الهيئات الحكومية البيروقراطية المعقدة تصبح أرضاً خصبة للفساد. ونقص الرقابة الداخلية والمراجعة يسمح للموظفين الحكوميين باستغلال سلطتهم في تقديم معاملة تفضيلية وقبول الرشا وتأخير تقديم الخدمات أو عدم تقديمها على الإطلاق لبعض الناس. والإجراءات المعقدة تجبر الناس على المشاركة في الفساد والتحايل على القوانين. وقد يستغرق تأسيس الشركة والحصول على جميع الأوراق اللازمة سنة كاملة، ويكون المواطن مطالباً بالقيام بعدد من الإجراءات التي قد تؤدي إلى دفع مبالغ معينة لموظفين حكوميين عندما تحين الفرصة لذلك من أجل.
كيف يتحقق الحكم الديمقراطي الصالح؟
الحصول على الرخصة أو التصريح المطلوب. وهذا يعطي المفسدين ميزة غير عادلة تميزهم عن غيرهم من ذوي السلوك السوي. ومن هنا تأتي أهمية إصلاح الهيئات الحكومية الغارقة في البيروقراطية وضعف الكفاءة. وأفضل طريقة لتنفيذ الإصلاح هي تنفيذ سلسلة من أعمال المراقبة الداخلية والخارجية.
توصيات بالسياسات التي تعمل على إصلاح الهيئات الحكومية
- تبسيط وتسهيل إجراءات التشغيل الداخلية في الوكالات الحكومية.
- وضع وتنفيذ مواثيق للشرف والسلوك.
- التقييم المنتظم لأداء الهيئات طبقاً لمعايير واضحة ومحددة.
- المراجعة المستقلة والمنتظمة للموازنات (وفي هذا الصدد قد يكون من المفيد جداً إنشاء هيئات مراجعة مستقلة على غرار مكتب المراجعة العامة في الولايات المتحدة الأميركية).
- المراجعة المنتظمة لأصول الموظفين العموميين ومصالحهم المالية.
- وضع قواعد واضحة وشفافة بشأن تضارب المصالح في القطاع العام. ففي كثير من الدول ما يزال من الممكن لموظفي الحكومة (أو أطفالهم أو زوجاتهم أو محاميهم) القيام بوظائف إضافية مدرّة للدخل في مؤسسات خاصة أو مملوكة للدولة أو استلام مكافآت أو أتعاب استشارية، إلخ. من مؤسسات خاصة. ويجب على الأقل الكشف عن مثل هذه العلاقات ومنع مثل أولئك الموظفين عن اتخاذ قرارات تؤثر على تلك المؤسسات. وكنتيجة طبيعية يجب بذل الجهود الرامية إلى تحديد قدرة الموظفين العموميين على ترك العمل الرسمي والانتقال إلى أعمال مدرّة لدخول أكبر في مؤسسات لها معاملات تجارية مع الوزارات أو الهيئات التي كانوا يعملون فيها.
- توفير الفرص المنتظمة للمستخدمين والموظفين للتعبير عن آرائهم ومخاوفهم. ومن المفيد جداً في هذا الصدد استخدام عمليات المسح التشخيصية أو بطاقات التسجيل.
- ضم مواطنين ومنظمات أهلية إلى هيئات المراقبة الحكومية.
- تنفيذ إجراءات لتحسين الهيئات ذات الأداء السيء بطريقة شاملة وفورية. ومن المهم جداً وضع أطر زمنية ومعايير تقييم لقياس الأعمال العلاجية.
تقوية قدرات الهيئات الحكومية الإدارية والتنفيذية: قد يصبح إصلاح وهيكلة الهيئات الحكومية وتقديم إرشادات وتكنولوجيات جديدة واحداً من التحديات التي نواجهها عندما يفتقر الموظفون المدنيون إلى التعليم الكافي وعندما يبقون في العمل في تلك الهيئات لعلاقاتهم الشخصية لا لمؤهلاتهم المهنية. في بعض الأحيان تعجز البيروقراطيات عن تقديم خدمات مناسبة لأنها لا تواكب التطورات الحديثة في اللوائح أو لأنهم لا يجدون الإمكانيات المالية الكافية وما إلى ذلك من الموارد الأخرى.
