملة الحقيقية بما يكون من شأنه الإخلال بالثقة العامة فيها التي تتخذ صورة الثقة في أنها تحمل بيانات معينة يرتبط بها قبول في التعامل على أنها أساس القيمة المحددة، ومثال التزوير تغيير الرقم الممثل للقيمة الإسمية للعملة، أو تغيير النقوش والإمضاءات التي تحملها، ويستهدف الجاني بالتزوير أن يعطي العملة قيمة أكبر من قيمتها الإسمية، والتزوير متصور في العملات الورقية والمعدنية، ولكنه أغلب حصولاً في العملات الورقية، ويرد التزوير على عملة كانت صحيحة أصلاً، وتتميز العملة الورقية النقدية البحرينية في تعدد صورها حسب اختلاف قيمتها وذلك يسهم في الإقلال من القيام بعمليات التزوير على عكس بعض العملات الأجنبية التي بها أوجه شبه متعددة لذا يسهل تزويرها، وكل صور التزوير سواء، فلم ينص المشرع على طريقة، فلا فرق بين إضافة بيان أو حذفه أو إحلال آخر محله، كلها جرائم قد تصل إلى السجن وهذا ما نود التركيز عليه بأن هذه الجرائم هي جنايات وعقوباتها تبدأ من السجن 3 سنوات وقد تصل إلى السجن 15 سنة.
من المؤسف فعلا أن يكون الآباء في دوامة من زحام رقابتهم للأبناء التي تتطلب في كل يوم المزيد من الجهد الخارق في مواجهة الخطر الغربي لما يحمل في طياته من سموم عبر نافذة الغزو الثقافي الذي يخترق حياتنا بسرعة البرق دون أن يحدث ضجة معلنه عن وصوله، فيكفي أن تتأمل عيون الأطفال لتجد أن براءتهم قتلت على أيدي أهل التحرر الذين يحملون في أيديهم حلويات وسكاكر ملونه تعقبها سكينة طاعنة ترتوي بالدم .
أطفال اليوم وجوههم بريئة لكن أرواحهم مدنسة بالأيدي التي لا تعرف طريق الطهارة في فكرها وتوجهها في تربية النشء فتربيتها قائمة على الحرية اللامحدودة بكل مقوماتها الإيجابية والسلبية .
في زمن صعب، وظروف قاسية، ومعيشة مقيته ...يضطر فيها الآباء والأمهات إلى العمل هنا وهناك من أجل توفير حياة ميسرة لأبنائهم، يقعون في شباك الحيرة والضياع بين ضفتين، ضفة العمل المتواصل طوال النهار والليل وضفة الرقابة على الأبناء، حيث أصبح التوازن بينهم صعب إن لم يكن محالاً وتلك فرصة من ذهب تستغلها الأيادي القذرة لتزرع في نفوس أطفالنا روح غريبه قائمة على السذاجة، والعنف، والكراهية ...فهل نقبل بذلك ؟
إنني اليوم أتحدث عن الرقابة، عن كل ماهو مرئي ومسموع في عالم الأطفال فلم نعد كالسابق كأيام :عدنان ولينا، توم سوير، لوسي، السنافر، السيدة ملعقة، سنان .
اليوم نودع كل ذلك ونترحم على تلك الأيام التي تعبق برائحة البراءة ...كانت تلك الرسوم المتحركة بمثابة معلم، نتعلم منها السلوكيات الحسنة من خلال بعض حوادثها ومواقفها رغم أنها كانت جميعها تقريبا (ليست عربية ) وإنما دبلجت إلى العربية لكنها كانت ذات نفع وفائدة، فسنان علمنا الحب والتسامح، وعدنان علمنا الصبر والتحدي، ولوسي علمتنا حب التعاون والرأفة بالآخرين، وتوم سوير علمنا أن نكون مرحين مندفعين طوال الوقت ونضحك حتى عند الحزن ونحلم لأجل الحلم، أما السنافر فيا لروعة روح الأسرة الواحدة في السراء والضراء وخصوصا عند مواجهة الشر المتمثل في شرشبيل .
ألستم معي في أن ذلك كان عالماً رائعاً ؟
أما اليوم ...فالحذر كل الحذر من بعض قنوات الأطفال التي تدس السم في العسل أو كما يسميها بعض الآباء (قناة العنف)وهي كذلك فغالبية برامجها تتسم بالعنف والقتال والخيال المبالغ فيه، حتى برامجها اللطيفة لا تخلو من الخطر، فهل لاحظتم مثلا حلقات علاء الدين مع ياسمين ؟ ترى هل تمعنتم في ياسمين وماذا ترتدي ؟
هل شاهدتم الجاسوسات ؟ غريم والشرير؟ والكثير الكثير من تلك التفاهات التي تخلو من أي توجه تربوي، ذلك ليس كلاماً لمجرد الكلام، يمكنكم جميعا الرجوع إلى القناة نفسها ومتابعة برامجها لتتأكدوا بأنفسكم بأنها تقدم رسوماً متحركة شبه فارغة بلا هدف سوى تعبئة عقول صغارنا بما لا يشبع ولا يسمن من جوع،وتلك معضلة، فالقناة تعرض الرسوم المتحركة لقناة أميركية مثل :سونيك إكس، أبطال النينجا، سوكي فو، يوغي ويوغي GX .
هل لاحظتم ؟ حتى الأسماء غير عربية فالعرب بلا وجود أصلا في مثل هذا العالم (عالم الأطفال )الذي يعتبره البعض صغيرا لكنه كبيرا بحجم تأثره وتأثيره .
تلك هي القناة العربية ذات النسخة الأميركية !، أما القناة المحلية الخاصة بالرسوم تلك التي بدأت بداية بريئة، للأسف لم تستمر على براءتها وكأن البراءة جريمة في حق الطفولة، فهي مصرة دائما على عرض حلقات (كونان )التي تربي الأجيال وتعلمهم فنون الإجرام بأدق تفاصيله ليتحول الطفل لا إراديا من محقق هاوٍ إلى مجرم يخطط للجريمة الصغيرة فتكبر معه .
ترى أين الرقابة التربوية العربية من كل ذلك؟ أين حقوق الطفل الذي تنادون به ؟ وما أكثر الأمور التي تنادون بها ولا تطبقونها، أعلم بأنني أثرت غضب البعض بهذه العبارة لكن (كلمة الحق دائما تقف في الحلق لأنها كبيره ).
ولنكون منصفين، فالقناة المحلية وإن لم تكن بريئه فهي ليست أسوأ من القناة العربية المعروفة بـ «قناة العنف»، ففي القناة المحلية برامج ذات بعد تربوي لا بأس فيه مثل: دبدوب الحبوب، فلة والأقزام، عهد الأصدقاء، أنا وأخي ...
ولأن الأطفال سريعوا التأثر بكل ما يسمعوه ويشاهدوه كان حريا بلجان الثقافة والمسئولون عن برامج الأطفال في العالم العربي والخليجي على وجه الخصوص وبعد سنوات من الإستيراد، التوقف عن ذلك والبدء في إنتاج البرامج الخاصة بالأطفال (وأعني بها الرسوم المتحركة )بما يتماشى وحياتنا وتقاليدنا وواقع سلوكياتنا بعيدا عن العنف والخيال المبالغ فيه فالطفل العربي ليس غبيا إلى هذا الحد، وجديرا بي هنا أن أذكر وأذكر الناس بــ (افتح يا سمسم )وهو إنتاج خليجي مشترك ترك بصمته في ثمارها التي أينعت وهو الجيل الذي كبر معه وما زال يستذكره، لكنني أود أن أطرح عليكم حلا مؤقتا إلى أن يصحوا العرب من غفوتهم وهو حل أتبعته إحدى الأمهات في حل تلك المشكلة، تلك الأم قامت بمسح تلك القنوات الخرفه من حياتها وإستبدلتها بـمجموعة من ( CD )لمجموعة من الرسوم المتحركة القديم منها والجديد ولكن، هي تختاره وتنتقيه لصالح أبناءها، وبالفعل هم يجلسون يتابعون تلك الرسوم القديمة ويستمتعون بها ولم تعد لديهم الرغبة بتاتا في مشاهدة ما يعرض اليوم، ذلك حل سهل ويعطي نتائجه سريعا، فهل نحذو حذوها ؟
نعم، فلنفعل ذلك لأننا نواجه حرب طاحنة ونغرق في قلب صراع ثقافي غربي – شرقي يهدد أمن واستقرار مبادئنا وسمو عقولنا وأرواحنا النقية، لكنه يبدأه من الصفر ويستهدف الفئة الضعيفه وسريعة التأثر (الأطفال )إذن لنكن نحن أسرع في سباقنا المسلح بالإيمان ضد التيارات الغربية التي تخترق عقول الصغار بلا أي مبدأ تربوي، ولنتدارك الأمر قبل فوات الأوان (فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك )...الإمام علي (ع).
نوال الحوطه
العدد 2843 - الجمعة 18 يونيو 2010م الموافق 05 رجب 1431هـ
كلام جميل
ما شاء الله كلام جميل عجبتني طريقة العرض ..
أنا معك..
أنا مع الأخ علي محسن.. لم أفهم شيئا من هذا الكلام.. كأنه كلمات متفرقة.. بل هو كذلك
شــكــرا
الأخ الكبير في البيت بمنزلة الأب الحقيقي للمحبة والقوة والحنان بالنسبة للعائلة الواحدة و إذا غاب الوالد الحقيقي عن البيت الأخ الأكبر يحل مكانه يعامل أهل بيته مثل معاملة الأب من إحسان وأخلاق عالية و لين الكلام والمعاملة الطيبة الحسنة شكرا لأبرار مجدي على هذا الموضوع الرائع الشيق وإلى الأمام أكثر .
!!
ظلمٌ للشعر أن تضع الوسط .. أي قصيدة ترسل لها ..