توصيات بالسياسات التي تعمل على تقوية قدرات الهيئات الحكومية الإدارية والتنفيذية.
-إيجاد موظفين مدنيين ذات مؤهلات جيدة عن طريق التعاقد وتطوير قاعد الموظفين وفق مستويات مهنية مؤكدة (من خلال اختبارات قياسية) وتقديم التدريب المهني على أحدث التكنولوجيات، ودفع رواتب كافية لجذب المهنيين المؤهلين جيداً، ومنع فرص التعامل بالرشوة، وجعل الترقية على أساس الأداء بدلاً من أن تكون حسب الأقدمية.
- توفير الموارد المالية والفنية الكافية لتطبيق القوانين تطبيقاً جيداً.
- تجربة أساليب جديدة لتخفيض التكاليف وتحسين فاعلية تنفيذ وتطبيق القوانين واللوائح وتشجيع كفاءة السوق.
تقوية الرقابة القانونية على السلطة التنفيذية: بالإضافة إلى تمثيل مصالح المواطنين ووضع السياسات والقوانين، تلعب السلطة القضائية دوراً مهماً في الحوكمة بمراقبة السلطة التنفيذية في تنفيذ السياسات. وتتم المراقبة بمساءلة كبار الموظفين الحكوميين، ومراجعة أو تأكيد التعيينات التنفيذية، وتوجيه الاتهام إلى الموظفين أو فصلهم، وتكوين لجان متخصصة تراقب تنفيذ السياسات في مجالات محددة، وعقد جلسات استماع عامة.
توصيات بالسياسات التي تعمل على تقوية الرقابة القانونية على السلطة التنفيذية
- يجب تشكيل لجان المراقبة التشريعية التي تراقب تنفيذ السياسات بواسطة السلطة التنفيذية في أكبر عدد ممكن من المجالات وخاصة في المجالات المتعلقة بالموازنة والمالية.
- تزويد اللجان بالموارد البشرية والفنية والمالية الكافية، ومن المهم بصفة خاصة أن تكون اللجان قادرة على إجراء بحوث شاملة. وعندما تكون الموارد نادرة، يجب على لجان المراقبة أن تطلب المساعدة من منظمات المجتمع المدني لتقديم البحوث والخبرات اللازمة بشأن الآثار المحتملة للسياسات العامة وبدائل السياسات.
إصلاح السلطة القضائية: يجب إصلاح وتقوية السلطة القضائية حتى تتمكن من تنفيذ القوانين بكفاءة وبصفة مستمرة ونزيهة، وبالتالي تحافظ على سيادة القانون وتوفير الفرصة للمواطنين لتقديم التظلمات.
ويعتبر مؤشر الإصلاح القضائي أداة مفيدة لتصميم مبادرة الإصلاح القضائي، وهو مؤشر وضعته نقابة المحامين الأميركية ويستخدم ثلاثين عنصراً في مجالات الجودة والتعليم والضمانات والمساءلة والشفافية والكفاءة لتقييم نظام الدولة القضائي ووضع خريطة طريق لجهود الإصلاح. ويمكن الحصول على مؤشر الإصلاح القضائي من الموقع التالي على شبكة الإنترنت:www.abanet.org/ceeli
توفير آليات بديلة لفض المنازعات: بالإضافة إلى إصلاح السلطة القضائية تعتبر الوسائل البديلة لحل المنازعات بواسطة التحكيم خارج قاعات المحاكم أداة من الأدوات التي تخفف العبء عن المحاكم وتؤدي إلى البت في الشكاوى والتظلمات بسرعة. وفي الدول التي تنظم التجارة بواسطة قوانين مدنية لا ترتبط بالسوابق القانونية (ومنها الكثير من دول أمريكا اللاتينية) من الممكن قلب القوانين واللوائح بقرارات رسمية، وهو إجراء يهدد الاستقرار. وقد يكون من الضروري من غالبية الأحيان القيام بمساءلة أفقية ومراجعة أوسع نطاقاً للتقليل من حدوث تغييرات جذرية متكررة في الإطار القانوني والقضائي وللحد من سوء استعمال السلطة الحكومية.
إقرأ أيضا لـ "جون سوليفان "العدد 2842 - الخميس 17 يونيو 2010م الموافق 04 رجب 1431هـ